25-أغسطس-2022
أفاعي الفردوس

غلاف أفاعي الفردوس في نسخته الإلكترونية

صدر ديوان "أفاعي الفردوس" للشاعر إلياس أبو شبكة عام 1938. وفي العدد 281 من مجلة الرسالة، كتب الشاعر والأديب فليكس فارس: "ديوان يحوي ثلاث عشرة قصيدة من شعر الأستاذ إلياس أبو شبكة نشرته جريدة المكشوف البيروتية فاسترعت نبراته الأسماع، واستوقفت معانيه تفكير المتأملين". وقال أيضًا: "أبو شبكة نسر ثائر مروع، لا تستهويه سقسقة الجداول ولا عيون الأزهار، ولا ناهدات الأثمار على الأماليد، وليس في إنشاده تغريد بلبل أو غناء شحرور. إن للنسر صرخات مدويات لا يأنس لها إلا من يتعشق ولولة الرياح على القمم، وهدير الأنهار في الأغوار".

أحدث صدور ديوان "أفاعي الفردوس" ضجّةً في الأوْساط الثّقافيّة العربيّة؛ إذْ رسم بمهارةٍ فنيّةٍ عاليةٍ لوْحاتٍ نابضةً بالحياة عكستْ حالته النّفْسيّة الثائرة، مُستخدمًا تراكيب لُغويّةً مُبتكرةً وصُورًا خياليّةً جديدة

وأحدث الديوانُ ضجّةً في الأوْساط الثّقافيّة العربيّة؛ إذْ رسم بمهارةٍ فنيّةٍ عاليةٍ لوْحاتٍ نابضةً بالحياة عكستْ حالته النّفْسيّة الثائرة، مُستخدمًا تراكيب لُغويّةً مُبتكرةً وصُورًا خياليّةً جديدة.

كتب الشاعر في المقدمة يقول: " قلت في مستهل هذا الحديث إني لا أكتب هذه المقدمة لأحدد الشعر، أو لأجيء بنظرية أتعصب لها، وأعلن لأجلها حربًا؛ بل أكتبها لأرد صادرًا إلى مصدره، لأرد الشعر إلى الطبيعة أمّه، فمنذ اليوم الذي تأزمت فيه المشادة بين أدباء الغرب، وطلعت وحوش النظريات من أوجارها، يكشر بعضها في وجه البعض الآخر؛ التوى الشعر عن قصده، وأصبح زيًّا يتلوّن بتلون الأهواء، ولكن النفس لا تخطئ؛ لأنها معكس ومصهر لحقائق أبدية هي الطبيعة والحياة، ففيما المدارس الشعرية منصرفةً إلى التطاحن، إذا بطائفة من مبدعي هذه المدارس ترتفع عن الفرضيات الزائلة إلى المصدر الأبدي؛ فرأينا بودلير البرناسي يصدر عن نفسه ويلتقي فرلين الرمزي على صعيد واحد، ورأينا جميع الشعراء الحقيقيين من زعماء المدارس يتفلّون في الأودية المظلمة، ويجتمعون أنقياء على قمة واحدة هي الشعر".

إلياس أبو شبكة شاعرٌ وأديبٌ لبناني، أسّس "عُصْبة العشرة" الأدبيّة الّتي ضمّتْ عددًا من الكُتّاب والأُدباء اللبنانيّين الّذين ثارُوا على الأساليب القديمة للأدب، وعملُوا على كسْر الجُمود الفكْريّ الّذي كان في الحياة الثّقافيّة العربيّة. اتّسمتْ قصائدُه بالواقعيّة والنُّضْج. من أعماله الشعرية: "الألحان" و"الرسوم" و"من صعيد الآلهة".


في هيكل الشهوات

 

صُبّي الخمور فهذا العصر عصر طلا

أما السكارى فهم أبناؤه النجبُ

 

لا تقنطي إنْ رأيتِ الكأُس فارغةً

يومًا ففي كل عام ينضج العنبُ!

 

صُبّي الخمور ولا تبقي على مهج

موج الشباب على رجليك يصطخبُ

 

أما أنا — ولو استسلمت أمس إلى

خمر الليالي — فقلبي ليس ينشعبُ

 

قد أشرب الخمر لكن لا أدنسها

وأقربُ الإثم لكن لست أرتكبُ

 

وفي غدٍ إذ تنير الطفل ميعته

وتهرمين ويبقى ذلك الخشبُ

 

قولي له جئت في عصر الخمور فلا

تشرب سوى الخمر واشحبْ مثلما شحبُوا

 

قولي له هذه الأيام مهزلة

وليس إلّا لمن ينشى بها الغلبُ

 

قولي له عفة الأجساد قد ذهبت

مع الجدود الأعفّاء الأُلى ذهبُوا

 

قولي لطفلك ما تستصوبين غدًا

فكل أمرٍ له في حينه خطبُ

 

ولكن اليوم صُبّي الخمر وانتخبي

من الملذات ما الآثام تنتخبُ

 

ولا تخافي عذولًا فالعذول مضى

والعصر سكران يا أخت الشقا تعبُ

 

طريقه الشك أنّى سار يملكه

وحلمه الشهوات الحمر والقربُ!