20-نوفمبر-2018

برنارد بوفيه/ فرنسا

كمان

أخافُ من الكمان، لأنّ قناديله انتصرتْ، أخافُ من الكمان...

من شبقٍ تراقص على الوتر الشفيف، من البنفسج. أعودُ، لأعوذَ بالكمان من الهامشيّ المسيطر.

*

 

أخافُ من الكمان، لأنّ أصابعي بُـتِرتْ وأنبـَتـها المكان. من أخيلة صاعدها خللٌ طفيفٌ بالأرجوان. من السلوى المشاعة، أخافُ. من بصيرةٍ عنكبوت تنسج خيطها، ضوءً، على جسد الكمان.

*

 

أخاف على الكمان، من جوعي ومن رعشة الفردوس. من جندب أطلّ منسلًا من الإيقاع الموسميّ، وذكّرني بأربعين شيصبًا مرّوا على وجعي. عليّ ما عليّ من أدوات تقويم المجاز، وأجنحة الكيان المشرعة على النيزك الأخير.  

 

أخاف على الكمان من قوس العازفة، من شعرها ذيل الحصان، من صهيل اللّيل.

 أنت أنا، فمن أنا أيّها الكمان؟

 

قهوة

أحرّكُ القهوة السوداء بملعقةٍ، دون وضع سكّرها. لم يخطئ النّادلُ، بل أخطأ السكّرُ.

يضمّ الرّماديّ، الجالس أمامي، يديه إلى صدره. هو وحيدٌ، وأنا كذلك. نرتشف نفس القهوة السوداء. نتأمّل نفس الخطيئة المحشوّة في بنطال الجينز. نكلّم فتاتين مختلفتين معاتبين.

 نتساءل عن أيّ لعنة طيّرتنا في الهواء، وأوقعتنا على رصيف الشارع المقابل للزجاج المشترك.

تعودُ الخطيئة، لتجلسَ حذونا. نظرنا معًا، عدْتُ إلى قواعدي سالمًا. ولم يعدْ.

تأمّلَ السيجارة وأشتعل علنًا. وبقيتُ، أشتعلُ على الورقة.

تأمّل أخرى، وأخرى. وعاد إلى الزّجاج.

ألاَ يملُّ؟!

ينتقل، مثل دخان سيجارتها، من الزّجاج إلى فمها. يشعل سيجارته اللاّنهائيّة "على ما يبدو" ليتلمّس شفاهها.

لا طعم للخطيئة "هاهنا". فقطْ لونُ الخيبة.

يعودُ إلى سيجارتها، على نفسٍ عميقٍ. يشربُ كوبا من الماء. يرتطم بصورة خطيئته المعلّقة على الزجاج، ويغادرُ المقهى.

*

 

أين اختفى السكّر؟!

 

الميكانيكيُّ السعيد

بسيّارتي عَطَبٌ. ناديتُ شاحنة القطر لتقلّني إلى وجهة معلومة. يدلي هلال بلسانه في رحلتي اللّيليّة. أيُّ شرّ تعلّق في السماء؟ أيّة سخرية تلعق وجنة وجهي الأربعينيّ؟

 يشعل السائق رئتيَّ، يأخذُ نفسا عميقا. هل يعرف أنّني أمقت التدخين؟ هل يعرف أنّ أخرى جعلتني تبغًا في سيجارتها؟ هل يعرف إنّني-أصلًا- رمادٌ في أعين ثكلى؟ إنّني صدأٌ تفشّى في الجماجم وفي قبرها؟

أنا صدأٌ في قلب الغبيّة-المرمدة.

بي عطبٌ!!

تاه محوّل الحبّ عن بلوغ السرعة القصوى، وتهتُ عن دوّاسة البنزين وأنا الميكانيكيُّ السعيدُ. هل أنفخ في المحرّك، حتّى يعود الزمن إلى الدوران؟

 تغرغرت الروح في حلقي، ويجاهد قلبٌ نفسه بضخّ الدم في قصبة الهواء.

*

 

بي عطبٌ، لا الطبّ يصلحه ولا الميكانيكا، ولا إله تسلّى بصنابير السعادة اليدويّة. 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

نجرّ كل هذه الأسماء

فظاظة العشق