27-يناير-2017

حملة اشتراكات جريدة البلد سنة 2014 (مواقع التواصل الاجتماعي)

في ظل أزمة الصحافة البيروتية، بعد إغلاق جريدة "السفير" وصرف "النهار" لدفعة جديدة من الموظفين، وبعد أزمة إعلام تيار "المستقبل" (الصحيفة والتلفزيون وإذاعة الشرق)، ها هي صحيفة "البلد" تمر بأزمة خانقة ربما تذهب بها إلى الإغلاق النهائي. لن تكون هذه المرة الأولى التي تمر بها الصحيفة بأزمة مشابهة، لكن يبدو أنها هذه المرة عاجزة تمامًا عن "دفع الأمور إلى حل نهائي"، خصوصًا وأن الإدارة تتعامل مع الملف بشيء من "الاستهتار"، وفق مصادر من الصحيفة.

يحتج موظفو جريدة "البلد" البيروتية لعدم دفع الإدارة رواتبهم وتماطلها في البحث عن حل للأزمة في ظل مخاوف من إغلاق الصحيفة نهائيًا

إذ تقول هذه المصادر، لموقع "ألترا صوت" إن "الإدارة رغم إضراب الموظفين عن العمل، وعدم إصدار الجريدة، صرحت أنها ستعاقب كل شخص يضرب وتخصم له من معاشاته"، على الرغم من أن معظم الموظفين لم يتقاضوا أجورهم منذ 5 أشهر. وهذه الأزمة، تتوج مسيرة أزمات مرت بها الصحيفة منذ انطلاقتها في المرة الأولى قبل 13 عامًا. فقد مرت الجريدة بـ"عجز" كبير، وبمحطات أدت بموظفين إلى تركها، وخسرت بالتالي جمهورًا على الرغم من عملها في تشجيع القراء على شرائها عبر إعلانات وهدايا وخطط تسويقية، وجوائز تبدأ من سحوبات على ربح سيارات فخمة وصولًا إلى هدايا رمزية، ومع مواسم مختلفة في الأعياد الدينية والوطنية والتقليدية المعروفة في لبنان، إضافة الى سياسة اشراكات سنوية "تشجيعية".  

اقرأ/ي أيضًا: هل صحافة بيروت في موت غير معلن؟

كل خطط الصحيفة، لم تسعفها يومًا لجذب قارىء دائم، فهي بقيت خارج المنافسة رغم أنها ضمت في فترة من الفترات فريقًا متكاملًا من الصحافيين المعروفين والمتميزين، من محمد أبو سمرا إلى طوني فرنسيس وعلي الأمين وعقاب صقر، وغيرهم. ورغم كل هذا التسويق "المبالغ" فيه، لم تضع الصحيفة نفسها في منافسة حقيقية مع "السفير" و "النهار" و"المستقبل" و"الأخبار". بقيت صاحبة صوت منخفض، لم يحدث فرقًا في يوميات العاصمة البيروتية.

إلا أن الصحيفة استطاعت الوصول إلى كل المناطق، فهي كانت تعتمد استراتيجية توزيع واسعة، نظرًا إلى وجود صحيفة "الوسيط" معها (إحدى إصدارات الصحيفة) وهي من أوائل الصحف الإعلانية في لبنان. إذ غطت الوسيط عجز الصحيفة الأم في أوقات كثيرة، لكنها لم تقدر على دفعها إلى الامام. ولم تحقق أي نجاح يذكر، رغم توزيعها بأرقام عالية نظرًا إلى تخفيض أسعار اشتراكاتها. لكن المسيرة التي بقيت 13 عامًا تهددها اليوم أزمة مرشحة إلى التفاقم. فالصعوبات المالية تتجلى أولًا، في عدم تقاضي معظم موظفي الصحيفة ومجلة "ليالينا" (التابعة للمجموعة نفسها "أوي") وجريدة "الوسيط" الإعلانية المرافقة، رواتبهم منذ 5 أشهر.

لم تسعف الخطط الإعلانية والتشجيعية صحيفة "البلد" على الخروج من أزماتها أو رفع نسبة قرائها أو دخولها السوق التنافسية

وانتفض العاملون في وجه الإدارة وقرّروا الاضراب وعدم إصدار عدد من الجريدة اليومية. لكن المفاجأة كانت في طريقة تعامل إدارة "البلد" معهم، إذ اتبعت سياسة تخويفهم بخصم أيام الإضراب من إجازاتهم، ولمّحت لهم إلى أنهم يقومون بخطوة غير قانونية ربما تعود بالضرر عليهم. وقد أعلن المضربون تمسكهم بموقفهم وأنهم سيرفعون دعوى إلى وزارة العمل، مع العلم أنه سبق للقائمين على الصحيفة أن قدموا عريضة للوزارة للتخلّص من نحو 20 موظفًا بسبب الأزمة المالية التي تعصف بالشركة، لكن الوزارة رفضت ذلك، على اعتبار أنّ أموال مبيعاتها تكفي لدفع الرواتب.

فهل يمكن أن تفجر هذه الأزمة توقف أحد الصحف البيروتية مجددًا، وهي تتجه إلى هذا المستوى من الاستخفاف بحقوق الموظفين والصحافيين، الذين يجدون أنفسهم معرضين ليكونوا في الشارع؟.

اقرأ/ي أيضًا:

ديك "النهار".. حين يتقيأ عنصرية ضد السوريين

المستشار الإعلامي بالنكهة اللبنانية