13-أبريل-2022
ميشيل عفلق وإبراهيم ناجي (ألترا صوت)

ميشيل عفلق وإبراهيم ناجي (ألترا صوت)

في أيلول/ سبتمبر 1935، نشرت مجلة "الرسالة" المصرية في عددها الـ 115، رسالة من الكاتب اللبناني حبيب الزحلاوي اتهم فيها الشاعر المصري إبراهيم ناجي (1898 – 1953)، بسرقة قصيدته "عاصفة روح" من قصيدة ميشيل عفلق (1910 – 1989) "عاصفة"، التي نُشرت في العدد السابع من مجلة "الدهور"، الصادر في أيلول/ سبتمبر 1934.

طويت صفحة الخلاف بين الزحلاوي وناجي بعد أن أوضح عفلق بأن التشابه بين قصيدته وقصيدة ناجي ضئيل ولا يجوز أن يعزى إلا إلى توارد الخواطر

وأضاف الأديب اللبناني، الذي اشتهر في الأوساط الأدبية العربية والمصرية بنقده اللاذع لكبار الأدباء والمفكرين المصريين، مخاطبًا إبراهيم ناجي: "لقد أوغلت في قراءة قصيدتك، ووازنت بين أقوالك ومعانيك، وبين الأقوال والمعاني الواردة في قصيدة الشاعر الدمشقي، وأخيرًا لقيت الأليق أن أسألك عما إذا كان هذا مجرد توارد خواطر، وقد ألفنا تعليل الإغارات الأدبية بتوارد الخواطر".

واختتم الزحلاوي رسالته قائلًا: "أريد أن أمضي معك في تعليلك، وأن أكتفي بنشر مقطع واحد من قصيدة ذلك الشاعر الدمشقي يتفق مع مطلع قصيدتك (...) فهل من تعليل؟ إني لمنتظر".

أثار اتهام الكاتب اللبناني استياء إبراهيم ناجي، الذي طالبه بنشر قصيدته وقصيدة ميشيل عفلق معًا بحيث يتمكن القارئ من مقارنتهما، والحكم عليهما. وقال الشاعر المصري في معرض رده على الزحلاوي، الذي نُشر في العدد 116 من مجلة "الرسالة": "ألفت نظر الزحلاوي أفندي إلى أن المقطعين اللذين انتخبهما لي ولعفلق أفندي ليس فيهما ذرة من التشابه، فما الشبه، بين "أعولي يا جراح" و"واعصفي يا رياح"، وما الشبه بين "أسمعي الديان" واهزئي بالسماء"!! إن هذا لفهم عجيب".

وفي نهاية أيلول/ سبتمبر نفسه، نشرت المجلة ذاتها في عددها الـ 117، رسالة من علي الطنطاوي (1909 – 1999) قال فيها، ردًا على حبيب الزحلاوي، إنه: "ليس في دمشق شاعر يسمى ميشيل عفلق البتة، وربما كان فيها كاتب صحف أو ترجمان قصص بهذا الاسم، أما شاعر فلا".

لم يقتصر رد الطنطاوي على تبرئة إبراهيم ناجي وإنكار وجود شاعر دمشقي باسم ميشيل عفلق فقط، بل ذهب أيضًا إلى القول بأن عفلق ذاته سرق قصيدته من قصيدة لشاعر من شعراء سوريا في المهجر، وأن: "هذا هو السر في أنه لم ينظم في حياته غيرها".

وهاجم علي الطنطاوي في رسالته نفسها مفهوم "الأدب الجديد" الذي كان محط خلاف بين الأدباء العرب، في مصر وسوريا تحديدًا، خلال تلك الفترة. حيث قال: "المذهب الأدبي الجديد لا ينكر فيما نظن السرقات الأدبية، لأنه لو أنكرها وحرمها، لسقط سقوطًا لا قياما له من بعده، لأنه في كل قصيدة أو مقالة من هذا الأدب الجديد ضميرًا مستترًا يعود إلى شاعر أو كاتب إنجليزي أو فرنسي".

تحول الخلاف بين حبيب الزحلاوي وإبراهيم ناجي، بعد رسالة الطنطاوي، إلى معركة أدبية دفعت محرر مجلة "الرسالة" إلى الامتناع عن نشر ردود الطرفين. حيث جاء في العدد 118 من المجلة الصادر في تشرين الأول/ أكتوبر 1935: "علم قراء الرسالة من عدد مضى أن الأديب حبيب الزحلاوي اتهم الدكتور الشاعر إبراهيم ناجي بأنه استعان في قصيدته (عاصفة روح) بقصيدة الدمشقي ميشيل عفلق (عاصفة) وقد دفع الدكتور ناجي ذلك الاتهام، وتحدى متهمه بأن ينشر القصيدتين في الرسالة".

وأضاف المحرر في كلمته: "أمس أرسل إلينا الناقد نص القصيدتين ومعهما نقد لاذع، واليوم بعث إلينا الشاعر بنصهما أيضًا ومعهما تعليق ساخر، فآثرنا أن نطوي النقد والتعليق لخروجهما عن خطة (الرسالة)، واكتفينا بنشر القصيدتين، ليحكم القراء بين الرجلين".

اتهم الكاتب اللبناني حبيب الزحلاوي الشاعر المصري إبراهيم ناجي بأنه سرق قصيدته "عاصفة روح" من قصيدة لميشيل عفلق بعنوان "عاصفة"

طويت صفحة الخلاف بين الزحلاوي وناجي، بعد نشر ميشيل عفلق كلمة في العدد 119 من المجلة، أوضح فيها أن التشابه بين قصيدته وقصيدة الشاعر المصري ضئيل جدًا: "ولا يجوز أن يعزى إلا إلى توارد الخواطر".

وقال عفلق في كلمته إن ما جاء في رد علي الطنطاوي ادعاء لا تدعمه حجة ولا يؤيده برهان. وأضاف: "لقد ادعى هذا الأديب أن صديقه أنور العطار قال له إن قصيدتي مسروقة من أحد شعراء المهجر، ثم أردف أنه لا يعرف عني سوى أني (ترجمان قصص)، فهل للرسالة أن تطلب منه أن ينشر على صفحاتها اسم الشاعر وقصيدته التي يقول إن قصيدتي سرقت منها، وأصل القصص التي ادعى أني ترجمتها؟".