15-سبتمبر-2020

يوشهيدي سوغا (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

حاز الأمين العام للحكومة اليابانية يوشهيدي سوغا على ثقة غالبية أعضاء الحزب الديمقراطي الليبرالي الياباني ليكون رئيسًا للوزراء خلفًا لرئيس الوزراء المستقيل شينزو آبي، بعدما حصل على ما لا يقل على 377  صوتًا من أصل 534 صوتًا، فيما حصل وزير الخارجية الأسبق فوميو كيشيدا على 89 صوتًا، ووزير الدفاع الأسبق شيجيرو إيشيبا على 68 صوتًا.

دائمًا ما نظر المحللون السياسيون إلى الرجل القادم من محافظة أكيتا الريفية التي تشتهر بزارعة الفراولة  على أنه المرشح الأول لخلافة آبي في منصبه

يوشهيدي سوغا، القادم من محافظة أكيتا الريفية التي تشتهر بزارعة الفراولة دائمًا ما نظر إليه المحللون السياسيون على أنه المرشح الأول لخلافة آبي في منصبه، بعدما أعلن عن استقالته من منصبه في آب/أغسطس المنصرم، بسبب المضاعفات التي سببها مرض التهاب الأمعاء الذي يعاني منه منذ سنوات، وزاد من تكهنات توليه المنصب سابقًا اختياره من قبل الإمبراطور الياباني ناروهيتو للإعلان عن حقبة الرايوا التي عادة ما ترتبط بالإمبراطور الجديد للبلاد.

اقرأ/ي أيضًا: شينزو آبي يستقيل من منصبه لظروف صحّية مزمنة

رحلة الصعود من الريف إلى المدينة

 تشير معظم التقارير التي تطرقت للسيرة الذاتية للسيد يوشهيدي سوغا إلى أن نشأته كانت في مزرعة للفراولة لعائلته في إحدى المناطق القروية لمحافظة أكيتا الريفية، حيثُ كان عليه في فصل الشتاء الإقامة في منزل داخلي من أجل الذهاب لمدرسته الثانوية نظرًا لما يعرف عن المحافظة بثلوجها الغزيرة خلال الشتاء، وعندما أنهى تعليمه الثانوي انتقل إلى طوكيو، وحصل فيها على عمل في مصنع للكرتون من أجل تغطية رسوم دراسته الجامعية.

عندما وصل يوشهيدي سوغا إلى طوكيو اختار إكمال دراسته في جامعة حوسي نظرًا لرسوم التسجيل المنخفضة، وتوفيرها لخيار الحصول على دروس ليلية في الجامعة حتى لا يتأثر عمله في مصنع الكرتون، وتخرج من الجامعة بعد حصوله على شهادة البكالوريوس في القانون في عام 1973،  في حين درس منافسيّه في الحزب في جامعتي كيو وواسيدا، وهما على عكس سوغا نشأً كذلك ضمن عائلتين سياسيتين لها صلاتها القوية داخل المؤسسة السياسية في البلاد، فيما حصل آبي على منصبه بسبب تاريخ عائلته السياسي في الحكومات السابقة.

دخل يوشهيدي سوغا الحياة السياسية لأول مرة بعد تخرجه من جامعة هووسي باشتغاله في إحدى حملات البرلمان الانتخابية، وعين بعدها بفترة سكرتيراً لنائب في الحزب الليبرالي الديمقراطي، لكن التحول الأبرز في مسيرته السياسية كان انتخابه عضوًا في مجلس مدينة يوكوهاما في عام 1987، قام خلالها يزيارة 30 ألف منزل سكني سيرًا على الأقدام، واستمر بعدها في منصبه في المجلس لأربع ولايات، قبل أن ينتخب عضوًا في المجلس التشريعي (الدايت) لأول مرة في عام 1996.

"العم رايوا" في قمة السلطة

استمر صعود يوشهيدي سوغا السياسي في الحزب بتعيينه من قبل رئيس الوزراء آبي كوزير للشؤون الداخلية والاتصالات ما بين عامي 2006-2007، حيثُ قدم آبي لأول مرة استقالته بسبب مضاعفات مرض التهاب الأمعاء، وخلال تلك الفترة فقد حزبه السيطرة على البرلمان لصالح الحزب الديمقراطي، وكان سوغا واحدًا من أعضاء الحزب القلائل الذين احتفظوا بمقعدهم البرلماني، قبل أن يلعب دورًا بارزًا بإقناع آبي الترشح لمنصب رئيس الوزراء للمرة الثانية في عام 2012.

عندما انتخب آبي رئيسًا للوزراء قام بتعيين يوشهيدي سوغا في منصب الأمين العام للحكومة، وتشير غالبية التقارير إلى أن سوغا كان بمثابة اليد اليمنى لآبي في الحكومة، من منحه مهام كثيرة وواسعة، من بينها تنسيق العمل والسياسات بين الوزارت، أو عمله كسكرتير صحفي لآبي، ما سمح لاسمه بالصعود داخل المشهد السياسي الياباني، وهو على ما يبدو واحد من الأمور التي أخذها الحزب بعين الاعتبار عندما صوت ليكون سوغا خلفًا لآبي في المنصب.

لكن الدعم الأبرز الذي سمح للسيد يوشهيدي سوغا بالصعود سياسيًا، جاء من خلال الإمبراطور الياباني عندما اختاره للإعلان عن بداية عصر الرايوا رسميًا في أيار/مايو الماضي، حيثُ كان اختياره للإعلان عن العصر الجديد على الهواء مباشرة حدثًا مهمًا في حياته السياسية، باعتباره الوجه الذي يمثل عصر الرايوا، وهو ما يعني تفضيله على غيره من باقي الأعضاء في الحزب الديمقراطي الليبرالي، ودفع باليابانيين لإطلاق عليه لقب "العم رايوا".

أبرز السياسات التي سيعمل عليها سوغا عند استلام منصبه

يعرف عن يوشهيدي سوغا من خلال مناصبه السابقة توجهه لاقتصاد السوق الحر الاجتماعي، وهو توجه اتسمت به سياسته منذ فترة مبكرة، كان من بينها مساهمته في خصخصة شركات السكك الحديدية في اليابان، وعندما انضم إلى البرلمان دفع بجهوده اتجاه خصخصة خدمة البريد في اليابان.

وينظر إلى يوشهيدي سوغا في الوقت الراهن على أنه سيكون استمرارًا لسياسة آبي الاقتصادية، والتي تقوم على التسهيلات النقدية والتحفيز المالي والإصلاحات الهيكلية، ووفقًا لتقارير صحفية فإن سوغا سيسعى لإعادة إحياء الاقتصادات الإقليمية من خلال رفع الحد الأدنى للأجور وتعزيز الإصلاحات الزراعية وتشجيع السياحة.

غير أن مهامه الأولى في منصبه الذي من المتوقع أن يعلن عنها رسميًا يوم غد الأربعاء، ستكون منصبة على معالجة التداعيات السلبية التي خلفها فيروس كورونا الجديد، من خلال دفع التعويضات للأسر والشركات المتضررة من تبعات التدابير الاحترازية التي فرضتها حكومة آبي لمكافحة الفيروس، أو تخطيطه لتأمين إمدادات كافية من اللقاحات خلال النصف الأول من العام القادم، فضلًا عن محاولة إحياء المفاوضات مع كوريا الشمالية دون شروط مسبقة لمعرفة مصير اليابانيين الـ13 المخطوفين لديها منذ ثمانينيات القرن الماضي.

على الصعيد السياسي داخليًا يبرز من ضمن أهداف سوغا مراجعة دستور اليابان الذي يعود لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بما يضفي الشرعية على قوات  الدفاع الذاتي

أما على الصعيد السياسي داخليًا يبرز من ضمن أهداف يوشهيدي سوغا مراجعة دستور اليابان الذي يعود لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بما يضفي الشرعية على قوات الدفاع الذاتي، وهي إحدى المرتكزات الأساسية لأجندة آبي، في حين يطمح في سياسته الخارجية لاستمرار التحالف مع واشنطن لفترة طويلة الأمد، إضافةً لمساعيه سواء في الوصول إلى منطقة حرة ومفتوحة في المحيطين الهندي والهادئ، أو الحفاظ على علاقات مستقرة مع الصين.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

7 أسئلة تشرح لك ما تحتاج معرفته عن الانتخابات اليابانية وأهميتها عالميًا

مشكلة بحر الصين الجنوبي