يعاني سكان محافظة حمص من تدهور شديد في الوضع الصحي، حيث يعبّر الأهالي عن قلقهم إزاء النقص الكبير في عدد الأطباء وتدني مستوى الخدمات الصحية في المستشفيات العامة والخاصة. ويتزامن هذا التدهور مع ارتفاع ملحوظ في أسعار المعاينات الطبية، مما يزيد من الأعباء المالية على الأهالي الذين يواجهون ظروفًا معيشية صعبة.
وأشار سمير طلاس، مريض كلى، لـ"الترا صوت" إلى التكلفة المرتفعة لجلسة الغسيل الواحدة، موضحًا أنه إذا لم ينتظر الدور في المشافي العامة والجمعيات، قد تصل تكلفة الجلسة إلى 300 ألف ليرة في المشافي الخاصة. وتشكّل هذه التكلفة عبئًا إضافيًا على المرضى الذين لا يستطيعون تحملها في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الراهنة.
وتزداد معاناة سكان حمص نتيجة النقص الحاد في الأطباء والكادر الطبي. وتشير سحر مغربل، إحدى سكان المدينة، لـ"الترا صوت" إلى أن الأهالي يضطرون إلى تحمل التكاليف الباهظة لإجراء عمليات جراحية معقدة، مثل عمليات القسطرة القلبية والقلب المفتوح وتركيب الشبكات. كما يواجهون مشقة السفر إلى دمشق لتلقي العلاج لأمراض السرطان، بسبب عدم وجود مركز طبي متخصص في هذا المجال.
الواقع الصحي في المستشفيات العامة
أكد مدير الصحة في حمص، الدكتور رضا العمر، في حديثه لـ"الترا صوت"، أن نقص الكوادر والمعدات الطبية في المستشفيات العامة يفاقم الوضع الصحي في المدينة. وأشار إلى أن المحافظة تضم 18 مستشفى، في الريف والمدينة، منها 6 خارج الخدمة، بينما تعمل 5 مستشفيات فقط بالحد الأدنى من طاقتها التشغيلية. وأضاف أن معظم المستشفيات تعرضت للدمار بسبب العمليات العسكرية التي نفذها النظام السابق، مما أدى إلى خروجها عن الخدمة أو تراجع قدرتها على تقديم الخدمات اللازمة للسكان.
يستدعي الوضع الطبي في مدينة حمص تدخلًا عاجلًا من وزارة الصحة والمنظمات الدولية والمحلية بشكل أكثر فعالية، يشمل دعم إعادة تأهيل المستشفيات وتوفير الأطباء والمعدات الطبية
وأكد أن الكوادر الطبية بحاجة إلى إعادة تأهيل نتيجة النقص في الاختصاصات المطلوبة، مشيرًا إلى أن التوظيف كان يتم سابقًا عن طريق "الواسطة"، مما أسفر عن شغور العديد من المناصب الإدارية في ظل العجز الطبي الحاصل.
وأشاد الدكتور العمر بدور المبادرات الأهلية في المدينة، حيث يسهم تطوع الأطباء بالتعاون مع وزارة الصحة في تلبية الاحتياجات العاجلة، مثل تأمين عيادات للمعتقلين الذين خرجوا من سجن صيدنايا. وأكد أن المستشفيات بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل وترميم، إلى جانب الدعم اللوجستي وتوفير الأجهزة والمعدات الطبية الضرورية.
منظومة الإسعاف: الحاجة إلى إعادة تأهيل
في السياق نفسه، قال مشرف منظومة الإسعاف، الدكتور طارق دروبي، إن المنظومة تحتاج إلى إعادة تأهيل بالكامل يشمل المعدات والسيارات. وأشار إلى أن المنظومة تضم حاليًا 8 مراكز في المدينة، و9 في الريف، لكنها تعاني من نقص في الكوادر والوقود، مما يصعّب الوصول إلى جميع المناطق. وأضاف أن المنظومة قدمت مقترحًا لخطة مستقبلية تشمل تعزيز السيارات والمعدات، إضافةً إلى إعادة تأهيل الكوادر وتدريبها.
وفي حديث مع مراسلة "الترا صوت"، أوضحت الدكتورة ناهد الدالاتي، رئيسة مخبر المركز الصحي في بابا عمرو، أن المخبر لا يوفر جميع التحاليل، مما يجبر المرضى على التوجه إلى أماكن أخرى لإجراء التحاليل، وبالتالي يزيد من تكاليفهم المالية. كما أشارت إلى وجود نقص حاد في الأدوية المجانية، خاصةً الأدوية المخصصة للأمراض المزمنة. وأضافت أن العمل في هذا المجال، قبل سقوط النظام، كان يعتمد على مبادرات فردية تهدف إلى تأمين الدواء مجانًا للعائلات الفقيرة.
يواجه سكان مدينة حمص تحديات كبيرة في الحصول على الرعاية الطبية اللازمة، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا من وزارة الصحة والمنظمات الدولية والمحلية بشكل أكثر فعالية، يشمل تقديم الدعم لإعادة تأهيل المستشفيات، وتوفير الأطباء والمعدات الطبية، مع التركيز على ضرورة تخفيف الأعباء المالية عن المواطنين، الذين يعانون من أوضاع معيشية متردية.