14-يوليو-2022
اللوحات المفضلة لكبار الكتّاب المصريين

عباس محمود العقاد، إحسان عبد القدوس، أحمد بهاء الدين (ألترا صوت)

في كانون الثاني/ يناير عام 1962، نشرت مجلة "الهلال" المصرية تحقيقًا صحفيًا يسلط الضوء على اللوحات المفضلة لكبّار الكتّاب المصريين تحت عنوان "لوحات عاشت معهم".

شارك في التحقيق كبار الأدباء والصحافيين المصريين آنذاك، وفي مقدمتهم عباس محمود العقاد، وإحسان عبد القدوس، وكامل الشناوي، ومصطفى أمين، وأحمد بهاء الدين، وغيرهم من كبار الكتّاب الذين تحدثوا عن اللوحة الأقرب إليهم من بين جميع اللوحات المعلقة في بيوتهم.

اللوحات المفضلة لكبار الكتّاب المصريين

في "أرشيفنا الثقافي" لهذا الأسبوع، نتعرف معًا على اللوحات المفضلة بالنسبة إلى هؤلاء الكتّاب، وأسباب إعجابهم بها، واقتنائهم لها، والطريقة التي حصلوا عليها من خلالها، بالإضافة إلى موضوع اللوحة ذاتها.


عباس محمود العقاد

تصوّر اللوحة الأقرب إلى عباس محمود العقاد (1889 – 1964) امرأة تقف بملابس الحداد على قبر زوجها. ورغم ما توحي به من مشاعر حزينة، إلا أن الأديب المصري جعلها جزءًا من بيته، فأصبحت: "ذكرى أيامي الأولى التي كتبت فيها قصتي (سارة)".

تقف خلف اللوحة حكاية مفادها أن صاحبها، الرسام المصري محمد حسن، كان قادمًا من فرنسا على ظهر باخرة غرقت في طريقها إلى مصر. ورغم نجاته برفقة عدد قليل من الركاب، إلا أن خبر وفاته وصل إلى خطيبته في القاهرة، فحزنت عليه حزنًا شديدًا، وارتدت ملابس الحداد التي وجدها عليها عند عودته، فأوحت له برسم هذه اللوحة التي تخيل نفسه فيها ميتًا وزوجته تبكي على قبره.

يقول العقاد إن محمد حسن طلب منه الاحتفاظ باللوحة بسبب ظروف صعبة مر بها، فقبلها مؤلف "الفصول" لأنه كان يمر بدوره: "بفترة من حياتي تشبه الفترة التي كان يمر بها. وأحسست بمثل شعوره. هزتني اللوحة التي تصوّر تعبير الإنسان الصادق عندما يفقد أعز شخص لديه".

لوحة للرسام محمد حسن


إحسان عبد القدوس

في عام 1948، طلب الرسام المصري جمال كامل (1926)، رئيس قسم الرسم في مجلة "روز اليوسف"، من إحسان عبد القدوس (1919 – 1990) أن يحفظ له لوحة رسمها ونال عنها الجائزة الأولى في أحد المعارض الفنية. لكن الروائي المصري رفض إعادتها إليه لأسباب عديدة، أهمها أنها أصبحت، وبحسب تعبيره، جزءًا منه.

رأى إحسان عبد القدوس أن اللوحة التي تصوّر وجه فتاة، وتحمل اسم "رأس فتاة"، تمثّل شبابه وأجمل سنوات عمره، إضافةً إلى فشله ونجاحه أيضًا. وأنها: "فرد من أسرتي. إذا غابت عني أفتقدها. إنني لا أتصور أن أدخل منزلي يومًا فلا أجدها (...) أحس وهي تنظر إليّ أنها تحاسبني". ويقول حول امتناعه عن إعادتها إلى صاحبها: "رفضت أن أعطي له جزءًا عزيزًا عاش معي أجمل سنوات حياتي التي صنعت مني رجلًا".

لوحة للرسام جمال كامل


كامل الشناوي

في أحد معارضها الفنية، أهدت إنجي أفلاطون (1924 – 1989) لوحة من لوحاتها للكاتب والصحفي المصري كامل الشناوي (1908 – 1965)، الذي أعجب بها إعجابًا شديدًا مرده أن اللوحة، التي رسمت فيها الفنانة المصرية فلاحًا وزوجته، مثال للمساواة بين الرجل والمرأة في الكفاح، وأنها تمثل: "الاقبال على الحياة في لذة وحب وشغف".

يقول صاحب "لقاء معهم" حول علاقته باللوحة: "أصبحت صورة الفلاح والفلاحة القادمين من الغيط جزءًا مني. أحسست أنني، لتأثري الشديد باللوحة، أعيش مع الفلاح السعيد، في تعبه وراحته، وفي أوقات عمله وفي الأوقات التي يخفق قلبه فيها. وأحسست أنني أستضيف هذا الفلاح وهذه الفلاحة. وأصبحت سعيدًا جدًا بهذه الضيافة". ويضيف: "إن هذه اللوحة تمثل لي المساواة، والعواطف الزوجية. إنني أحبها لأن فيها قوة الفلاح وكرمه".

لوحة للرسامة إنجي أفلاطون


مصطفى أمين

خلال زيارته لمعرض فني في مدينة فلورنسا الإيطالية، أُعجب الكاتب والصحفي المصري مصطفى أمين (1914 – 1997) بلوحة غريبة لرسام إيطالي يُدعى فيتوريو أوسم. وتحت تأثير إعجابه بها، قرر شرائها وسط ذهول ومعارضة أصدقائه، فما اللافت في لوحة تصوّر طبق بيض؟

الجواب عند مصطفى أمين نفسه الذي يقول: "قد يكون السبب في شرائي هذه اللوحة أنني أحب البيض وأستطيع أن أمضي حياتي أفطر بيضًا، وأتغدى بيضًا، وأتعشى بيضًا! أو لعل السبب أن الأطباء منعوني من أكل البيض.. فنحن نحب الممنوع! وأخيرًا قد يكون السبب أنني أبحث عن جمال الحياة في أي مكان، حتى في طبق البيض".

لوحة للرسام فيتوريو أوسم


أحمد بهاء الدين

ترتبط اللوحة الأقرب إلى الكاتب والصحفي المصري أحمد بهاء الدين (1927 – 1996) بمجلة "صباح الخير"، التي ساهم في إصدارها إلى جانب بقية زملائه في "دار روز اليوسف"، وكان أول من ترأس تحريرها. ويقول الراحل إن أكثر ما شغلهم آنذاك هو التفكير في الشكل الذي يجب أن يكون عليه غلاف المجلة، الذي لا بد أن يحمل، وفق تصوره، أصداء حياة الشعب المصري في إطار فني وجداني.

في تلك الأثناء، رسم الفنان المصري عبد الغني أبو العينين، الذي كان يعمل في الدار نفسها، لوحة لغلاف المجلة. ورغم أنها لم تكن أول أغلفتها، إلا أنها أضاءت لأسرتها شخصية الغلاف الجديد بحسب تعبير أحمد بهاء الدين، الذي أخذت علاقته باللوحة بُعدًا أكثر عمقًا بعد قيام أبو العينين بإهدائها له.

يقول الراحل عن علاقته بها: "اللوحة ترتبط بفترة عزيزة من عمري (...) هذه اللوحة قطعة من شبابنا، ومن تجاربنا، ومن الفن الذي يستلهم روح الشعب وحياته.. الشعب الذي نؤمن به".

لوحة للرسام عبد الغني أبو العينين