28-يونيو-2018

مغاربة يتظاهرون في باريس ضد اعتقال ناشطي الريف (ألترا صوت)

273 سنة، هي المدة التي وزعها القضاء المغربي على 53 معتقلًا من قادة "حراك الريف"، وعلى رأسهم ناصر الزفزافي، الذي حكم عليه بالحبس النافذ 20 سنة، في ذهول تام للرأي العام المغربي وصدمة وسط الساحة الحقوقية.

أثارت الأحكام القضائية الصادرة في حق معتقلي حراك الريف موجة غضب واستياء في الشبكات الاجتماعية

صدرت الأحكام عن غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، التي تبت في ملف معتقلي حراك الريف، في الساعة الحادية عشرة من ليلة الثلاثاء 26 حزيران/يونيو، بعد جلسات ماراثونية دامت أزيد من سنة، وسط صرخات الناشطين وبكاء عائلات المعتقلين من هول الصدمة. وحكمت المحكمة على أبرز الناشطين في حراك الريف، ومنهم الزفزافي وسمير أغيد، ووسيم البوستاني ونبيل احمجيق، بالسجن عشرين عامًا، فيما حكمت بالسجن 15 عامًا لكل من محمد الحاكي ومحمد بوهنوش وزكرياء أضهشور. و10 سنوات لمكل من حمد جلول، وعمبر بوحراس، وصلاح لشخم، وجمال بوحدو، وأشرف اليخلوفي، وبلال أهباض، وكريم أمغار. بالإضافة إلى أحكام تراوحت بين عام وخمسة أعوام لمجموعة من الناشطين الآخرين.

ردود  فعل شعبية وحقوقية

وأثارت الأحكام القضائية الصادرة في حق معتقلي حراك الريف موجة غضب واستياء في الشبكات الاجتماعية، حيث امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات والمنشورات المنددة بالأحكام، التي وصفها الناشطون بـ"الظالمة"، وانتشر هاشتاغ "شدونا_كاملين" تضامنًا مع المعتقلين، كما لجأ المتعاطفون مع قادة حراك الريف إلى تغيير صور حساباتهم الشخصية باللون الأسود، حدادًا على ما جاء من أحكام قضائية.

اقرأ/ي أيضًا: حراك الريف في المغرب.. الملك يشيد بالشرطة رغم الانتهاكات!

ووصف أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الأحكام التي صدرت في حق النشطاء بـ "الجائرة وغير المقبولة"، موضحًا أن الناشطين المعتقلين "كانوا يرفعون مطالب أقر الجميع بأنها مشروعة وذات طبيعة اقتصادية واجتماعية ليس إلا". فيما قالت خديجة الرياضي، الحائزة على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إنها "مجزرة قضائية حقيقية فاتت كل الحدود"، مردفة أنه "حتى أقوى المتشائمين لم تخطر بباله هذه الأحكام".

من جانبها، طالبت منظمة العفو الدولية بإلغاء الأحكام الصادرة ضد قادة "حراك الريف" لأن محاكمتهم "لم تكن عادلة"، مضيفة في بيانها أن "ناصر زفزافي وغيره ممن أدينوا وسجنوا بسبب الاحتجاج السلمي من أجل العدالة الاجتماعية أو تغطية المظاهرات على الإنترنت، لم يكن يجب أن يحاكموا أصلًا، ولذلك يجب الإفراج عنهم وإلغاء إداناتهم". فيما تساءلت المنظمة الحقوقية الدولية "هيومن رايتس ووتش" مستغربة، في تغريدة لها بهذا الشأن في تويتر، "هل سنعرف ما الذي يبرر هذه الأحكام الصادمة ضد قادة حراك الريف؟".

الردود السياسية

وفي أول تعليق على الأحكام القضائية، التي أدانت معتقلي حراك الريف بسنوات سجن ثقيلة وصلت إلى 20 سنة، قال سعد الدين العثماني رئيس الحكومة: "إن القضاء مستقل عن الحكومة، ولا يحق لها دستوريًا وقانونيًا التدخل في أحكامه، ولننتظر مرحلة الاستئناف التي هي جزء من مراحل التقاضي"، مضيفًا "لا أريد لأي مغربي أن يُسجن، وأتمنى للجميع الحرية والعيش الكريم".

اقرأ/ي أيضًا: حراك الريف.. انتهاكات الأمن مستمرة بتعذيب المعتقلين داخل السجون

بينما قال مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان، إنه يأمل أن تصدر أحكام أكثر عدالة في المرحلة الاستئنافية، متابعًا "أن الأحكام الصادرة في قضية أحداث الحسيمة التي يظهر أنها لم تحظ بالاستحسان العام، تبقى أحكامًا صادرة عن القضاء الذي لا يمكن الجدال في أحكامه إلا ممن اطلع على وثائق الملف".

 تساءلت "هيومن رايتس ووتش" مستغربة، في تغريدة لها بشأن معتقلي الريف، هل سنعرف ما الذي يبرر هذه الأحكام الصادمة؟ 

فيما عبر الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، حكيم بنشماش، عن أسفه الشديد للأحكام الصادرة ضد معتقلي احتجاجات الحسيمة، قائلًا إن الأحكام كانت "قاسية جدًا وغير متماشية مع ما راكمته بلادنا في المجال الحقوقي، وباعتباري مواطنًا خبر السجون وذاق عذاباتها، أسأل الله أن يلهم عائلات المحكوم عليهم الصغيرة والكبيرة الصبر الجميل".

هذا ويُتوقع أن تستمر التداعيات الغاضبة، على المستوى الشعبي والحقوقي، احتجاجًا على الأحكام القضائية الثقيلة التي صدرت في حق معتقلي "حراك الريف". وكان من اللافت أن الناشطين المدانين استقبلوا الأحكام السجنية الطويلة بـ"ارتياح ولا مبالاة"، كما صرح والد قائد حراك الريف ناصر الزفزافي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

العقلية البوليسية تدير المغرب مجددًا

حراك الريف المغربي وأزمة العقل السياسي المخزني