04-يونيو-2023
جنود قوة كوسوفو أمام مبنى بلدية زفيشان (GETTY)

جنود قوة كوسوفو أمام مبنى بلدية زفيشان (GETTY)

نشرت صحيفة "لوموند"  الفرنسية، تقريرًا عن الأزمة التي يشهدها شمال كوسوفو، وأشارت إلى أن التوترات الأخيرة هي الأكثر عنفًا منذ عدة سنوات، ولكنها ليست سوى حلقة من أزمة مستمرة منذ حرب 1999، وإعلان كوسوفو استقلالها في عام 2008، وتولد هذا الأزمة، أحيانًا توترات أمنية، كما حصل أواخر  عام 2022. 

 الأزمة في شمال كوسوفو، هى حلقة من أزمة مستمرة منذ حرب 1999، تولد أحيانًا توترات أمنية، كما حصل أواخر  عام 2022

توتر مستمر

تقول الصحيفة الفرنسية، إن الاشتباكات اندلعت بعد قرار حكومة بريشتينا إلغاء اعترافها بلوحات ترقيم السيارات الصربية التي يستخدمها سكان المناطق الشمالية من الأقلية الصربية، وكرد فعل على هذا القرار، قدم رجال الأمن وغيرهم من العاملين في الوظائف الحكومية من الصرب استقالاتهم من العمل في المؤسسات الحكومية، نما دفع حكومة بريشتينا إلى تنظم انتخابات مبكرة، قاطعتها الأقلية الصربية.

وبعد إجراء الانتخابات، والإعلان عن تشكيل مجالس بلدية جديدة، سارع أبناء الأقلية الصربية إلى رفض الاعتراف بالمجالس الجديدة.

وفي 26 أيار/مايو 2023، دخل سكان البلديات الأربعة من الأقلية الصربية، في مواجهات مع المنتخبين الجدد الذين رافقهم أفراد من شرطة كوسوفو، لتمكينهم من الوصول لمقرات البلديات، لمباشرة مهامهم.

واتهم رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي، بلغراد بـتصعيد الوضع في شمال كوسوفو، حيث أصيب 80 شخصًا في وقت سابق من هذا الأسبوع، في اشتباك بين المتظاهرين الصرب وجنود من قوة التدخل التابعة لحلف شمال الأطلسي، حيث وجدت بلدية  مدينة زفيشان، التي يحميها جنود قوة كوسوفو، نفسها محاطة بمئات المتظاهرين المعارضين للحكومة المركزية في بريشتينا.

وتشير الصحيفة الفرنسية، إلى أن صربيا متشبثة بكوسوفو، ولا تزال مُصرّة على عدم الاعتراف بها ككيان مستقل، وألقت الحادثة التي وقعت في بطولة "Roland-Garros" الدولية للتنس بفرنسا الأسبوع الماضي، الضوء على مدى الأزمة العميقة في العلاقة بين بلغراد وبريشتينا، عندما أثار لاعب كرة التنس الصربي نوفاك دجوكوفيتش ضجة، بعدما كتب على إحدى الكاميرات "كوسوفو هي قلب صربيا. أوقفوا العنف".

يكتب نوفاك ديوكوفيتش، بيانًا سياسيًا على عدسة الكاميرا "كوسوفو هي قلب صربيا"

استغلال سياسي

تنقل "لوموند" عن خبراء قولهم، إن  الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش، يحاول استغلال أزمة كوسوفو، لتحويل الأنظار عن الأزمة الداخلية التي يعانيها نظامه، بسبب انتشار الفساد.

بالمقابل، ذكر التقرير أن دولًا غربية، من بينها الولايات المتحدة وفرنسا، انتقدت الخطوات التي أقدمت عليها سلطات بريشتينا، وساهمت في تدهور الأوضاع، نتيجة قيامها بإرسال المنتخبين من أصول ألبانية لتسلم مهامهم في البلدات التي تتواجد فيها أكثرية صربية.

تشير الصحيفة الفرنسية، إلى أن صربيا وكوسوفو من الدول المرشحة لدخول الاتحاد الأوروبي، لكن بسبب الخلافات العميقة بينهما، وعدم اعتراف صربيا بكوسوفو كدولة مستقلة، عُلق انضمامهم للاتحاد. ويلعب الاتحاد الأوروبي، دورًا مهمًا لضمان الاستقرار في البلقان، لقدرته على إبقاء هذه المنطقة بعيدة عن الصراعات الإقليمية.

حضور روسي

ينتقل التقرير، للحديث عن الدور الروسي في الأزمة الحالية، حيث تقول "لوموند"، إن مصالح اقتصادية عدة تجمع بين موسكو وبلغراد، خاصة في مجال الطاقة، وتشير الصحيفة الفرنسية، إلى الجانب الديني من الموضوع، حيث يعتنق سكان روسيا وصربيا، المسيحية وفق المذهب الأرثوذكسي. فضلًا عن أن الرأي العام في صربيا يتبنى المواقف الروسية، وهناك قاعدة شعبية كبيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في البلاد، حيث يعتبر الشخص الوحيد الذي وقف في وجه الولايات المتحدة، عندما شنت حملتها العسكرية عام 1999 ضد صربيا.

دخل سكان البلديات من الأقلية الصربية، في مواجهات مع المنتخبين الجدد

وتكشفت "لوموند"، أن روسيا تدعم صربيا لتحقيق أهداف استراتيجية عديدة، من بينها إضعاف الدول الغربية، مستغلة عدم اعتراف 5 أعضاء من الاتحاد الأوروبي بكوسوفو كدولة مستقلة، وهي إسبانيا، واليونان، ورومانيا، وسلوفاكيا، وقبرص، علمًا بأن كل هذه الدول، باستثناء قبرص، أعضاء في حلف شمال الأطلسي.

وضع كوسوفو القانوني

تحيط بكوسوفو، كل من صربيا، والجبل الأسود، ومقدونيا، وألبانيا، ومقارنة بدول المنطقة تعتبر دولة صغيرة، حيث يبلغ عدد سكانها نحو 1.8 مليون نسمة، وقد أعلنت استقلالها عام 2008، وتعترف بها 100 دولة، ولا تزال صربيا ترفض الاعتراف بها.

تدعم روسيا صربيا لتحقيق أهداف إستراتيجية عديدة، بينها إضعاف الدول الغربية، مستغلة عدم اعتراف 5 أعضاء من الاتحاد الأوروبي بكوسوفو كدولة مستقلة

وبعد انتهاء عمليات قصف حلف الشمال الأطلسي لصربيا، وقواتها في كوسوفو، واضطرار الرئيس السابق سلوبودان ميلوسيفيتش إلى إعلان الانسحاب من كوسوفو، مقابل وقف ضربات الحلف عام 1999، حيث تم التوقيع في حزيران/يونيو 1999 على معاهدة سلام سميت "كومانوفو"، ونصت على تعويض القوات الصربية بقوات دولية، فانسحبت القوات الصربية، وعاد نحو مليون ألباني إلى كوسوفو، فيما استقرت الأقلية الصربية في شمال كوسوفو.