20-فبراير-2018

استخدم بوتين مواقع التواصل الاجتماعي ساحة لتدخلاته في الانتخابات الأمريكية (ألكسندر زيمليانيشنكو/ أ.ف.ب)

روبرت مولر، المحقق الخاص، والمكلف من قبل وزارة العدل الأمريكية للتحقيق في مزاعم تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يعمل منذ عام تقريبًا، بجد، للكشف عن حقيقة الدور الروسي في واحدة من أكثر الانتخابات الرئاسية الأمريكية إثارة للجدل، ليخرج مُؤخرًا بتصريح قال فيه إن هناك أدلة جديدة على تورط روسيا بالتدخل في الانتخابات لصالح دونالد ترامب، مقابل تشويه منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

كشف المحقق روبرت مولر، عن أدلة جديدة تُؤكد التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، لصالح ترامب

مولر أكّد أنّ التدخلات الروسية لم تعد مجرد حجة يرددها الديمقراطيون الأمريكيون لتبرير خسارتهم هذه الجولة الرئاسية لصالح الجمهوريين. إنها حقيقة واقعة، وهذه التفاصيل:

اقرأ/ي أيضًا: المخابرات الأمريكية: بوتين أطلق حملة لدعم ترامب

حرب معلوماتية

هناك من يخاف من روبرت مولر بالفعل، وهذا ليس تكهنًا، وإنما حقيقة عكسها تصريح مباشر نقلته صحيفة واشنطن بوست عن روب غولدمان، نائب رئيس فيسبوك والمسؤول عن قسم الإعلانات، والذي أعرب عن تطلعه لرؤية لائحة الاتهامات التي أعدها مولر، إذ يبدو أن فيسبوك متورط في اللعبة الروسية بشكل أو بآخر، باستخدامه من قبل الروس لـ"إثارة الفتنة والشقاق" بين الأمريكيين منذ 2014، كما يقول تقرير روبرت مولر.

واستُخدم فيسبوك كذلك لنشر إعلانات من جهات روسية، على صفحات الكونغرس وصفحات أخرى تخص الأمريكيين. وقال غولدمان، إنه بعد معاينته الإعلانات الروسية، "يمكن القول إن التلاعب بنتائج الانتخابات لم يكن الهدف الرئيسي وراء التدخلات الروسية، وإنما تقسيم الولايات المتحدة، باستخدام قيمنا مثل حرية التعبير، وباستخدام مؤسساتنا، وباسخدام وسائل التواصل الاجتماعي ضدنا"، مُضيفًا: "وقد نجحت في إثارة الخوف والكراهية بين الأمريكيين".

وفي معرض رده على الانتقادات التي وجهت لفيسبوك، قال غولدمان، إن "التلاعب الروسي أمر لا يمكن التعرف عليه"، فالروس لم يشتروا إعلانات داعمة لترامب فقط، بل حصلوا كذلك على هويات أمريكية مزيفة وحسابات "باي بال - PayPal"، وحسابات ضمان اجتماعي أمريكية غير حقيقية، وأنشأوا صفحات مثل "Blacktivist" و"جيوش الرب"، وتم استخدامها لبث خطابات كراهية بين الناس، بتعبير غولدمان، وقد وصلت هذه الصفحات بالفعل لملايين الأمريكيين.

ونقلت صحيفة نيويوركر عن جون سيفر، الخبير في أجهزة الاستخبارات الروسية، والذي تقاعد عام 2014 من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) بعد 28 عامًا من العمل لصالحها.. نقلت عنه قوله إن التفاصيل الواردة في لائحة الاتهامات التي أعدها مولر، "تُبيّن مدى وقاحة الممارسات الروسية، وجرأتها في دعم نجاح ترامب".

استخدمت روسيا مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أساسي كساحة لمعركتها للتأثير على الناخبين الأمريكيين

وأوضح سيفر أن الإستراتيجية التي استند إليها روبرت مولر، هي الاستغراق في التفاصيل، بما يساعده على استخراج وثائق سرية وخاصة من البنوك والشركات والهيئات، يقصد القدرة على الوصول إلى حسابات الضمان الاجتماعي والهويات المزورة.

اقرأ/ي أيضًا: الفضاء السيبراني.. امتداد حرب باردة بين واشنطن وموسكو

وأشارت صحيفة نيويوركر إلى عامل هام في نجاح "الاحتيال" الروسي، وهو أنّ أعدادًا كبيرة من الأمريكيين، غير قادرين على تقييم مصداقية الأخبار وتتبع مساراتها.

سلاح "الشريعة"

وجه تقريرروبرت  مولر الاتهام لـ13 روسيًا تورطوا في التدخل بالانتخابات الأمريكية. تقول مجلة الإيكونوميست، إن التقرير يتضمن "أدلة إدانة مدهشة على أنّ عملاء روس تورطوا بالفعل في القضية"، من بينهم امرأة تدعى إيرينا فيكتوروفنا كافيرزينا، وكانت مكلفة بإعداد هويات أمريكية مزيفة للاستخدام في نشر وتحديث محتوى وسائل الإعلام الاجتماعية المصممة لتعميق الانقسامات في الولايات المتحدة، ولإثارة مشاعر عدم الثقة في الديمقراطية الأمريكية. أما مُنشئ المحتوى فهي وكالة أبحاث إنترنت روسية سرية، يمولها قلة من الدائرة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

واتهم روبرت مولر تلك الوكالة بإنفاق ما قيمته مليون دولار شهريًا في المراحل الأخيرة من حملة الرئاسة الأمريكية. ويقول إن عشرات من العملاء أنشأوا مئات من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المزيفة بهدف خلق قصص غير حقيقية عن تزوير الأصوات لصالح كلينتون.

يقول روبرت مولر أيضًا في تقريره، إن الروس بذلوا جهودًا كبيرة لإثارة التوترات ضد المسلمين الأمريكيين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وربط ذلك بالحملة الانتخابية، كإنشاء مجموعات وصفحات على فيسبوك تزعم دعم كلينتون لـ"الشريعة الإسلامية"، وتُزيّف تصريحات على لسانها مثل: "أعتقد أن الشريعة سوف تكون اتجاهًا جديدًا قويًا للحرية".

بهذا التقرير الأخير لروبرت مولر، يتأكد التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، بغية دعم ترامب. لكن الأخير يرى أن الروس لا علاقة لهم مباشرة بنجاحه في الانتخابات، فكما قال في تغريدة له: "الحملة الروسية التي استهدفت الولايات المتحدة، بدأت عام 2014، قبل ترشحي، ولم يكن لروسيا يد في انتخابي".

ما قد يعزز من موقف ترامب أنه ليس ثمة أمريكي واحد في لائحة الاتهامات التي أعدها روبرت مولر، حتى الآن على الأقل. وليس ثمة اتهامات بتواطؤ أمريكيين، بمن فيهم ترامب وحملته، بشكل مباشر مع الروس في هذا الشأن. 

استخدم الروس سلاح التخويف من الشريعة الإسلامية ضد هيلاري كلينتون، بنسب تصريحات مزيفة على لسانها تؤيد الشريعة الإسلامية

ومع ذلك فما من شك في أنّ قضية التدخل الروسي لصالح ترامب في الانتخابات الرئاسية، ستظل هاجسًا يطارد ترامب طالما أنه على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا يخشى بوتين من فوز هيلاري كلينتون؟

"زحف العلم الأمريكي".. كيف تتدخل واشنطن في انتخابات العالم لبسط نفوذها؟