04-يناير-2022

(Getty)

أكثر من 140 يومًا منذ بدء الأسير الفلسطيني هشام أبو هواش (40 عامًا) إضرابه عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي، اعتراضًا على اعتقاله إداريًا منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2020، أكثر من أربعة أشهر من الإضراب أدت لتدهور وضع الأسير الصحي بشكل خطير هدد بفقدان حياته بأي لحظة، ما استدعى تعبئة دولية تطالب بالإفراج الفوري عن هشام من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، فضلًا عن تضامن عربي واسع معه على مواقع التواصل الاجتماعي.

هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية حذّرت من خطورة الحالة الصحية لأبو هواش، قائلة إن "حياة الأسير أبو هواش تقترب مع كل دقيقة تمر عليه وهو بهذه الحالة من الموت، الأطباء في المستشفى يتحدثون بشكل واضح عن إمكانية كبيرة لوفاة مفاجئة، أو تجلطات تكون نتائجها أبدية عليه".

وطالبت الهيئة بالضغط المباشر على الجهات الإسرائيلية لإنهاء اعتقاله فورًا، ونقله إلى مستشفيات فلسطينية لإنقاذ حياته، وأن يتحول قرار المحكمة من تجميد الاعتقال الإداري إلى إنهائه على الفور.

بدوره، أكد وكيل هيئة شؤون الأسرى والمحررين عبد القادر الخطيب أن التعنت الإسرائيلي في عدم الإفراج عنه، يثبت بالدليل القاطع وجود مخطط لإعدامه، معتبرًا صمت المؤسسات الدولية والحقوقية مشاركة في الجريمة.

 
 

رئيس هيئة شؤون الأسرى قدري أبو بكر لفت من جانبه إلى اتباع الاحتلال سياسة الإعدام البطيء بحق أبو هواش بشكل متعمد، بدليل تجميد الحكم الإداري الصادر بحق الأسير، مشيرًا إلى رفض الأخير تعليق إضرابه عن الطعام حتى تحقيق مطالبه المتمثلة بإطلاق سراحه فورًا أو إلغاء الحكم الإداري الصادر بحقه.

من جهته، أوضح المتحدث الإعلامي باسم هيئة شؤون الأسرى حسن عبد ربه لوكالة "وفا" الفلسطينية الوضع الصحي الحالي للأسير، بأنه يتعرض لغيبوبة متقطعة، ويعاني من ضعف في حاسة البصر وعدم القدرة على الكلام، إضافة إلى مشاكل في عضلة القلب وضمور في العضلات، محذرًا من إقدام الأطباء على تغذيته قسرًا.

ويعدّ الاعتقال الإداري قرار حبس يصدر من جهة ما بحق شخص دون توجيه تهمة معينة أو لائحة اتهام، بحيث يكون ذلك بناء على ملفات سرية استخبارية، أو بسبب عدم وجود الأدلة أو نقصها ضد المتهم، وهو ما تمارسه السلطات العسكرية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وتصل مدة الاعتقال إلى 6 شهور قابلة للتمديد.

الأسير أبو هواش تعرض سابقًا للاعتقال مرات عدة، وبدأت مواجهته للاعتقال منذ عام 2003 بين أحكام واعتقال إداريّ، وبلغ مجموع سنوات اعتقاله 8 سنوات منها 52 شهرًا رهن الاعتقال الإداريّ، وهو متزوج وأب لخمسة أطفال هم: (هادي، ومحمد، وعز الدين، ووقاس، وسبأ).

اقرأ/ي أيضًا: الأسرى الفلسطينيون وكَسْر وهْم المراقبة الدائمة

وكانت المحكمة العليا قد عقدت جلسة في 16 ديسمبر/كانون الأول الفائت، للنظر في التماس قُدّم بشأن طلب تعليق اعتقال أبو هواش الإداري، ونقله إلى مستشفى مدني، وبعد ثلاثة أيام رفضت المحكمة الالتماس، ثم في 26 ديسمبر، علّقت سلطات الاحتلال أمر اعتقاله الإداريّ، ونقلته إلى مستشفى "أساف هروفيه" في وضع صحي حرج.

وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، فإن التجميد لا يعني إلغاء الاعتقال الإداري، لكنه يعني إخلاء مسؤولية إدارة سجون الاحتلال والمخابرات عن حياة المعتقل، وتحويله إلى معتقل غير رسمي في المستشفى، حيث يبقى تحت حراسة أمن المستشفى بدلًا من حراسة السّجانين، وبالتالي تظل عائلته غير قادرة على نقله إلى أي مكان، لكن بإمكان أفراد العائلة والأقارب زيارته كأي مريض وفقًا لقوانين المستشفى.

تحرك دولي

بعد تحذيرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر من فقدان الأسير أبو هواش لحياته واحتمالية موته المفاجئ بأي لحظة، بسبب إضرابه المتواصل عن الطعام، دعت وزارة الخارجية الفلسطينية، المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإنقاذ حياة الأسير، وحمّلت المسؤولية كاملة عن حياة أبو هواش للحكومة الإسرائيلية، "بتجاهلها المقصود والمتعمد لوضعه الصحي".

وأضافت "المجتمع الدولي مطالب بالضغط على دولة الاحتلال لإنهاء سياسة الاعتقال الإداري وقوانينه، التي تختبئ خلفها دولة الاحتلال لمعاقبة كل فلسطيني يقع في دائرة الاشتباه، كشكل من أشكال العقوبات الجماعية العنصرية"، مشيرة إلى تواصل جهودها عبر المراسلات والاتصالات والمطالبات للمؤسسات الدولية والأممية، للضغط على إسرائيل وإطلاق سراح الأسير أبو هواش.

الجامعة العربية أصدرت بدورها تقريرًا الاثنين طالبت فيه بـ"إلزام سلطات الاحتلال باحترام وتطبيق القانون الدولي، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة، لوضع حد لمعاناة المعتقلين الإداريين وتعرية الإجراءات القضائية والعسكرية الممارسة من قبل قوات الاحتلال".

وقالت إنه وفقًا لآخر المعطيات فبلغت أوامر الاعتقال الإداري خلال 2021 ما يقارب الـ1600 أمر اعتقال إداري، من إجمالي قرابة الـ8 آلاف فلسطيني اعتقلتهم قوات الاحتلال خلال العام نفسه، أي ما يعادل نسبة 20% من جملة الاعتقالات، في حين بلغ عدد المعتقلين الإداريين في السجون الإسرائيلية حاليًا نحو 500 معتقل من بينهم أربعة أطفال.

وعلى مدار الأيام الفائتة، خرجت مظاهرات عدة في شوارع مدن فلسطينية احتجاجًا على استمرار اعتقال أبو هواش بالتزامن مع تدهور حالته الصحية، ورفع المشاركون لافتات متضامنة تدعو للإفراج الفوري عن الأسير هشام.

في حين اعتقلت السلطات الإسرائيلية على إثر المظاهرات عددًا من المشاركين، واعتدت على البعض الآخر منهم.

 

تضامن إلكتروني

نشر متضامنون مع قضية الأسير هشام أبو هواش آلاف التغريدات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، بغية تشكيل ضغط إضافي على قوات الاحتلال للإفراج عن الأسير، ولم تقتصر التفاعلات على اللغة العربية، إذ أطلقوا وسوم #Free_Hisham و  #FreeThemAll و#Safe_Hisham إلى جانب الوسوم العربية كـ #معركة_الأمعاء_الخاوية #انقذوا_هشام_أبو_هواش و#الحرية_للأسير_هشام_أبو_هواش وغيرها.

ومن ضمن التفاعلات التي رصدها موقع ألترا صوت على تويتر، طالب عضو مجلس الأمناء باتحاد علماء المسلمين محمد الصغير بإنقاذ الأسير هشام أبو هواش، وتفاعل مع تغريدته المئات.

من جانبه، شارك أحمد قدورة بكريكاتير معلقًا "هشام يحتضر وما زال يقاتل بأمعائه الخاوية وحيدًا من أجل حريته وحرية كل فلسطين".

واعتبرت الصحفية مجدولين حسونة أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي باعتقال أبو هواش محاولة لقتله بهدف "منع المعتقلين الإداريين من الذهاب نحو خطوة الإضراب، ذلك أنه لا خيار أمام المعتقل الإداري سوى الإضراب لكي يحصل على حريته".

الفلسطينية نسيبة ثمّنت عبر منشور لها مقاومة الأسير الصعبة من أجل حريته، رغم وضعه الصحي "المأساوي".

ونشر المغرّد ساري صورة لابن الأسير يحمل لافتة كتب عليها "أريد أبي حيًا"، داعيًا للتضامن مع أبو هواش.

وكانت هيئة الأسرى الفلسطينية قد كشفت في وقت سابق عن وجود أسرى آخرين غير هشام أبو هواش مضربين أيضًا عن الطعام، نشرت أسماءهم عبر صفحتها في تويتر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إنهاء ملف الأسرى ضرورة وطنية

إعلام (الأسرى) الذين لا إعلام لهم