تمثل هجمات الحوثيين على إسرائيل تحديًا استراتيجيًا حقيقيًا لدولة الاحتلال. وعقب الهجوم الصاروخي الأخير الذي نفذه الحوثيون بواسطة صاروخ باليستي على تل أبيب فجر السبت، وأسفر عن إصابة 30 إسرائيليًا؛ أعلنت صحيفة معاريف الإسرائيلية أنّ تل أبيب غير قادرة على مواجهة التحدي الصاروخي للحوثيين.
ووفقًا لتقييم الصحيفة، فإنّ دولة الاحتلال "استيقظت متأخرةً في مواجهة التهديد القادم من الشرق". عدا عن ذلك، ترى الصحيفة أنّ "ردّ إسرائيل كان ضعيفًا على ذلك التهديد"، في إشارة إلى اكتفاء جيش الاحتلال باستهداف بنية الطاقة اليمنية، وعدم تطوير الرد إلى مستويات أخرى، خوفًا ربما ممّا "يُخفيه الحوثيون أو مما يمكن أن يُقدموا عليه"، ذلك أن الحوثيين ليسوا "حزب الله" أو "حماس"، وإنّما يتولّون "إدارة جيش مكتمل لدولة". ولذلك، تعيد إسرائيل الحساب أكثر من مرة قبل أي هجوم تشنه عليهم، تمامًا كما تفعل مع إيران. بل إنّ إسرائيل لم تتجرّأ على اغتيال قيادات حوثية على غرار ما فعلت مع قيادات "حماس" و"حزب الله" وبعض الإيرانيين.
يشار إلى أنّ إذاعة الجيش الإسرائيلي سارعت إلى نفي مسؤولية إسرائيل عن الهجوم الذي استهدف العاصمة اليمنية صنعاء ليلة أمس السبت، علمًا بأن مسؤولين أمنيين في إسرائيل قالوا في وقت سابق من يوم أمس السبت إنّ "تل أبيب تستعد لشن هجوم آخر في اليمن، يتضمن مشاركة دول أخرى، لإيجاد تعبئة كاملة تزيد الهجوم على الحوثيين".
قالت صحيفة "معاريف" إن دولة الاحتلال استيقظت متأخرة في مواجهة التهديد القادم من اليمن
وتؤكد "معاريف" أنّ إسرائيل تواجه مشاكل في "التصدي لتهديد الحوثيين في اليمن دفاعًا وهجومًا"، مضيفةً أنّ "الحوثيين يتسببون منذ أكثر من عام في أضرار جسيمة للغاية للاقتصاد الإقليمي بشكل عام وللاقتصاد الإسرائيلي بشكل خاص". فمنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أطلق الحوثيون "121 صاروخًا وأكثر من 170 طائرة مسيرة متفجرة على إسرائيل"، لافتةً إلى أنّ "معظم الصواريخ والطائرات المسيرة تم اعتراضها من قبل الأميركيين والقوات الجوية والبحرية".
إسرائيل لم تستعد لمواجهة الحوثيين
تعتقد" معاريف" أنّ إسرائيل "لم تستعد للمواجهة الاستخباراتية والسياسية مع التهديد الحوثي من اليمن، كما لم تشكل تحالفًا إقليميًا للتهديد"، مؤكدةً أن جيش الاحتلال والاستخبارات الخارجية (الموساد) "استيقظوا متأخرين جدًا في مواجهة التهديد الحوثي، والآن فقط يحاول الموساد والمخابرات العسكرية العثور على مصادر هنا وهناك وبناء صورة استخباراتية عن الحوثيين" وفقًا للصحيفة.
ومن الواضح أنّ الصواريخ الباليستية التي أطلقت من اليمن "تمكنت من التغلب على منظومة (صواريخ حيتس أو السهم آرو-3) الدفاعية التابعة للصناعات الجوية الإسرائيلية، التي فشلت في عتراضها للصواريخ القادمة من اليمن".
وتدّعي "معاريف" أنّ لدى إسرائيل "أسطولًا من السفن الصاروخية والغواصات التي لا تستخدم حقًا ضد الحوثيين في اليمن لسبب ما"، وفق تعبيرها.
واعتبرت أن اكتفاء جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف "خزان وقود أو بضعة زوارق قديمة في ميناء صغير في اليمن"، ليس بالرد الكافي، معتبرةً أن على جيش الاحتلال أن "يتخذ قرارًا حقيقيًا بالتصرف بحزم ليس فقط في اليمن، ولكن أيضًا ضد مشغلي الحوثيين الذين يتمركزون في طهران"، وفق قولها.
وكان المتحدث باسم القوات التابعة للحوثيين، يحيى سريع، قد قال إنّ القصف الذي أصيب على إثره 30 إسرائيليًا "استهدف هدفًا عسكريًا في مدينة يافا المحتلة، وذلك بصاروخ باليستي فرط صوتي ردًا على مجازر غزة والعدوان الإسرائيلي على اليمن".
وجاء القصف الحوثي بعد تهديدات إسرائيلية بشنّ هجوم قوي على اليمن، إثر القصف الذي استهدفت فيه الخميس الماضي "منشآت في العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظة الحديدة".
وقد دأب الحوثيون منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023 على لعب دورٍ إسنادي لغزة تمثل في استهداف "سفن شحن مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر بصواريخ ومسيّرات"، وطوّر الحوثيون إسنادهم فيما بعد باستهداف العمق الإسرائيلي بطائرات مسيرة وبصواريخ باليستية فرط صوتية.
ويربط الحوثيون توقفهم عن شن تلك الهجمات بوقف إسرائيل حرب الإبادة الجماعية في غزة، التي تسببت في مقتل أكثر من 45 ألف فلسطيني،وإصابة أكثر من 107 آلاف، جلهم من الأطفال والنساء.