16-أكتوبر-2021

إيفرغراند، عملاق التطوير العقاري في الصين (Getty)

ألترا صوت- فريق التحرير

لا تزال تداعيات أزمة شركة " إيفيرغراند " عملاق التطوير العقاري في الصين تتفاعل، حيث ذكر موقع " إي بي سي نيوز " أن وكالة ستاندرد إند بورز خفّضت تصنيف اثنتين من أكبر الشركات العقارية في الصين هما جرينلاند هولدنجز وإي هاوس، محذرًا من أنه قد يتم تخفيض التصنيف أكثر في المستقبل. وكانت أسهم شركة إيفير غراند قد تهاوت نهاية شهر أيلول \ سبتمبر، قبل أن يتمّ تعليقها من التداول، بعد الكشف خلال الشهر الماضي عن تعثّر الشركة في سداد ديونها لمستحقيها.

في التفاصيل، تعدّ " إيفيرغراند " الصينية، واحدة من أكبر الشركات العقارية في العالم، وهي تمتلك 1300 مشروع سكني في أكثر من 280 مدينة، وتوسّعت نشاطات الشركة في السنوات الأخيرة  لتتجاوز مجال بناء العقارات والإتجار بها، وتدخل عالم الاستثمار في كرة القدم، السيارات الكهربائية، المياه المعدنية ومجالات أخرى.

بحسب موقع بلومبرغ، بدأت أزمة إيفيرغراند في العام 2020، بعد تضارب المعلومات حول إرسال الشركة خطابًا إلى حكومة جوانجدونغ، تحذّر فيها المسؤولين من أزمة سيولة محتملة، وقد تمّ تجاوز الأزمة يومها، بعد تنازل مجموعة من المستثمرين عن حقهم بقرض بقيمة 13 مليار دولار. وخلال شهر أيلول \ سبتمبر الماضي، أعلنت الشركة عجزها عن دفع مستحقات مالية متوجّبة عليها للدائنين، بسبب عدم امتلاكها للسيولة، ما انعكس سلبًا على أسواق المال العالمية.

مدن اشباح في الصين

تحت عنوان " مدن الأشباح : أزمة إيفيرغراند تسلّط الضوء على ملايين المنازل الخالية في الصين "، قالت وكالة سي إن إن الأمريكية  الجمعة، إن أزمة إيفيرغراند لا تزال تحظى باهتمام عالمي، حيث ينتظر المستثمرون ليروا ما سيحصل لجبل ديونها الهائل، فيما يشير المحللون الإقتصاديون إلى وجود أزمة أساسية أعمق، تتمثل بانكماش سوق العقارات الصيني، بعد سنوات من فائض العرض، وأشارت الوكالة إلى أنه حتى قبل انهيار إيفرغراند، كانت هناك ملايين الشقق السكنية الفارغة في الصين على الداوم، وفي السنوات الأخيرة تفاقمت المشكلة أكثر.

اقرأ/ي أيضًا: ارتدادات كورونا الاقتصادية الطويلة الأمد

ونقلت الوكالة عن مارك ويليامز كبير الإقتصاديين الأسيويين في كابيتال إيكونوميكس ، إشارته إلى أن الصين لا يزال لديها 30 مليون عقار غير مباع، يمكنها أن تستوعب 80 مليون شخص، أي ما يوازي عدد سكان ألمانيا، بالإضافة إلى حوالى 100 مليون عقار، تمّ شراؤها بدون أن يتم شغلها على الأرجح، فأُطلق عليها في الصين لقب " مدن الأشباح ".

في الشهر الماضي، أعلنت إيفرغراند عجزها عن دفع مستحقات مالية متوجّبة عليها للدائنين، بسبب عدم امتلاكها للسيولة، ما انعكس سلبًا على أسواق المال العالمية.

موقع " ساوث تشاينا مورنيغ برس " رأى أن أهم مؤشر للآثار غير المباشرة الخطيرة لأزمة "إيفرغراند "، تتمثّل في ارتفاع متوسط العائد على السندات الصينية المقوّمة بالدولار الأمريكي، فبحسب مؤشر " أي سي أي بنك أوف أميريكا "، ارتفع المتوسط من 13 % في الشهر الماضي، إلى 22 % اليوم، وسط الضغوط المالية الحادّة التي تمزّق سوق العقارات الصيني. الموقع ذكر أيضًا أنه في ظل التخوّف من انتقال عدوى عدم القدرة على سداد الديون المستحقة إلى عدد أكبر من الشركات الصينية، يتوقّع المستثمرون أن تخفف حكومة بكين بعض القيود الصارمة على سوق العقارات، ومنع ضغوط الإئتمان  الخارجية من السيطرة على السوق المحلية، وللحدّ أيضًا من الأضرار التي تلحق بالاقتصاد الصيني المتباطئ.

تراجع في الأسهم والسندات الصينية

وأشارت وكالة رويترز الخميس في الـ 14 من تشرين الأول \ أكتوبر، إلى أن أسهم وسندات الشركات العقارية الصينية، سجّلت تراجعًا في سوق البورصة، ما يعكس حالة عدم اليقين في ما يخصّ معالجة أزمة مجموعة " إيفيرغراند "، بالرغم من أن الشركة التي تعدّ الأكثر مديونية في العالم، حقّقت تقدّمًا طفيفًا في هذا المجال، بعدما أعلنت إحدى شركات المفروشات العملاقة، شراء  40 % من أسهم إيفيرغراند، مع العلم أن الأخيرة كانت تحاول بيع قسم من أصولها، بهدف جمع بعض الأموال لتدارك الأزمة.

ويرى موقع " ذا أتلانتيك " أن المشكلات التي  تواجهها إيفيرغراند اليوم، تكشف نقاط الضعف الخطيرة وغير المعترف بها في الإقتصاد الصيني، والتي يمكن أن تعرقل سعي بكين لتحدّي التفوق الأمريكي على المسرح العالمي، وبالرغم من أن المسؤولين في واشنطن يؤمنون بأن الإقتصاد الصيني ومستقبله، يقوم بالأساس على تكنولوجيا الهاتف المحمول 5G والذكاء الاصطناعي، لا على مؤسسة تقوم ببيع الشقق السكنية، فإن هذا لا يلغي حقيقة الاختلال في توازن القوى العالمي في المستقبل، نتيجةً لأزمة الشركات العقارية في الصين، لأنه يمثّل مدى انهيار النموذج الاقتصادي الصيني حقًا، دائمًا بحسب " ذا اتلانتيك ".

صحيفة فاينينشال تايمز قالت إن مبيعات السندات الدولية من قبل المطوّرين الصينيين، توقّفت تمامًا بسبب أزمة " إيفيرغراند "، وذكرت أن بيع الشركة ذات المديونية الكبيرة،  لسندات بقيمة 102 مليون دولار، لم ينجح في سد النقص الكبير في التمويل، ونقلت عن مصرفيين ومستثمرين كبار، إشارتهم إلى أن الظروف ستزداد سوءًا على الأرجح، في حال لم تتدخل حكومة بكين لمعالجة الأزمة، كما نقلت الفايننينشال تايمز عن مصرفي بارز في أحد الأسواق الأوروبية، قوله إن السوق الصينية أصبحت كئيبة إلى حدّ ما، وأشار إلى أن ثلث المطوّرين الصينين، الذين يبلغ عددهم 60 تقريبًا، ولديهم ديون بالدولار الأمريكي، يمكن أن ينتهي بهم الأمر مجمّدين بشكل دائم خارج التمويل الدولي، ممّا يزيد من تراجع تدفّق الصفقات الخارجية.

 اهتمام عالمي  بقضية إيفيرغراند

الصحفية صوفيا هورتا إي  كوستا الخبيرة في الاقتصاد الصيني، نشرت في تغريدة على صفحتها على تويتر،  معلومات عن تعثّر عدد من الشركات الصينية عن دفع مستحقاتها لدائنيها، وحدوث استقالات في بعض هذه الشركات، ونشرت في سلسلة تغريدات أخرى اللائحة التي أعدّها مركز سيتي، حول مواعيد استحقاق الديون للشركات الصينية الكبرى، ناهيك عن إيفيرغراند وفانتازيا، اللتين فوّتتا بالفعل مواعيد الدفع.

 

مؤلف كتاب انهيار الصين والحرب التكنولوجية الكبرى بين الصين والولايات المتّحدة جودون تشانغ، قال أنّ أيفرغراند فوّتت ثالث دفعة من السندات، وفشلت فانتازيا في دفع 260 مليون دولار، فيما يبدو من شبه المؤكّد، أن اثنين من المقترضين الآخرين سيفشلان قريبًا في دفع مستحقاتهم، وفي غضون ذلك يستمر  انخفاض قيمة السندات في الصين، وتساءل : " هل تستطيع الصين إيقاف الهزيمة ؟"

الكاتب والناشر الهندي منهاز مرشانت، المتخصّص بالشؤون المالية والاقتصادية، قال إن الانهيار البطيء لعملاق العقارات الصيني " إيفيرغراند "، يشير إلى توعّك أعمق، فالصين تواجه اليوم عاصفة شديدة بسبب نزاعاتها مع جيرانها ومع الغرب، واقتصادها متباطئ وسلطوي.

خوف على مصير المشاريع المرتبطة بإيفيرغراند

بالحديث عن الأضرار الجانبية لأزمة " إيفيرغراند " تساءل موقع " ذا كونفرزايشن "، عن مصير استثمارات الشركة في مجال كرة القدم، وتحديدًا  في نادي غانزو الذي اشترته إيفيرغراند بالشراكة مع مجموعة علي بابا ، وأصبح تحت إدارتها أغنى الفرق الصينية وأقواها، وتعاقد مع لاعبين عالميين خلال السنوات الماضية، بدون أن تنجح الصين في تسجيل تطوّر في مجال كرة القدم، فيما نجدّ منتخبها الوطني اليوم يستعد للخروج من تصفيات مونديال قطر 2022.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كتاب "نموذج الصين".. الجدارة السياسية وحدود الديموقراطية

"الذئب المحارب".. دبلوماسية الصين الرقمية