أيقظ سقوط مدينة حلب من قِبَل فصائل المعارضة السورية آمالًا بعودة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى المدينة، التي هُجّروا منها بعد أن أعاد النظام السوري السيطرة عليها عام 2016.
يبتسم الدكتور مهدي داوود وهو يتحدث لوكالة "رويترز" للأنباء عن خططه للعودة إلى وطنه سوريا للمرة الأولى بعد ثماني سنوات، لمعرفة كيف يمكن لجمعية الإغاثة التي يديرها أن تُقدّم المساعدة في مدينة حلب. وتحدث من إسطنبول، حيث يعيش حوالي نصف مليون سوري، قائلًا: "لقد جلب لنا تحرير حلب مثل هذا الفرح، لأن حلب كانت مصدرًا للألم".
يبتسم الدكتور مهدي داود وهو يتحدث لوكالة "رويترز" للأنباء عن خططه للعودة إلى وطنه سوريا للمرة الأولى بعد ثماني سنوات
بعد اندلاع الثورة السورية في عام 2011 ضد نظام، بشار الأسد، قُتل مئات الآلاف من السوريين، وأُجبر أكثر من نصف سكان البلاد، البالغ عددهم 23 مليون نسمة آنذاك، على مغادرة بيوتهم، حيث عبر الملايين الحدود نحو تركيا.
استقر عدد كبير منهم في تركيا، وتعلّموا اللغة التركية وأدخلوا أطفالهم إلى المدارس المحلية، وحصل بعضهم على الجنسية التركية، لكنهم ظلوا قريبين جغرافيًا من وطنهم، على أمل أن يتمكنوا من العودة يومًا ما.
لمدينة #حماة تاريخ مرير مع النظام السوري، وتؤذن سيطرة قوات المعارضة عليها بتحول استراتيجي كبير في الصراع السوري.
اقرأ أكثر عن المدينة في التقرير: https://t.co/MYTWOP44fI pic.twitter.com/JALtqHFXQz
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 6, 2024
يكشف وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، أن أكثر من 40 بالمئة من السوريين المقيمين في تركيا، والبالغ عددهم ثلاثة ملايين، هم من محافظة حلب، وغادروها بعد أن فرضت قوات النظام السوري، بدعم روسي وإيراني، سيطرتها على ثاني أكبر مدينة في البلاد.
لكن الوزير التركي نصحَ الذين يريدون العودة الآن بالحذر، وطلب منهم الانتظار. وقال للصحفيين يوم الأربعاء: "بمجرد تحديد المنطقة على أنها آمنة، سيتم الإعلان عن ذلك".
كان من المقرر أن يتوجه داوود، الذي يدير جمعية تساعد السوريين في تركيا، إلى حلب، أمس الخميس، لمعرفة الإمدادات الغذائية والطبية اللازمة، لكنه كان متشككًا في احتمال عودة السوريين من تركيا في الوقت القريب.
وقال لـ"رويترز": "نخشى هجومًا آخر"، في إشارة إلى هجوم معاكس قد تقوم به قوات النظام السوري، مشيرًا إلى أن الأسد لن يتخلى بسهولة عن الحكم. وأضاف: "أعتقد أن حتى أولئك الذين يريدون العودة، أو أولئك الذين يفكرون في العودة، سينتظرون ستة أشهر أو سنة على الأقل".
في تموز/يوليو الماضي، عرض الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على بشار الأسد اللقاء وسط جهود للمصالحة، وقال إن 670 ألف سوري عادوا إلى سوريا من تركيا، وتوقّع عودة مليون سوري آخر.
ومنذ عام 2020، استقر الوضع في شمال غرب سوريا بعد اتفاق بين تركيا وروسيا، الداعم الرئيسي للأسد. وقالت أنقرة إنها لم تمنح الضوء الأخضر للعملية الحالية لفصائل المعارضة السورية، لكنها أكدت أن الأسد بحاجة إلى التصالح مع شعبه. في المقابل، أكدت موسكو دعم جهود النظام السوري لمواجهة ما تدّعي أنه "جماعات إرهابية تتلقى دعمًا من الخارج".
"إدارة العمليات العسكرية" أعلنت سيطرتها على تل الناصرية شمالي حماة بعد اشتباكات مع قوات النظام.
اقرأ أكثر: https://t.co/Ff8HoRCn2V pic.twitter.com/l7ofhNYrea— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 4, 2024
من جهته، قال رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، هادي البحرة، لـ"رويترز"، إن العملية العسكرية الحالية تُمهّد الطريق لعودة النازحين إلى حلب، بمعدل قد يصل إلى 600 ألف شخص من تركيا إذا استقرت الأوضاع في المدينة.
وعلى الرغم من مخاوف عدم الاستقرار، أثارت الأخبار القادمة من حلب فرحة كبيرة في العيادة الطبية التي يديرها داوود في حي الفاتح بإسطنبول، حيث قام الموظفون بتوزيع الحلويات احتفالًا.
قالت الممرضة انتصار عاشور، البالغة من العمر 50 عامًا، والتي غادرت المدينة قبل عقد من الزمان: "إن شاء الله، يمكننا الذهاب إلى حلب لأننا بعيدون عن عائلتنا وأحبائنا"، وأضافت: "إنها فرحة من أعماق قلوبنا، وأدعو الله أن أعود". وتحدثت عاشور عن مغادرتها حلب مع أشقائها وشقيقاتها بعد أن قتل برميل متفجر شقيقًا لها.
في مكان آخر في حي الفاتح، يقول صاحب المتجر السوري ماهر، البالغ من العمر 60 عامًا، إن جميع من تحدث إليهم كانوا سعداء بالأخبار الواردة من حلب، وكان البعض يفكر في العودة. لكنه عبّر عن عدم ارتياحه بشأن ما ينتظره، حيث أمضى عامًا في السجن بدمشق.
وقال: "لقد أمضينا 50 عامًا في ظل نظام الأسد، الأب ثم الابن. إنه أمر فظيع، لا يمكنك أن تتخيل كيف عانى السوريون"، وعبّر عن أمله في أن ينجح المقاتلون اليوم، مشيرًا إلى أنهم "سيخلقون للجيل الجديد حياة جديدة وبلدًا جديدًا".