عاد حارس مرمى ريال مدريد ومنتخب بلجيكا، تيبو كورتوا، إلى صفوف منتخب بلاده لأول مرة منذ 22 شهرًا، منهيًا بذلك فترة ابتعاده الاختيارية التي بدأت في حزيران/يونيو 2023. وجاءت هذه العودة في ظل أجواء مشحونة وانتقادات لاذعة من لاعبين دوليين سابقين، على خلفية خلافاته مع الجهاز الفني وبعض زملائه.
بدأت الأزمة بين كورتوا والجهاز الفني لمنتخب بلجيكا في حزيران/يونيو 2023 عندما نشب خلاف بينه وبين المدرب السابق للمنتخب البلجيكي، دومينيكو تيديسكو، بسبب مسألة شارة القيادة. وقتها شعر كورتوا بعدم الاحترام عندما تم منح شارة القيادة إلى روميلو لوكاكو بدلًا منه في إحدى المباريات. أدى هذا الخلاف إلى انسحاب كورتوا من معسكر المنتخب الوطني وغيابه عن الفريق طوال الفترة التي تولى فيها تيديسكو المسؤولية.
هل ستساهم خبرة كورتوا وجودته في تعزيز فرص بلجيكا على الساحة الدولية، أم أن الانقسامات الداخلية ستؤثر على أداء الفريق في المستقبل؟
بعد ذلك عانى كورتوا كثيرًا منذ بداية موسم 2023-2024، حيث تعرض لإصابة في الرباط الصليبي للركبة، ما أبعده عن الملاعب لفترة طويلة، وحينها سلّم الجميع أنه لن يُشفى حتى نهاية الموسم، ما يعني استبعاد شفاءه مع حلول بطولة كأس أمم أوروبا "يورو 2024".
لكنّ كورتوا استعاد عافيته في الأسابيع الأخيرة من الموسم، وشارك مع ريال مدريد، مقدمًا مستويات مميزة، فقاده للتتويج بدوري أبطال أوروبا، ما جعله يستحق التواجد في قائمة بلجيكا المشاركة في يورو 2024، سيما وأنه كان الحارس الأساسي لبلجيكا في السنوات الماضية، وشارك في 102 مباراة مع منتخب بلاده، منها بطولات كبرى ككأس العالم 2018 و2022، إضافة إلى بطولات اليورو ودوري أمم أوروبا.
إلا أن مدرب منتخب بلجيكا دومينيكو تيديسكو صدم المتابعين قبيل انطلاق يورو 2024، بعدما أعلن قائمة أولية للاعبين المشاركين في المسابقة، وخلت القائمة من تيبو كورتوا، وبدا أن الخلاف بين اللاعب والمدرب بقي حاضرًا.
بعد الفشل البلجيكي في يورو 2024 بأشهر، وتحديدًا في بداية العام الحالي، أعلن الاتحاد البلجيكي لكرة القدم عن إقالة تيديسكو وتعيين المدرب الجديد رودي غارسيا، وهو ما مهد الطريق لعودة كورتوا إلى الفريق، ورغم محاولات غارسيا لتهدئة الأجواء، إلا أن عودة كورتوا أثارت موجة من الجدل والانتقادات.
كانت أبرز تداعيات عودة كورتوا هي إعلان الحارس كوين كاستيلز اعتزاله اللعب الدولي احتجاجًا على قرار استبعاده لصالح كورتوا، وكان كاستيلز الحارس الأساسي للمنتخب خلال الفترة التي غاب فيها كورتوا عن المنتخب البلجيكي، واعتبر أن عودة كورتوا تمثل تجاهلًا لجهوده خلال فترة غيابه.
وفي تعليق نشرته وكالة "رويترز"، قال كاستيلز: "لطالما قدمت أفضل ما لدي للمنتخب خلال غياب كورتوا، وشعرت بأن قراري بالاعتزال هو الطريقة الأنسب للتعبير عن خيبة أملي".

لم تقتصر الانتقادات على كاستيلز، بل امتدت إلى عدد من الشخصيات البارزة في كرة القدم البلجيكية. وأبدى مارك فيلموتس، المدرب السابق للمنتخب، اعتراضه على توقيت استدعاء كورتوا، قائلًا: "لو كنت المسؤول، لما استدعيته الآن، من المهم احترام اللاعبين الذين كانوا متواجدين وتحملوا المسؤولية أثناء غيابه". وأضاف فيلموتس: "كان يجب إجراء حوار داخلي مع اللاعبين الأساسيين مثل كاستيلز قبل اتخاذ قرار إعادة كورتوا، من الضروري الحفاظ على وحدة الفريق وتقدير جهود من التزموا وقدموا أداءً جيدًا خلال الفترة الماضية".
كما كان للمدافع البلجيكي السابق فيليب ألبرت رأي مماثل، حيث انتقد كورتوا بشدة وصرح قائلًا: "لقد أغلق باب المنتخب بنفسه عندما انسحب، والآن يعود بعد أن تسبب في اضطرابات. هذا التصرف لا يُظهر الاحترام للمنتخب الوطني".

وعلى الرغم من هذه الانتقادات، دافع المدرب الحالي رودي غارسيا عن قراره باستدعاء كورتوا. وقال غارسيا: "تيبو أحد أفضل حراس المرمى في العالم، وربما الأفضل على الإطلاق، عودته تمثل إضافة قوية للفريق ونحن بحاجة إلى أفضل اللاعبين في المرحلة المقبلة". وأضاف غارسيا: "سنقوم بإجراء حوار مفتوح مع اللاعبين لمعالجة أي توترات داخلية، هذه بداية جديدة وأريد أن نمضي قدمًا بروح جماعية".