03-مايو-2016

آثار الدمار في أحياء حلب (تصوير كرم المصري)

إن كان للآراء قيمة فهذه هي لحظة القيمة الكبرى. لطالما تعودنا في واقعنا العربي أن رأي الإنسان بلا قيمة أو تأثير. لكن الواقع تغير وفرض ما هو أبعد منه؛ رأي الجماعة. ولو انتظرت الشعوب خمس سنوات بعد، لقدمت لها مواقع التواصل الاجتماعية ثورة على طبق من فضة.

هاشتاغ #حلب_تحترق هو الأول عالميًا، وأصوات العالم تتحد حول مدينة يدمرها الأسد بشكل ممنهج

إن شعوبنا صنعت من رفاهية العصر ثورات وأخرى مضادة. فضغط الكتلة الفيسبوكية أنشأ كتلة حساسة قادرة عند تكونها على قلب الرأي العالمي. رفاهية ما كان ليحلم بها أحد قبل عقدين من الزمان. والآن ومع تناثر أشلاء الأبرياء على إسفلت مدينة حلب وضواحيها؛ انتقلت الحرب إلكترونيًا، وبدأ استهزاء البعض بجدواها، لكن الجهاد الفيسبوكي بدأ يطغى على الحدث، ويفرض نفسه بعمق القضية التي تبناها مجبرًا نظام كامل يعتمد أولًا وأخيرًا على قتل عشوائي متعمد وممنهج إلى ساحة القتال الإلكتروني. وهنا تساوت الرؤوس أخيرًا وخسر صاحب نظرية "حمص استوديو في قطر" الحرب.

اقرأ/ي أيضًا: الرسام الفاشل

نعم هاشتاغ #حلب_تحترق هو الأول عالميًا، وبدأت أصوات العالم تتحد حول مدينة يدمرها الأسد بشكل ممنهج، وبدأ أخيرًا يظهر ثقل الرأي الواحد، رأي الإنسان الواحد، الممزق، الفقير، المبعثر. عادت إلى الأذهان قلوب تتوحد فيما بينها على قضية عادلة مفصلية لا جدال عليها، أوقفوا قتل الأبرياء في حلب.

إن أحداث الفترة الأخيرة استطاعت أن تجمع الشعب السوري مرة أخرى حول هاشتاغ واحد، مع أن الأحداث التي شغلته وأشغلته كانت كثيرة، إلا أن الكتلة الحساسة اجتمعت لتتجاوز شاحنة الموت المعبأة بالجثث التي دارت في إحدى الضيع السورية تحت وقع الزغاريد والهتاف والفرح، واستطاع الجميع إلا ثلة إدانتها. هو هاشتاغ ليجتمع الناس ويتحدوا.

اجتمعت أيضًا لتتجاوز تصريحات رجال الدين ومواقفهم الرمادية وتكسر قدسيتهم وتطالبهم بالمواقف الواضحة. واجتمعت أيضًا حول روايات النظام المزيفة والمملة والمقرفة حول ما يحدث في المدينة المنكوبة. إن الحج إلى هاشتاغ موحد ليس وليد صدفة وليس بالأمر السهل، إن اجتماع ملايين البشر حول قضية واحدة أمر صعب ومعقد وقد نشأت حوله عشرات النظريات الاجتماعية.

اقرأ/ي أيضًا: مقابر من طين

قضية حلب الحمراء ستكون محورية في فهم الصراع الدائر حاليًا، وفي نقله إلى مستوى آخر

إلا أن الحدث اليوم أبسط من أن يفلسف، ولكن من الصعب سرده. فهو تفاصيل ستيتوسية. أن أزلام النظام والملتفين حوله يلهثون حول اللحاق بالهاشتاغ الأعظم، إلا أنهم يستظلمون بحجيج القضية العادلة على أراجيح الهاشتاغات التي قد تختلف في تفاصيلها وتتحد في مضمونها تقافزت العديد من الأسماء العالمية أمثال مارك زوكربيرغ وبان كي مون وأوباما وبوتين وغيرهم.. ممن يملكون سلطة القرار والتأثير وعلى نفس الأراجيح تناثرت جثث الأطفال الممزقة.

 

دافعوا هذه الأراجيح انقسموا بين أهل الضحايا الذي يهدهدون أرواح أبنائهم، وبين جلادين يدفعون بمجرميهم في الهواء خوفًا من السقوط. يبدو أن قضية حلب الحمراء ستكون محورية في فهم الصراع الدائر حاليًا، وفي نقله إلى مستوى آخر، مستوى يؤكد على أهمية أن تكون مواكبًا للحداثة وفاهمًا لجدواها في هذا العصر، الذي باتت فيه الصورة والكلمة مهمة بقدر الرصاصة أو أكثر مهما ذهب البعض إلى نفي ذلك.

اقرأ/ي أيضًا:

مارادونا في حمص

يوم الأم.. نداء للأنوثة في العالم