20-نوفمبر-2017

فلاديمير نابوكوف

نُشرت مؤخرًا مجموعة من ملاحظات مؤلف رواية "لوليتا"، تُظهر بحثه حول النظرية التي تفترض أن الأحلام قد تكون مستوحاة من أحداث مستقبلية. المقال المنشور في "الغارديان" البريطانية يتوقف عند هذه التجربة.


سجل فلاديمير نابوكوف في يومياته لعام 1964 أكثر من 50 حلمًا من أحلامه، تنوعت بين الجنس والعنف والسريالية، وقريبًا ستنشر للمرة الأولى.

بدأ فلاديمير نابوكوف الذي طالما عانى من الأرق على مدار حياته بتدوين أحلامه بعد قراءته كتاب "تجربة مع الزمن"

كتب الروائي الشهير فلاديمير نابوكوف في الثالث عشر من كانون الأول/ديسمبر عام 1964 في يومياته "حلم مفعم بالشهوة. دماء على ملاءة". وأكمل قائلًا "نهاية الحلم: شقيقتي أو O، هيفاء ويافعة بشكل غريب.. ثم واقفة بالقرب من النافذة، تتنهد، لم تكن ظاهرة بالكامل، متفكرةً في العواقب المحتملة لزنا المحارم".

اقرأ/ي أيضًا: الشيطان مرّ بموسكو

كما دون فلاديمير نابوكوف حلمًا آخر في يومياته رأى فيه أنه كان يراقص زوجته فيرا. فكتب "فستانها المفتوح، صيفي مُرقط بشكل غريب. رجل يقبلها أثناء مروره. أمسكته من رأسه، وضربت وجهه بقوة في الجدار، فأصبح مثل قطعة اللحم المعلقة على خطاف معدني مثبت في الحائط. يخلص الرجل نفسه ووجهه غارق في الدماء، ويبتعد متعثرًا".

بدأ الروائي فلاديمير نابوكوف الذي طالما عانى من الأرق على مدار حياته بتدوين أحلامه بعد قراءته كتاب "تجربة مع الزمن" للفيلسوف البريطاني جون دون، والذي عرض فيه نظريته حول أن الأحلام في بعض الأحيان قد تُستوحى من الأحداث المستقبلية.

وفقًا للكاتب جينادي بارابتارلو، أستاذ الأدب في جامعة ميسوري، والخبير في أعمال فلاديمير نابوكوف، والذي قام بجمع وتحرير تلك اليوميات، فإن تجربة فلاديمير نابوكوف "سارت على نهج التوجيهات الدقيقة التي قرأها في الكتاب الفريد بالغ التأثير للفيلسوف البريطاني العبقري غريب الأطوار، جون دون".

وتابع جينادي بارابتارلو "كان هدفه الرئيسي هو إثبات أنه في عالم الأحلام، حيث تقع المنطقة الرمادية بين المادة والروح، يتدفق الزمن إلى الخلف، بداية من الأثر وباتجاه السبب". وأضاف بارابتارلو قائلًا "لإعطاء مثال توضيحي على ذلك، عندما تنشر الصحيفة المسائية أن مسلمًا في نيويورك قد اجتاح حشدًا من الناس بشاحنته. تحاول تذكر حلمك المشوش من الليلة السابقة، ومن ثم تذهب للتحقق من يومياتك، فتجد أنك كنت ترى نفسك تقود دراجة بثلاث عجلات بسرعة كبيرة محاولًا تفادي الاصطدام بفتاة تعرفها من الكلية وهو ما نفشل في تحقيقه. وفقًا لنظرية دون، لم يكن حلمك هو مقدمة الأحداث الفعلية التي وقعت، بل العكس –كان هذا الحدث المروع هو السبب في رؤيتك لهذا الحلم الذي حلمته في الليلة السابقة. كان فلاديمير نابوكوف شديد الاهتمام بهذه النظرية وتشعباتها، وهو ما دفعه لخوض هذه التجربة عام 1964".

سجل مؤلف رواية "لوليتا" كل ما يستطيع تذكره من أحلامه بمجرد استيقاظه من النوم على مدار ثمانين يومًا

سجل مؤلف رواية "لوليتا" كل ما يستطيع تذكره من أحلامه بمجرد استيقاظه من النوم على مدار ثمانين يومًا، وقد وصل حجم تدوينه لأحلامه خلال هذه الفترة إلى 118 بطاقة تذكير، تتضمن 64 حلمًا. أُرفقت هذه النصوص في كتاب أحلام الأرِق "Insomniac Dreams" إلى جانب بعض المواد الخاصة بتجربته في سياق حياته وكتاباته.

أشار جينادي بارابتارلو إلى أن النتائج التي توصل إليها لم تكن حاسمة، خاصة وأن "نابوكوف قد أخفق في كثير من الأحيان في ملاحظة أوجه الشبه الواضحة بين سير أحداث أحلامه، وأعماله الخيالية السابقة، سواء بالإنجليزية أو الروسية".

اقرأ/ي أيضًا: 5 روائيين يجيبون عن سؤال: كيف تكتب رواية؟

ففي إحدى الحالات، أعلن فلاديمير نابوكوف عن "نجاح محقق" لتجربته، عندما راوده "شعور قوي" بأن الحلم الذي راوده، والذي كان يدور في المتحف، كان مستوحىً من فيلم تلفزيوني شاهده بعد ذلك بثلاثة أيام. ففي الحلم، كان فلاديمير نابوكوف يستمع إلى مدير المتحف، بينما كان يأكل دون وعي بعض العينات النادرة من التربة، والتي اعتقد أنها "بعض المعجنات التي لا مذاق لها".

إلا أن جينادي بارابتارلو أشار في كتاب أحلام الأرِق Insomniac Dreams إلى أن "ما أخفق في إدراكه هو الصلة الوثيقة بين حلمه ومشهدين من قصته القصيرة التي كتبها عام 1939 تحت عنوان، زيارة إلى المتحف، أحدهما كان مشهد مواجهة بين الراوي ومدير المتحف في مكتبه، والثاني كان المعروضات الغريبة في المتحف المحلي، والتي بدت مثل عينات دائرية من التربة، وهي التي مثلت الموضوع الرئيسي للحلم".

نُشرت بعض قصاصات تلك الأحلام من قبل، إلا أن جينادي بارابتارلو قال إنه لطالما رغب في نشر المجموعة كاملة، منذ رأى هذه البطاقات في ملف تضمن كذلك بعض مسودات رواية "Ada or Ardour" لفلاديمير نابوكوف المنشورة عام 1969. يقول بارابتارلو "يبدو أن تجربة 1964، والأفكار التي نبعت منها، كانت بمثابة البذرة الأساسية لأكبر روايات نابوكوف، Ada، التي كُتبت لاحقًا، خاصة الجزء التأسيسي لأحداثها، الجزء الرابع، والذي جاء تحت اسم، نسيج الزمن".

هناك أيضًا بعض الروابط الأقل مباشرة بين الأحلام والرواية، ويضيف جينادي بارابتارلو أن "عددًا لا بأس به من شخصيات أحلام فلاديمير نابوكوف، المجموعة في الجزء الرابع من كتابي، تبدو كأنها نسخ مختلفة من ذاته".

 

اقرأ/ي أيضًا:

و.ج. سيبالد: بدون ذكريات لن تكون هناك كتابة

الفكرة التي صنعت كافكا