31-مارس-2019

يدفع منديو اليمن ثمن الحرب (رويترز)

الترا صوت - فريق التحرير

أربع سنوات من الحرب بين الحوثيين وقوات هادي، زُرعت فيها البلاد بمئات الآلاف من الألغام  لتصبح اليمن أكبر دولة تنتشر فيها الألغام، بعد الحرب العالمية الثانية. بعد أن شهدت معظم المحافظات اليمنية، مواجهات عنيفة، ومعارك استدعت زرع الآلاف من الألغام، لمنع تقدم القوات العسكرية، نحو مواقع الطرفين.

يستخدم الحوثيون ألغامًا على شكل صخور ملونة وإسطوانية وألعاب الأطفال ومواد البناء والمجسمات، التي يصعب التعرف عليها من قبل المدنيين، وخاصة النساء والأطفال

وعلى الرغم من سيطرة قوات هادي على مساحات شاسعة، إلا أن الألغام  بقيت وبالًا على السكان، تفتك بهم من جهة، وتقف عائقًا أمام ممارسة حياتهم الاعتيادية من جهة أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: بسبب جرائمها في اليمن.. ضغوط أوروبية لوقف بيع السلاح للسعودية

وقد سقط العشرات من المدنيين بين قتيلٍ ومصاب خلال شهر آذار/مارس، بسبب الألغام التي زرعها الحوثيون في مختلف مناطق اليمن. واحد من هؤلاء الضحايا هو عثمان محمد الجرادي (60 عامًا)، حيث بترت  ساقه، كما أصيبت طفلته زكية، البالغة من العمر سنتين، بجروح بليغة في ساقها اليسرى، إثر انفجار لغم أرضي في فناء منزلهم بمدينة الحديدة غربي اليمن يوم  20 آذار/مارس.

في الرابع عشر من نفس الشهر، لقي ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة حتفهم، بانفجار لغمٍ أرضي في منطقة خبت المهايمة شرق الخوخة في ذات المحافظة. حيث زرع الحوثيون أكثر من 37 حقل ألغام داخل وخارج مدينة الحديدة، وعلى سواحلها، لمنع تقدم القوات الحكومية، المدعومة بالتحالف السعودي الإماراتي، حيث يحتوي كل حقل من الألغام على الآلاف، بين ألغامٍ  فردية واُخرى  للمركبات وألغام بحرية، عطلت حياة أكثر من 800 ألف نسمة من الذهاب إلى أعمالهم ومزارعهم. بحسب تحالف رصد.

آلاف المعاقين

من نجا من الموت لن ينجوا من إعاقة ستظل تلازمه مدى الحياة، فالمئات من المدنيين أصيبو بإعاقات دائمة وخسروا أقدامهم وأيديهم إثر انفجار الألغام الأرضية.

في هذا السياق، يؤكد فهيم القدسي المدير التنفيذي للمنتدى اليمني للأشخاص ذوي الإعاقة، لـ"ألترا صوت"، أن أكثر من عشرة آلاف مواطنًا تقدموا خلال العامين الماضيين للتسجيل في صندوق المعاقين. مشيرًا إلى أن إعاقتهم ناجمة عن الحرب التي تشهدها البلاد.

وأشار إلى أنه ليس هناك احصائية لعدد المعاقين في اليمن، لافتًا إلى أن أعدادهم تقدر بثلاثة ملايين، "12%، من إجمالي سكان البلاد". مضيفًا أن "اليمن وما يحصل فيه من صراعات داخليه ستخلف دون أدنى شك في ذلك المزيد من الإعاقات التي ستكون حملًا إضافيًا على الدولة وعلى مؤسسات ذوي الإعاقة في المستقبل".

مبينًا أن أكثر جرحى الحرب هم ممن فقدوا جزءًا من أجسادهم وأطرافهم ليعيشوا بالإعاقة ومع الإعاقة ما بقي لهم من الحياة.

وفي كافة أنحاء اليمن، فإن أكثر من مليون لغم أرضي زرعها الحوثيون منذ العام 2015، حصدت أرواح 900 مواطن، وتسببت في إصابة وإعاقة ما يزيد على 11 ألفًا آخرين في مختلف المناطق والمدن اليمنية.

ولفت تقرير حقوقي للتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (تحالف رصد) الذي تم عرضه، خلال ندوة نظمها بمدينة جنيف، إلى أن اليمن أصبح أكبر دولة ملغومة بعد الحرب العالمية الثانية بسبب الألغام التي زرعتها جماعة الحوثيين.

وأكد التقرير زرع  أكثر من مليون لغم في مختلف المحافظات، منها ألغام مضادة للأفراد ومضادة للعربات ومضادة للدبابات والسفن والمراكب البحرية منذ عام 2014 وحتى عام 2018.

ويستخدم الحوثيون ألغامًا على شكل صخور ملونة وإسطوانية وألعاب الأطفال ومواد البناء والمجسمات، التي يصعب التعرف عليها من قبل المدنيين، وخاصة النساء والأطفال الذين بات الموت يتربص بهم في كل مكان.

مناطق ملغومة بالكامل

يمشي رافد جميل بحذر شديد، خوفًا من انفجار لغمٍ أرضي في أحد الطرقات التي يسلكها في الأحياء الجنوبية بمدينة تعز، جنوب غربي اليمن. ويخشى جميل (20عامًا)، أن يلقى نفس المصير الذي واجهه العديد من سكان الحي خلال الأيام الماضية.

يقول رافد الذي عاد إلى تعز قبل ستة أشهر، بعد رحلة نزوح منذ ثلاثة أعوام، لـ"ألترا صوت"، ان العديد من الأشخاص لقوا حتفهم خلال الشهور الماضية، وفقد العديد من الأشخاص أطرافهم وشوهت الألغام وجوههم وأجسادهم. مضيفًا: "باتت المنطقة كلها ملغومة في عيني، فأخشى أن ألمس شيء، فأمشي وأنا أراقب قدمي". فيما يؤكد أن  غالبية الأسر تمنع الأطفال من الخروج من المنازل واللعب في الشوارع، خوفًا على حياتهم.

اقرأ/ي أيضًا: 4 سنوات على حرب اليمن.. ماذا حقق حلف الرياض-أبوظبي؟

أما في محافظة لحج جنوبي اليمن لقيت الطفلة غيداء محبوب مصرعها إثر انفجار لغمٍ أرضي، وأُصيبت شابة،  في عزلة اليوسفين بمديرية القبيطة شمال المحافظة، وتعد غيداء خامس طفلة تلقى حتفها جراء انفجار الألغام خلال الشهرين الماضيين في مديرية القبيطة.

وبين الحين والآخر  تعلن القوات الحكومية، إتلاف الآلاف من الألغام، عقب تفكيكها، من المناطق التي حررتها من مسلحي جماعة الحوثيين، في مختلف جبهات القتال.

سقط العشرات من المدنيين اليمنيين بين قتيلٍ ومصاب خلال شهر آذار/مارس فقط، بسبب الألغام التي زرعها الحوثيون في مختلف مناطق اليمن لمنع تقدم قوات هادي

وصادق اليمن  في 1 أيلول/سبتمبر 1998، على معاهدة حظر الألغام التي وقعتها مجموعة من الدول في كندا في كانون الأول/ديسمبر 1997، لفرض حظر شامل على استعمال وتخزين الألغام وكذا الالتزام بإزالتها وتجريمها باعتبارها أحد اخطر آلات الموت.

 

اقرأ/ي أيضًا:

 مارتن غريفيث في صنعاء مجددًا.. قفزة في هواء اتفاق ستوكهولم