09-أكتوبر-2018

فيما مضى من 2018، قتل ما لا يقل عن 57 صحفيًا حول العالم (ألترا صوت)

شكل الخبر المتداول حول مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، والذي تُتنظر التحقيقات الجنائية للكشف عن طبيعة مقتله، صدمةً  لدى الرأي العام الدولي، وفتح المجال للتذكير مجددًا بحجم المخاطر التي تواجه الصحفيين الذين يحققون في ملفات فساد تطال سياسيين بارزين في بلادهم، أو يوجهون انتقادات للسلطة السياسية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها ضد المعارضين لسياساتهم الخارجية. 

كان تداول خبر مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بمثابة تجديد للتذكير بحجم المخاطر التي تواجه الصحفيين وأصحاب الرأي في العالم

وجاء أول مقال كتبه الصحفي السعودي جمال خاشقجي (58 عامًا) في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية بتاريخ 18 أيلول/سبتمبر 2017، تحت عنوان: "السعودية لم تكن دائمًا بهذه الدرجة من القمع.. الآن أصبحت لا تطاق"، والذي انتقد خلاله حملة الاعتقالات التي أمر بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، واصفًا الحملة بأنها إهانة للمثقفين ورجال الدين الذين يعبرون عن آرائهم المعارضة لسياسة ابن سلمان الداخلية والخارجية.

اقرأ/ي أيضًا: ملف جمال خاشقجي.. الغموض مستمر!

ويوم الثلاثاء الثاني من تشرين الأول/أكتوبر الجاري أعلن عن اختفاء خاشقجي بعد دخوله إلى القنصلية السعودية، لتكشف لاحقًا صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية  نقلًا عن ثوبمسون رويتروز وبناءً على مصدرين مطلعين على التحقيق، أن فريقًا من 15 شخصًا يضم عملاء سعوديين قدموا إلى القنصلية السعودية في اليوم عينه، حيثُ تولوا مهام التحقيق مع خاشقجي، ثم قاموا بقتله، وبعدها عمدوا لتقطيع جثته، وغادروا المبنى بعد دخوله بساعتين.

وإلى الآن لا يزال الغموض يحيط بقضية مقتل جمال خاشقجي، وإن كانت معظم الاحتمالات تُشير إلى تورط السلطات السعودية فيما تعرض له، كون اختفائه حدث بعد دخوله مبنى السفارة السعودية في إسطنبول.

لكن الأمر لا يقتصر على الصحفيين الذين يحققون في ملفات الفساد أو يوجهون الانتقادات للأنظمة الحاكمة، بل تشمل المخاطر الصحفيين الذين يقومون يتغطية الحروب الدائرة في الشرق الأوسط، أو يحققون في جرائم منظمات الجريمة في الأمريكيتين الجنوبية والشمالية، ما يجعلهم عرضة للقتل بسبب الملفات التي يقومون بكشفها.

وبحسب منظمة مراسلون بلا حدود فإنه قُتل اعتبارًا من كانون الثاني/يناير الماضي، وحتى اليوم، 57 صحفيًا في مختلف دول العالم، بينهم 26 صحفيًا في منطقة الشرق الأوسط، و17 صحفيًا في القارتين الأمريكيتين، وثمانية صحفيين في شرق آسيا، وأربعة في أفريقيا، واثنان في دول الاتحاد الأوروبي.

في هذا التقرير نسلط على الضوء على أبرز 4  صحفيين/ات تم اغتيالهم أو ماتوا في ظروف غامضة، خلال فترة عامٍ واحد من تشرين الأول/أكتوبر 2017 إلى الشهر الجاري، بعد عملهم على ملفات فساد، أو إجرائهم تحقيقات أزعجت السلطات السياسية في بلادهم. 

وكانت وفاتهم قد حدثت في ظروف غامضة بعد أن تحدثوا عن ملفات فساد، أو قاموا بإجراء تحقيقات أزعجت السلطات السياسية في بلادهم.

1. دافني كاروانا غاليزيا.. المدونة الغاضبة في مالطا

دافني كاروانا

"هناك أوغاد في كل مكان تنظر إليه الآن، لقد أصبح الوضع مؤسفًا"، كانت هذه أخر تغريدة كتبتها الصحفية المالطية دافني كاروانا غاليزيا عبر حسابها الرسمي على تويتر في صباح 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، بعد أن تم تفجير سيارتها عند خروجها من منزلها، بسبب قيادتها للتحقيق الاستقصائي في وثائق بنما في بلدها مالطا، التي كشفت عن تورط رجال أعمال بارزين، وشخصيات سياسية بملفات الفساد والتهرب الضريبي.

غاليزيا أو "المدونة الغاضبة" التي قضت عن عمر يناهز الـ53 عامًا، وأدرجت عام 2016 ضمن قائمة أكثر 28 شخصية مؤثرة في أوروبا بحسب بوليتيكو الأوروبية؛ كانت اتهمت، بناءً على تحقيقها الاستقصائي، رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات واثنين من أقرب مساعديه، بالارتباط بشركات التهرب الضريبي، وبيع جوازات سفر مالطية، والحصول على مكافآت من حكومة أذربيجان، إضافة لإثبات وجود اسم زوجة موسكات في وثائق بنما، وكشفها عن أسماء تعمل إلى جانب موسكات في الحكومة المالطية، ما دفع بزعيم المعارضة في مالطا آدريان ديليا لوصف اغتيالها بـ"السياسي".

2. يان كويساك.. كتم صوت الشباب في سلوفاكيا

يان كويساك

يُعتبر الصحفي الشاب يان كويساك (27 عامًا)، واحدًا من الصحفيين الصاعدين في سلوفاكيا الذي حاولوا الكشف في تحقيقاتهم الاستقصائية عن ملفات فساد ترتبط بسياسين ورجال أعمال سلوفاكيين، لكنه لم يستطع أن يكمل العمل على تحقيقاته التي بدأها، بعد أن عُثر عليه مقتولًا برصاصة في الصدر، مع صديقته مارتينا كوسنيروفا، التي قتلت برصاصة في الرأس، في منزله بمدينة فيلكا ماكا شرق العاصمة السلوفاكية في 25 شباط/ فبراير الفائت.

وكان الصحفي الشاب المختص بتحقيقات الفساد في موقع "أكتشواليتي إس كاي"، يعمل على تحقيقات مرتبطة بعمليات تزوير مشتركة بين رجال أعمال وسياسيين سلوفاكيين. وأشارت تقارير صحفية إلى أنه قبل مقتله كان يجري تحقيقًا حول دفع أموال أوروبية لرعايا إيطاليين مقيمين في سلوفاكيا لديهم صلات مفترضة بمجموعة الجريمة المنظمة الكالابرية.

3. مكسيم بورودين.. ضحية المرتزقة الروس

مكسيم بورودين

في منتصف نيسان/أبريل الماضي، أعلن موقع "نوفي دين" الإخباري الروسي غير الحكومي، وفاة مراسله مكسيم بورودين (32 عامًا)، بعد سقوطه من شرفة منزله في الطابق الخامس في مدينة يكاترينبورغ الروسية، حيثُ توفي في المستشفى بعد نقله إليها.

وعلى الرغم من تأكيد الشرطة الروسية أن منزله كان مغلقًا من الداخل، فإن رئيسة تحرير "نوفي دين"، بولينا روميانتسيفا، قالت إنها لا تعتقد أنه مات منتحرًا، فيما قال صديقه فياتسلاف باشكوف للصحافة، إن بورودين اتصل به ليلة وفاته ليخبره عن وجود أشخاص مسلحين على شرفة منزله.

وقبل وفاته كتب بورودين تقارير عن الفساد ومعدلات الجريمة في روسيا، بالإضافة لكتابته تقارير عن المرتزقة الروس الذين يقاتلون ضمن مجموعة فاغنر إلى جانب رئيس النظام السوري بشار الأسد ضد مقاتلي المعارضة، حيثُ كشف عن مقتل العشرات في غارة أمريكية استهدفتهم في شباط/ فبراير الماضي في عمق البادية شرق سوريا رغم نفي موسكو لذلك.​

4. فيكتوريا مارينوفا.. إسكات الحقيقة بالاغتصاب والقتل

فيكتوريا مارينوفا

واحدة من أكثر جرائم القتل وحشية التي يتعرض لها الصحفيون حول العالم، هي تلك التي حصلت مع الصحفية البلغارية فيكتوريا مارينوفا (30 عامًا)، بعدما أعلنت السلطات البلغارية أنها وجدتها مقتولة في أحد المنتزهات في مدينة روسي البلغارية يوم السبت الماضي، حيثُ عُثر عليها مقتولة بعد تعرضها للاغتصاب، وتقول تحقيقات الشرطة البلغارية إنها قتلت نتيجة "اختناق وإصابة في الرأس".

خلال ما مضى من 2018 فقط، قتل ما لا يقل عن 57 صحفيًا حول العالم، بينهم 26 صحفيًا في منطقة الشرق الأوسط

الصحفية البلغارية عرضت في الحلقة الأولى من برنامجها "الكاشف" على قناة "TVN" البلغارية، حوارات يكشف تورط شركات خاصة في قضايا فساد مرتبطة بسوء إنفاق أموال الاتحاد الأوروبي، كما أنها شاركت في تحقيق مع مجموعة من الصحفيين البلغاريين حول مشاريع في نفس الموضوع تديره السلطات المحلية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حرية الصحافة لعام 2018.. العداء ضد الصحفيين يزداد عالميًا ويتضاعف عربيًا

آنا بوليتكوفسكايا واغتيال الصحافة الحرّة في روسيا