18-فبراير-2016

ألفريدو غارزون/ أمريكا

لم يتعلم الوغد من دروس الرخاء ما يسنده وقت الشدة، وترك نفسه على هواها، وها هو يتحول من إعلامي إعلانات إلى مستثمر ناجح في مجال الفيديو التلفزيوني القصير، وتلك مهنته الجديدة التي تعتمد على ناشطين يرسلون له ما تيسر لهم من لقطات يجمعها ويبيعها، بعد أن تمكن من صنع علاقات طيبة ببعض القنوات، وأما الناشطون فيرضيهم بقروش قليلة.

شوارع الشام ذاكرة المهملين الذين وجدوا في الصحافة ضالتهم في بحثهم عن المال والشهرة

الثورة منحت السمين صاحب الستة ألقاب كرئيس تحرير -لأكثر من صحيفة وتلفزيون وموقع إلكتروني- أن يمتطي الفرصة ويعلن انشقاقه من صفة أخرى هي مراسل لإحدى الصحف اللبنانية التي خولته حضور المؤتمرات الصحفية الرئاسية وما دونها، ويعلن على صفحته وعبر الواتساب عن تشكيل مجموعة إعلامية مدعمة برجال أعمال مغتربين.

شوارع الشام ذاكرة المهملين الذين وجدوا في الصحافة ضالتهم في بحثهم عن المال والشهرة، ومن هؤلاء كثير من المغامرين الذين اقتحموا المهنة من خارجها، بعضهم تعززت عنده أخلاق المهنة، وبرع أكثر من ممتهنيها ومحترفيها، ولكنهم أغلبهم وجدوا فيها وسيلة ابتزاز، ومارسوا دور الشرطي والمخبر وعنصر الأمن.

بعض النشطاء أهم من غالبية الإعلاميين، وبعض الإعلاميين يعمل بعقلية الناشط، ويكتب بطريقته

الشوارع نفسها، ذاكرة الأحذية نفسها تشهد على ذلك الولد المنحني الذي جاء من شمال سوريا باحثًا عن فرصة في صحف المعارضة، فهي وحدها من تهتم بهؤلاء الذين يرون في سقوط عامود كهرباء مادة للهجوم على الدولة وتخوينها، وبنفس الوقت يرون في عقائدهم بديلًا ممسوخًا هامًا عن عقيدتها، وهذا المنحني يحمل الآن وزر الدفاع عن المعارضة وسوريا الحلم، ويقبض لاسمه وباسمه خمسة آلاف دولار أمريكي غير ما تصرفه المؤسسات الداعمة... المنحني نفسه كان يحلم بعشرة آلاف ليرة في الشهر قبل عقد فقط.

متكئًا على ماضيه، ويعيش الآن لاجئًا يبحث عن فرصة عمل، يعتقد أنه أهم قامات الصحافة السورية، وبالكاد يعجبه أحد، وهو على رأي أحد الزملاء لا يلتفت لأقل من مائة فارس، ومع ذلك يدور كثور الرحى هائمًا وفي قلبه جوع قديم.

كان ابن مؤسسات الدولة، وغارقًا في الدفاع عنها، البعثي الهارب من دمشق قبل سنتين بدّل ثوبه ولغته، وارتدى عباءة المرتد المنشق، ولكنه يعيش بعقلية الكذب حتى على الجمهور عندما يتحدث من مكان بعيد عن مجريات يدّعي أنه يحضرها، والأدهى أن سيف التخوين واللعنات الذي يستله في وجه منتقديه لا يعود إلى غمده أبدًا.

هنا... في الغربة، والصحافة الغريبة يقتتل الناشط والإعلامي، وفي الأغلب تضيع الفروقات بينهما، فبعض النشطاء أهم من غالبية الإعلاميين، وبعض الإعلاميين يعمل بعقلية الناشط، ويكتب بطريقته، ولا مانع عنده من السباب والهتاف والتصفيق.

اقرأ/ي أيضًا:

ماتازوف.. غوبلز روسيا الكذّاب

إعلام اليسار السوري من أيام "المناشير"