25-يوليو-2017

مشهد من مسلسل الحساب يجمع

لم يكن الخلاف الدائر بين الحكومة وأهالي جزيرة الوراق حاليًا، مفاجئًا، فالأزمة تعود إلى سنوات ماضية، بالتحديد في زمن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، والانتفاضة الأخيرة ضد السيسي ليست إلَّا امتدادًا لها. اهتم فنانون بالأمر. كتاب وروائيون وصناع سينما ودراما كرسوا له كثيرًا من عروضهم، فالأزمة التي لم تُحلّ حتى الآن، عرضت أكثر من مرة على الشاشات.


1- مسلسل "هيما.. أيام الضحك والدموع" في الوراق

جسد الفنان أحمد رزق في هذا العمل شخصية هيما، دور شاب عاطل عن العمل، يبحث عن وظيفة، يعيش في جزيرة الوراق مع أمه ووالده وأشقائه. يواجه هيما بطل المسلسل مشكلات عدة، منها محاولات عمه الثري - بطريقة غير شرعية - السيطرة على الجزيرة وطرد سكانها لإقامة مشروع استثماري كبير على أرضها بمعاونة رجال أعمال كبار ومستثمرين من الخارج، وهو ما يتكرر الآن، فهناك رجال أعمال متورّطون في التحريض على تهجير سكان الجزيرة، وطردهم، لإقامة مشروعات سياحية، ومنهم أحمد أبو هشيمة، الذي حرَّض عبر قناته ON TV، وشنّ هجومًا شديدًا على مؤلف العمل بلال فضل.  

 

في إطار المسلسل، يتصدى هيما وأهالي الجزيرة لمحاولات، وفي النهاية يصطدم الأهالي بالشرطة والأجهزة الأمنية التي أخذت أمر بتنفيذ عملية إزالة المساكن وطرد سكانها، كما جرى تمامًا على أرض الواقع بالقرية خلال الأيام الأخيرة.

وفي مشهد مؤثر، للفنان أحمد رزق، في الحلقة الأخيرة، حفر الأهالي مقابر رمزية وجلسوا فيها، وطلبوا من الأجهزة الأمنية أن تدفنهم إذا أرادوا ترحيلهم، وأكدوا أنهم لن يتركوها إلا على جثثهم، وكان المشهد مؤثرًا للغاية خاصة وأنه حمل كلمات الشاعر الراحل سيد حجاب، والتي قال فيها: "دي أرضنا أمنا.. وبيتنا وتربتنا دبّتنا فيها وفي محبتها ربتنا.. والأرض عرض.. اللي صانها صان بيتنا.. هنموت ولا نبيع لغرب يفرقوا بينا.. ده إحنا بدون أرض.. أيتام وانحرمنا الأم.. هنعيش في غربة ما بين أغراب.. دي عيشة تغم.. ده الموت في بيتنا أحلى من العيشة في الغربة".

 

2- "الحساب يجمع".. قصة نعيمة

عرض مسلسل "الحساب يجمع" بطولة الفنانة يسرا وإخراج هاني خليفة، مجسِّدًا معاناة أهالي الوراق أمام عروض رجال الأعمال لشراء منازلهم، وطردهم من الجزيرة. كانت سيدة تدعى نعيمة – تؤدي دورها يسرا - سعوا إلى طردها من بيتها بالوراق، وضغطوا عليها، وأوقعوها في أكثر من ورطة مدبَّرة، أبرزها اتهامها بالسرقة، لأنها تحرّك الجزيرة، وتدير عملية الرفض.

 

دار المسلسل، الذي عرض في رمضان الماضي، حول أزمة طرد الأهالي من جزيرة الوراق، الممتدة منذ عهود بسبب موقعها المتميز في قلب النيل، ورغبة الدولة - بمعاونة مستثمرين وعروض أجنبية – لاصطيادها، عبر عدّة أجنحة تابعة لها أبرزها المسلسل في أدوارٍ واضحة.

جرى تصوير المسلسل في جزيرة الوراق، في وقت جرت به مناوشات واشتباكات – لا تنتهي لكنها وصلت للذروة في الأيام الأخيرة – خلال التصوير، وعطّلته أكثر من مرة.

 

3- "للحب قصة أخيرة".. إهمال من أجل الموت

للحب قصة أخيرة (1986)، أهم أفلام المخرج الراحل رأفت الميهي، وتدور أحداثه في جزيرة الوراق. ركَّز الميهي، خلال إخراجه للفيلم، على إهمال الدولة والقمامة، اللذان طغيا على معالم جزيرة الوراق، فأزالاها، واعتبرها – لأسباب حكومية امتدّت إلى الآن – منفصلة عن الواقع وعمّا حولها. "للحب قصة أخيرة" كانت به عدّة شخصيات، تسجّل ما يجري في الجزيرة من حالة إهمال حد الموت، وكأنّ رغبة الدولة دائمًا أن يموت أهل الجزيرة لكي تحصل عليها "خضراء وسهلة" لا زرع فيها ولا ماء ولا بشر، لبيعها لرجل أعمال، مثل: عبد العزيز، وهو رجل عجوز يعيش في عزلة هو وزوجته، ورغم أن ابنه قتل فهو ينتظر عودته! لعبت الرمزية دورًا في الفيلم، فهو ينتظر النجاة من بطش الحكومة، التي لن تأتي أبدًا.

سيطرت على الفيلم حالة الفقر الشديد التي يعيشها أهالى الجزيرة وقلة الخدمات وانتشار الخرافة، وكانت المعالجة قريبة من الواقع الذي تهمله الدولة ولا تلقي له بالًا، في محاولة لإغراقها في الفقر ثم التدخل لشراء المنازل بها، وطرد أهلها لكن مشكلات وأزمات هذه الجزيرة تاريخية ومزمنة، ولم تتغير حتى الآن.

اقرأ/ي أيضًا:

5 ملاحظات على مسلسل "واحة الغروب".. ماذا قال بهاء طاهر؟

مسلسل لا تطفئ الشمس.. سيرة الحب