19-فبراير-2025
البنك الدولي غزة

فلسطينيان يشعلان النار للتدفئة في مخيم جباليا شمالي غزة في 17 فبراير 2025 (رويترز)

أصدر البنك الدولي بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة تقريرًا حديثًا يسلط الضوء على الأثر المدمر للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي حتى كانون الثاني/يناير 2025، موضحًا الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والخدمات الأساسية، وتأثيرها على السكان والاقتصاد، إضافة إلى التحديات التي تواجه جهود إعادة الإعمار وسبل التعافي.

يُبرز التقرير الحاجة الملحة إلى استعادة الخدمات الأساسية، بما في ذلك الإسكان، الصحة، التعليم، والمياه، إضافة إلى إعادة تنشيط الاقتصاد المحلي ودعم الفئات الأكثر تضررًا. كما يؤكد أن إعادة الإعمار تتطلب بيئة مستقرة وآمنة لضمان استدامة الجهود التنموية وتحقيق التعافي الشامل.

الأضرار الناجمة عن العدوان

تسبب العدوان الإسرائيلي في دمار واسع النطاق طال المباني السكنية والمنشآت التجارية والمرافق الصحية والتعليمية، إضافة إلى البنية التحتية مثل الطرق وشبكات المياه والكهرباء. كما أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان عدة مرات، مما فاقم الأزمات الإنسانية وزاد من صعوبة إيصال المساعدات والخدمات الأساسية.

يبرز تقرير البنك الدولي الحاجة الملحة إلى استعادة الخدمات الأساسية، بما في ذلك الإسكان، الصحة، التعليم، والمياه، إضافة إلى إعادة تنشيط الاقتصاد المحلي ودعم الفئات الأكثر تضررًا

تشير تقديرات التقرير إلى أن الأضرار المادية في قطاع غزة وحده بلغت 29.9 مليار دولار، بينما وصلت الخسائر الاقتصادية والاجتماعية إلى 19.1 مليار دولار، ما يجعل إجمالي الأثر الاقتصادي للعدوان 49 مليار دولار، فيما تقدر إجمالي احتياجات التعافي وإعادة الإعمار بنحو 53.2 مليار دولار، لافتًا إلى أن الاحتياجات خلال السنوات الثلاث الأولى تبلغ نحو 20 مليار دولار.

القطاعات التي تحتاج إلى إعادة تأهيل عاجلة:

  • الإسكان: يتصدر قائمة الاحتياجات بقيمة 15.2 مليار دولار، ما يمثل 30% من إجمالي احتياجات التعافي
  • التجارة والصناعة: يحتاجان إلى 6.9 مليار دولار، ما يمثل 13% من إجمالي احتياجات التعافي لكلا القطاعين.
  • الصحة: تُقدر إعادة تأهيل القطاع الصحي بـ7.05 مليار دولار.
  • الحماية الاجتماعية: يشمل دعم الفئات الأكثر تضررًا والمساعدات النقدية، بتكلفة تبلغ 4.18 مليار دولار.
  • الزراعة والأمن الغذائي: بلغت الاحتياجات 4.2 مليار دولار.
  • التعليم: يحتاج إلى 3.8 مليار دولار لإعادة بناء المدارس والجامعات وضمان استئناف الدراسة.
  • النقل: تُقدر إعادة إصلاح البنية التحتية للنقل بـ2.9 مليار دولار.
  • المياه والصرف الصحي: تُقدر الاحتياجات بـ2.7 مليار دولار.
  • البيئة: تُقدر احتياجات التعافي في هذا القطاع بـ1.9 مليار دولار.

الأزمة الإنسانية المتفاقمة

أدت الأوضاع الحالية إلى معاناة كبيرة للسكان، حيث يواجه العديد منهم نقصًا حادًا في الاحتياجات الأساسية، مثل الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية. يعيش النازحون في ظروف غير مستقرة، وغالبًا ما يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، مما يضاعف من معاناتهم اليومية.

كما أن الأطفال والنساء هم الأكثر تضررًا من هذه الأزمة، إذ يواجهون تحديات كبيرة في الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية، فضلًا عن تعرضهم لمخاطر نفسية واجتماعية طويلة الأمد. ويشير التقرير إلى أن التعافي من هذه الأزمة لن يكون ممكنًا إلا من خلال توفير استجابات سريعة وشاملة تستهدف الفئات الأكثر ضعفًا.

الإحصائيات الإنسانية:

  • عدد الشهداء: بلغ عدد الشهداء 47 ألف فلسطيني، من بينهم 13 ألف طفل و7.2 ألف امرأة. وفي المقابل تشير إحصائيات وزارة الصحة في غزة إلى أن عدد الشهداء ارتفع إلى 48.291 شهيدًا.
  • عدد الجرحى: 111 ألف شخص، بينهم 25% يعانون من إصابات دائمة، وتتوافق هذه الإحصائية مع بيانات وزارة الصحة في غزة.
  • عدد النازحين: أكثر من 1.9 مليون شخص، بينهم 1.2 مليون فقدوا منازلهم، ما يمثل 60% من سكان غزة.
  • الأمن الغذائي: يعاني 91% من سكان غزة (1.84 مليون شخص) من أزمة غذائية حادة، ومن المتوقع أن يصل الرقم إلى 1.95 مليون شخص بحلول نيسان/أبريل 2025.
  • الأطفال والنساء: أكثر من 96% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر إلى 23 شهرًا، بالإضافة إلى النساء غير قادرين على الحصول على الحد الأدنى من التنوع الغذائي.
  • الأطفال غير المصحوبين بذويهم: تتراوح أعدادهم بين 17 ألف و18 ألف طفل.

التأثير الاقتصادي الكلي

تسبب العدوان الإسرائيلي في انكماش الاقتصاد في غزة بنسبة 83% عام 2024، مما أدى إلى تراجع مساهمة القطاع في الاقتصاد الفلسطيني من 17% إلى 3% فقط. في المقابل، شهد اقتصاد الضفة الغربية تراجعًا بنسبة 16% نتيجة القيود التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على الحركة والتجارة.

البطالة والفقر في غزة

  • ارتفعت البطالة في غزة إلى 80% بسبب توقف النشاط الاقتصادي وتدمير البنية التحتية.
  • ارتفعت الأسعار بنسبة 309% في غزة نتيجة تعطل سلاسل التوريد، ما أدى إلى نقص حاد في السلع الأساسية وارتفاع تكلفة المعيشة.

الخسائر الاجتماعية والاقتصادية في الضفة الغربية:

  • الإسكان: بلغت خسائر هذا القطاع 16 مليون دولار.
  • البطالة: ارتفعت إلى 35% (40 ألف عامل) بسبب القيود التي فرضها الاحتلال على العمال الفلسطينيين.
  • الصحة: 61% فقط من المستشفيات تعمل بكامل طاقتها بسبب نقص التمويل والموارد، حيثُ قدر التقرير خسائر البنية التحتية الصحية بـ14.6 مليون دولار.
  • التعليم: اضطر أكثر من ستة آلاف طالب للدراسة من المنزل بسبب الإغلاقات.
  • التجارة والصناعة: تُقدر الخسائر بنحو 1.3 مليار دولار.

التحديات والتوصيات المستقبلية

يؤكد التقرير أن إعادة الإعمار تتطلب بيئة مستقرة وإزالة العقبات التي تعيق وصول المساعدات والمواد اللازمة للبناء. كما يدعو إلى تبني إطار عمل شامل للتعافي وإعادة الإعمار، يتضمن ما يلي:

  • تحسين البنية التحتية الأساسية: إعادة تأهيل شبكات المياه والكهرباء والاتصالات لضمان عودة الحياة الطبيعية للسكان.
  • إزالة الأنقاض والتعامل مع الذخائر غير المنفجرة: تسريع جهود تنظيف المناطق المدمرة وإزالة العوائق التي تعيق إعادة الإعمار.
  • تعزيز الاقتصاد المحلي وخلق فرص العمل: دعم المشاريع الصغيرة وبرامج التشغيل المؤقتة لتمكين السكان اقتصاديًا.
  • إصلاح قطاعي التعليم والصحة: توفير بيئة تعليمية آمنة وإعادة تشغيل المستشفيات والمرافق الطبية بشكل كامل.
  • تأمين تمويل دولي مستدام: إشراك المجتمع الدولي في جهود إعادة الإعمار، مع التركيز على توفير دعم طويل الأمد.

يعكس التقرير حجم الدمار الهائل والأزمة الإنسانية التي تسبب فيها العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، حيث أدى إلى انهيار البنية التحتية وتدهور الاقتصاد بشكل غير مسبوق. كما يسلط الضوء على التحديات التي تعيق إعادة الإعمار، مشيرًا إلى أن استمرار القيود المفروضة يزيد من صعوبة عملية التعافي.

ويؤكد التقرير على ضرورة توفير بيئة سياسية مستقرة لإعادة البناء، مع أهمية التنسيق الدولي وضمان التمويل المستدام. كما يدعو إلى اعتماد استراتيجية شاملة لإعادة الإعمار، تشمل إصلاح البنية التحتية، دعم الفئات الأكثر تضررًا، وتحفيز الاقتصاد من خلال مشاريع تشغيلية تضمن التعافي المستدام.