25-يناير-2018

هيمنت التوترات الجيوسياسية والمخاطر البيئية والسيبرانية على قائمة التحديات المستقبلية (رويترز)

صدر حديثا تقرير المخاطر العالمية لسنة 2018، في وقت تتزايد فيه التحديات الدولية، وتتسارع وتيرتها، ليسلط الضوء على الضغوط المتزايدة التي بات يواجهها العالم، وسط اتساع رقعة عدم اليقين وعدم الاستقرار والهشاشة.

النووي والتغير المناخي والهجمات السيبرانية، تأتي هذه الثلاثة على رأس قائمة المخاطر العالمية لعام 2018

يعرض تقرير هذا العام نتائج آخر استبيان للمخاطر العالمية، الذي قام به حوالي ألف خبير ومشارك في صناعة القرار، من خلال تكهنهم بالمخاطر المقبلة بناء على تحليلاتهم، حيث هيمنت التوترات الجيوسياسية والمخاطر البيئية والسيبرانية على قائمة التحديات المستقبلية.

اقرأ/ي أيضًا: 5 أحداث كادت أن تشعل حربًا عالمية ثالثة نووية

1. اندلاع حروب نووية

ازدادت مخاوف نشوب حرب نووية نتيجة الاختبارات التي يجريها زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بالصواريخ الباليستية، وتهديده باستعمال الرؤوس النووية.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد تعهد بدوره بإبادة كوريا الشمالية إذا ما شنت هجومًا نوويًا على الولايات المتحدة، وفي هذا الشأن أيضًا قال وزير خارجيته ريكس تيلرسون، إن "الولايات المتحدة تسعى إلى التوصل الى حل دبلوماسي في الأزمة النووية مع كوريا الشمالية"، لكنه رفض التعليق على ما إذا كان البيت الأبيض ينظر في القيام بعمل عسكري محدود ضد بيونغ يانغ.

ويعتقد ما يقرب من %80 من المستطلعين الخبراء، أن المخاطر المرتبطة بـ"الصراع العسكري، أو التوغل العسكري على مستوى الدولة" وكذا "الصراعات الإقليمية التي تجتذب القوى الكبرى"، ستكون أعلى مما كانت عليه في السنوات الماضية.

2. التغير المناخي والكوارث الطبيعية

عرف العالم في الفترة الأخيرة تحديات طقس شديدة نتيجة التغير المناخي، إذ شهد عام 2017 ثلاثة أعاصير أطلسية كبرى هي هارفي وإيرما وماريا، والتي تسببت في وقوع أضرار قياسية، بلغت تكلفتها 200 مليار دولار. كما ضربت موجات الحر في جنوب أوروبا وشرق وجنوب أفريقيا وأمريكا الجنوبية وأجزاء من روسيا والصين، بالإضافة إلى ارتفاع اندلاع الحرائق على مستوى العالم، فقد سجلت البرتغال وحدها حوالي 100 حريق في السنة المنقضية.

ثم يأتي مع ذلك إعلان ترامب العام الماضي، انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ، والذي يهدف إلى الحد من ابنعاثات الكربون المسؤولة عن الاحتباس الحراري، إذ تحتل الولايات المتحدة مركزًا متقدمًا في قائمة الدول المسؤولة عن الاحتباس الحراري.

3. الهجمات السيبرانية

تزايدت الهجمات السيبرانية، على الأجهزة الثابتة أو المتنقلة أو الشبكات. وقد تسببت في تكلفة دول وشركات ميزانيات ضخمة في سبيل تأمين بنيتها التحتية. 

وكان هجوم إلكتروني في 2015، استهدف شبكة الطاقة الأوكرانية، وتسبب في تعطيلها، ما يجعل مثل هذه النوعية من الهجمات ذات قدرة حقيقية على تدمير القطاعات الصناعية الهامة عن بعد.

وفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن 53% من البلدان قد شهدت على مدى الثلاثة عقود الماضية زيادة في تفاوت الدخل وعدم المساواة

لذا احتلت الهجمات السيبرانية المركز الثالث من حيث الخطورة، لما قد تسببه من دمار حقيقي في البنى التحتية الحيوية والقطاعات الصناعية والاستراتيجية، وفي أسوأ السيناريوهات، قد تؤدي لفوضى مجتمعية.

اقرأ/ي أيضًا: الفضاء السيبراني.. امتداد حرب باردة بين واشنطن وموسكو

وذكر تقرير المخاطر العالمية، أن المخالفات السيبرانية المسجلة من قبل الشركات، قد تضاعف تقريبًا من 68 لكل شركة في عام 2012، إلى 130 في عام 2017. وفي عام 2016 وحده، تم الإفراج عن 357 مليون من البرمجيات الخبيثة الجديدة، و"أحصنة طروادة المصرفية" مصممة لسرقة بيانات الحسابات البنكية. وقالت الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران إنّ نظم الطيران في أوروبا تشهد ما متوسطه ألف هجوم سيبراني كل شهر!

ويقول التقرير إن "معظم الهجمات السيبرانية على الأنظمة الحرجة والاستراتيجية لم تنجح، ولكن الأخذ بعين الاعتبار النجاحات المعزولة بالإضافة إلى المحاولات المتزايدة للهجوم، يشير إلى أن المخاطر تتزايد".

4. اتساع الفوارق الاقتصادية

على الرغم من تحسن الاقتصاد العالمي بدرجة ما، واسترداده عافيته بعد سنوات من الركود منذ 2008، يقول تقرير المخاطر العالمية، إنّ فجوة انعدام المساواة الاقتصادية تتسع أكثر بين الدول وداخل المجتمعات، إذ بات " تفاوت الثروة" بين الأفراد يصل إلى مستويات قياسية في بعض البلدان، ما ينعكس سلبًا على حياة الناس نتيجة الشعور بعدم الإنصاف. ووفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن 53% من البلدان قد شهدت على مدى الثلاثة عقود الماضية زيادة في تفاوت الدخل وعدم المساواة.

ويُرجع التقرير هذه الفوارق الاقتصادية في البلدان النامية إلى استفحال الفساد وانتشار البطالة المزمنة، وتفشي القطاعات الاقتصادية المهمشة وغير المهيكلة، أما بالنسبة للبلدان المتقدمة فقد كان التقدم التكنولوجي ذا أثر سلبي على العمال، حيث تكفلت نظم الأتمتة بإلغاء العديد من الوظائف، كما أنها قللت من أجور العمالة البسيطة.

5. غياب الديمقراطية يقود إلى العنف

غياب الديمقراطية يظهر حقيقة في الاضطراب الاقتصادي والثقافي والتكنولوجي. وقد يؤدي انعدام الديمقراطية إلى أضرار أكثر عمقًا مثل انهيار البنى الاجتماعية والنظم السياسية، بل وإلى التقسيم، إذ إن عدم فسح المجال أمام كل الأطراف للنقاش السياسي الهادئ، يقود إلى نزعات انفصالية وإلى المواجهة الجسدية.

ففي بعض البلدان، يقول التقرير، قد تبدأ دوامة العنف، خاصة إذا فقدت السلطات العامة السيطرة ثم تدخلت من جانب واحد بقوة غير متكافئة، خاصة تلك البلدان التي لديها إمكانية واسعة للوصول إلى السلاح أو هناك تاريخ من العنف السياسي أو الصراع المدني المسلح. وفي دول أخرى، قد يثير انحدار الديموقراطية موجة جديدة من الشعبوية، تهدد النظام الاجتماعي في واحدة أو أكثر من الديموقراطيات الليبرالية الناضجة، عبر تقليص الحريات المدنية.

ويوصي تقرير المخاطر العالمية بالاعتماد على السيادة الشعبية من خلال الانتخابات لحماية النظام العام، وتعزيز مرونة المؤسسات الديمقراطية واستجابتها، وكذا تجاوز مفاهيم الهوية الوطنية المعتمدة على القومية، كما يحث أيضًا على استغلال وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى الديموقراطية اليومية.

قد يؤدي انعدام الديمقراطية إلى أضرار عميقة، قد تتمثل في انهيار البنى الاجتماعية والنظم السياسية، وأحيانًا قد تصل إلى التقسيم

"إن البشرية أصبحت بارعة بشكل ملحوظ في فهم كيفية تخفيف المخاطر التقليدية البسيطة"، يقول التقرير، مضيفًا: "لكننا أقل كفاءة عندما يتعلق الأمر بمعالجة المخاطر المعقدة في النظم المترابطة التي تدعم عالمنا مثل المنظمات والاقتصادات والمجتمعات والبيئة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

"نهاية نهاية التاريخ".. الديمقراطية الغربية في مهب الريح

الاقتصاد العالمي يتعافى من جديد.. لكن ليس لفترة طويلة!