23-أغسطس-2016

مجلس النواب الليبي خلال اجتماع سابق (Getty)

رفض برلمان طبرق منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، في جلسة مفاجئة بحضور 102 من النواب، حيث صوت 61 نائب برفض منح الثقة لحكومة فايز السراج مقابل امتناع 40 نائب عن التصويت فيما صوت نائب واحد لصالح منح الثقة للحكومة.

 خطوة عقيلة صالح في إثارة موضوع التصويت على منح الثقة للحكومة، قد تكون محاولة منه للتشبث بدور سياسي أخذ بالتراجع 

الإجراء الذي قام به رئيس البرلمان عقيلة صالح كان مفاجئًا لعدد من أعضاء البرلمان والذين استنكروا واستهجنوا مثل هذه الخطوة التي تسهم في تعميق الأزمة السياسية الداخلية الليبية. فقد صرح النائب الثاني لرئيس مجلس النواب إحميد حومه لصحيفة "بوابة الوسط" الإلكترونية بأنّ جدول الأعمال المتفق عليه خلال جلسة يوم الاثنين الموافق 22/08 بمدينة طبرق تمّ "تغييره بشكل مفاجئ"، لاسيما أنّ جدول الأعمال المتفق عليه كان قد تضمّن بندين هما مناقشة مشروع الاستفتاء على صياغة مشروع الدستور، والقانون رقم 4 الخاص باللائحة الداخلية للمجلس، وما يستجد من أعمال.

اقرأ/ي أيضًا: بلومبرج تلوم السيسي على تراجع الاقتصاد المصري

إن أزمة منح الحكومة الثقة من برلمان طبرق ليست بالجديدة بل تزامنت مع وصول حكومة السراج الى طرابلس، فلم يعقد برلمان طبرق جلسة لمنح الثقة للحكومة وأداء اليمين الدستورية كي يتسنى لها الشروع بتنفيذ برنامجها وتفعيل عمل الوزارات وتمكينها من استلام مهامها.

لكن ما جرى هو صياغة بيان وقع عليه 103 نائب بغية الموافقة على تشكيل الحكومة دون أداء اليمين الدستوري ومنح الثقة لها تحت قبة البرلمان وهو ما عكس الانقسام الحاد داخل المؤسسة التشريعية بين تيارين أحدهما مؤيد منح الثقة للحكومة وآخر معارض يتزعمه رئيس البرلمان عقيلة صالح، ويتمسك التيار الأخير بالمادة الثالثة عشر من اتفاق الصخيرات التي تنص على أن البرلمان المنتخب في حزيران/يونيو 2014 هو الذي يتولى سلطة التشريع للمرحلة الانتقالية، والمخول بمنح الثقة للحكومة وسحبها.

اقرأ/ي أيضًا: ترامب يغير لهجته بخصوص الهجرة إلى أمريكا

كما تُعتبر المادة الثامنة من الاتفاق نقطة خلافية بحكم أنها تمنح مجلس رئاسة الوزراء اختصاصات واسعة بمجرد حصوله على ثقة البرلمان (كالقيام بأعمال القائد العام للجيش الليبي، وتعيين وإقالة رئيس جهاز المخابرات العامة، وتعيين وإعفاء السفراء وممثلي ليبيا في المنظمات الدولية، بالإضافة إلى تعيين كبار الموظفين واعفائهم من مهامهم)، مما يعني تقليص صلاحيات ونفوذ البرلمان والأطراف السياسية الأخرى، ويستند أنصار هذا الادعاء على التوافق الأمريكي - الأوروبي الذي صاحبه ضغط ترتفع وتيرته إلى حد التلويح باللجوء إلى القوة لتأكيد سيطرة حكومة السراج وفرض عقوبات على القادة السياسيين المعطلين لاتفاق الصخيرات (طالت عقيلة صالح).

الخطوة التي قام بها عقيلة صالح تأتي في وقت تحقق فيه القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني انتصارات مهمة في مدينة سرت في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، تلك القوات التي تنفذ عملية عسكرية تحمل اسم "البنيان المرصوص" منذ بداية شهر أيار/مايو الماضي.

الأمر الذي يعني أن حكومة السراج انتزعت شرعية دولية في محاربة الإرهاب في المنطقة الواقعة بين مصراته وسرت من ناحية، وشرعية داخلية من خلال التسويات السياسية التي قامت بها مع عدد من كتائب الثوار وعلى وجه الخصوص المجلس العسكري لمدينة مصراتة وهو القوة العسكرية الأهم على الساحة الليبية حاليًا والمكون الأساسي لقوات "البنيان المرصوص" وكذلك حرس المنشآت النفطية القوة العسكرية المسيطرة على أهم مصادر الطاقة في منطقة الهلال النفطي، وكذلك تأييد عدد من كتائب الثوار في غرب ليبيا لحكومة السراج والمصالحات التي جرت مؤخرًا في تونس بين أعيان من قبيلة العبيدات وأعيان مدينة مصراتة مع تعهد رئيس الحكومة السراج ببناء جيش موحد يحفظ الأمن والاستقرار في كامل الجغرافيا الليبية.

وبالتالي فإن ثقة البرلمان لم تعد بالأمر المهم بالنسبة لتسارع الأحداث في الغرب الليبي، من هنا يمكن فهم خطوة عقيلة صالح في إثارة موضوع قديم وهو التصويت على منح الثقة للحكومة، على أهميته القانونية والدستورية، في محاولة منه للبحث عن دور سياسي أخذ بالتراجع مع عدم قدرة الجيش الليبي في الشرق تحت قيادة حفتر بتحقيق أي انتصار يذكر على "داعش". وفي ظل الحديث عن تراجع دعم القوى الإقليمية لتيار حفتر-صالح وتحول تلك القوى بضغوط أمريكية-أوروبية لدعم حكومة الوفاق الوطني على اعتبارها هي الحكومة الشرعية الوحيدة في البلاد.

اقرأ/ي أيضًا:

النازحون في العراق..مخيمات الموت المهملة

2016..النظرية التي تفسر عامًا سيئًا للغاية