أبلغت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، جالي بهراف-ميارا، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه لا يملك الصلاحية القانونية لإقالة رئيس جهاز "الشاباك"، رونين بار، بشكل تعسفي. وأوضحت أن أي خطوة من هذا النوع تتطلب مراجعة قانونية مسبقة قبل اتخاذ قرار نهائي.
ووفقًا لما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وجهت بهراف-ميارا رسالة رسمية إلى نتنياهو، أكدت فيها أن إقالة رئيس "الشاباك" دون استكمال التدقيق القانوني قد تشكل سابقة خطيرة، وتنطوي على تضارب في المصالح، مضيفة: "لا يمكنك اتخاذ مثل هذا القرار قبل مراجعة الأسس القانونية والوقائع التي تستند إليها قراراتك، بالإضافة إلى مدى صلاحيتك القانونية في هذا التوقيت الحساس".
وجهت بهراف-ميارا رسالة رسمية إلى نتنياهو، أكدت فيها أن إقالة رئيس "الشاباك" دون استكمال التدقيق القانوني قد تشكل سابقة خطيرة
يأتي هذا التصعيد بعد اجتماع عاجل جمع نتنياهو مع رونين بار، أبلغه خلاله بقرار الإقالة، دون استشارة المستشارة القضائية للحكومة، كما تقتضي الأعراف القانونية، مما أثار ردود فعل غاضبة داخل المؤسسة القضائية والأمنية.
تحذيرات قانونية وموقف حاسم من القضاء
من جانبه، أكد نائب المستشارة القضائية للحكومة، غيل ليمون، أن نتنياهو لا يملك السلطة القانونية لتنحية رئيس "الشاباك" قبل استيفاء الإجراءات اللازمة. وأوضح أن إقالة رئيس جهاز أمني بهذه الحساسية يجب أن تخضع لمراجعة دقيقة، وأن القرار النهائي يعود للحكومة بأكملها، وليس لرئيس الوزراء منفردًا.
وأضاف ليمون أن أي قرار من هذا النوع يجب أن يكون مدعومًا بأسباب موضوعية واضحة، تستند إلى وقائع موثقة، بعيدًا عن أي دوافع سياسية أو شخصية، محذرًا من أن التحرك دون سند قانوني قد يؤدي إلى أزمة دستورية غير مسبوقة في إسرائيل.
🎥 ناشطون متضامنون مع #فلسطين يعلقون ملصقات تطالب باعتقال نتنياهو في #لندن. pic.twitter.com/p3BOYHRZSu
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 20, 2024
رونين بار يرفض الإقالة ويصر على البقاء
في مواجهة القرار، أعلن رونين بار رفضه القاطع لقرار نتنياهو، مؤكدًا أنه لن يتنحى عن منصبه في هذه "المرحلة الحساسة"، وأنه سيواصل أداء مهامه حتى استكمال "التحقيقات الأمنية الجارية، وضمان عودة المحتجزين من قطاع غزة".
وقال بار في بيان رسمي: "مسؤوليتي الوطنية تحتم عليّ البقاء في منصبي خلال هذه الفترة الحرجة، خاصة مع تصاعد التوترات الأمنية والاحتمال الحقيقي لتجدد القتال في غزة".
عاصفة سياسية واتهامات متبادلة
قرار الإقالة فجّر عاصفة سياسية داخل إسرائيل، حيث اعتبرته أحزاب المعارضة محاولة جديدة من نتنياهو للهيمنة على المؤسسات الأمنية، والتلاعب بالتحقيقات الجارية بشأن أحداث 7 أكتوبر.
وصف، رئيس حزب "الديمقراطيون"، يائير غولان، القرار بأنه "محاولة يائسة من رئيس وزراء متهم بالفساد للتخلص من شخصية أمنية تحقق في قضايا حساسة مرتبطة بمكتبه"، مؤكدًا أن "الخطوة مرتبطة بالتحقيقات الجارية حول قضايا أمنية وتجسس داخل مكتب رئيس الوزراء".
أما رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، فاتهم نتنياهو بتحمل "المسؤولية الكاملة عن الفشل الأمني الأكبر في تاريخ إسرائيل"، مؤكدًا أنه كان عليه الاستقالة منذ فترة طويلة.
🎥 متظاهرون في #هلسنكي يجسدون اعتقال نتنياهو ويجولون فيه بالمدينة. pic.twitter.com/0NH7O1z4Ub
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 14, 2025
بدوره، أعلن زعيم حزب "هناك مستقبل"، يائير لابيد، أن المعارضة ستقدم عريضة قانونية ضد قرارات الإقالة التي يصدرها نتنياهو، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء "يضع مصالحه الخاصة فوق مصلحة الدولة وأمنها".
وأضاف لابيد أن نتنياهو يحاول إلقاء اللوم على المؤسسات الأمنية وتحميلها مسؤولية فشله في إدارة الأزمة الأمنية، مؤكدًا أن "كل محاولاته لتحويل المسؤولية عن كارثة 7 أكتوبر لن تنجح".
ووصف بيني غانتس، رئيس حزب "المعسكر الرسمي"، القرار بأنه "انتهاك مباشر لأمن إسرائيل"، محذرًا من أن "تفكيك المؤسسات الأمنية لخدمة أجندة سياسية شخصية سيؤدي إلى كارثة".
أما حركة "من أجل جودة الحكم"، فقد اعتبرت الخطوة "تصرفًا مافيويًا لا يمكن التغاضي عنه"، داعية المستشارة القضائية إلى اتخاذ موقف حاسم ضد نتنياهو ومنعه من المضي قدمًا في القرار.
دعم من اليمين المتطرف
في المقابل، حصل نتنياهو على دعم قوي من حلفائه في اليمين المتطرف. قال وزير الاتصالات، شلومو كارعي، إن "إقالة رئيس الشاباك كانت ضرورية وفورية"، متهمًا رونين بار بأنه "تحول إلى ديكتاتور يحظى بحماية النائب العام، ويقوض أمن إسرائيل".
كما أكد وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أن "استبدال رئيس الشاباك خطوة ضرورية لضمان استقرار الأمن القومي".
أما وزير الأمن القومي المستقيل، إيتمار بن غفير، فأعلن دعمه الكامل للقرار، قائلًا: "طالبت بإقالة رونين بار منذ فترة طويلة، ونتنياهو فعل الصواب أخيرًا".
نتنياهو يبرر قراره: "مسألة ثقة"
في بيان رسمي، دافع نتنياهو عن قراره، مؤكدًا أنه سيعرض مقترح إقالة رئيس الشاباك على الحكومة للمصادقة عليه يوم الأربعاء. وقال نتنياهو: "نحن في حرب وجودية على سبع جبهات، وهذه المرحلة الحرجة تتطلب ثقة كاملة بين رئيس الوزراء ورئيس الشاباك"، مضيفًا أن "خطوته تهدف إلى إعادة تأهيل الجهاز الأمني وتحقيق أهداف الحرب ومنع وقوع كوارث أمنية أخرى"، وفق قوله.
صعّد نتنياهو من تهديداته باستئناف الحرب على #غزة، مؤكدًا أن إسرائيل ستستأنف العمليات العسكرية على القطاع إذا لم تُفرج حركة حـ ـمـ ـاس عن المحتجزين لديها بحلول ظهر السبت المقبل. pic.twitter.com/uytGujrDxE
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 13, 2025
احتجاجات مرتقبة وتصاعد الغضب الشعبي
في ظل هذه الأزمة، دعا عدد من قادة المعارضة إلى احتجاجات واسعة ضد قرارات نتنياهو، محذرين من أن رئيس الوزراء "يسعى لإحكام قبضته على الدولة، ويهدد استقلالية المؤسسات الأمنية والقضائية".
وشهد وسط تل أبيب، مساء الأحد، احتجاجات تندد بقرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إقالة رئيس جهاز "الشاباك"، رونين بار. ووفقًا لما نقلته القناة 12 العبرية، فقد تجمع مئات المتظاهرين في منطقة كابلان وسط المدينة، حيث أغلقوا عددًا من الشوارع الرئيسية، معبرين عن رفضهم لقرار الإقالة. ورفع المحتجون لافتات تطالب نتنياهو بالاستقالة، معتبرين أن رحيله عن السلطة أولى من إقالة رئيس جهاز "الشاباك"، في إشارة إلى تصاعد التوترات الداخلية عقب القرار المثير للجدل.