06-مايو-2017

تعتبر مواصلة الدراسة للاجئين السوريين فرصة لفتح آفاق جديدة أمامهم (دانيال رونالد/أ.ف.ب)

يبدو المستقبل مربكًا مرة وواضحًا مرة أخرى بالنسبة لعدد كبير من اللاجئين السوريين، اللذين اختاروا إكمال دراستهم في بلدان اللجوء، للحصول على شهادة جامعية تخول لهم العمل في المجتمع الجديد، ممن أضاعت عليهم الحرب هذه الفرصة، أو لتحقيق حلم قديم عند أغلبهم منعتهم من تحقيقه ظروف الحياة الصعبة في سوريا من قبل، أمّا بالنسبة لآخرين فتعتبر متابعة الدراسة من الضرورات الحياتية التي لا يمكن التغاضي عنها.

لا تبدو مواصلة الدراسة أمرًا سهلًا للاجئين السوريين في أوروبا خاصة في حال عدم الظفر بمنح تشجيعية من الحكومات والمؤسسات

في هذا السياق، غالبًا ما تسمع جملة "جئت لأُكمل دراستي، أو لأقدم لأطفالي مستقبلًا دراسيًا أفضل" بين أوساط القادمين الجدد، لتكتشف بعدها أنه حلم مشروع يُجمع عليه غالبية من المتعلمين، ولا نعني بذلك النخبة، بل من يريد بشكل حقيقي تطوير نفسه ليكون فعالًا ومفيدًا في المجتمع الجديد.

"ولكن لا يبدو الأمر بغاية السهولة بعد الدخول في تلك السيرورة"، تقول حلا أحمد، طالبة في إحدى الجامعات الفرنسية. وتتابع: "يبدو الأمر مستحيلًا  إن لم تحصل على منحة حكومية، وهذا ليس سهل التحقق، أحيانًا يعتمد الطالب على الحظ وغالبًا ما يصاب بخيبة أمل بعد إخفاقه بالحصول على منحة تغطي نفقات دراسته، فيذهب للبحث عن عمل".

وهذا ما جرى مع هبة، 22عامًا، طالبة في قسم الأدب الفرنسي في جامعة فرنسية، تقول لـ"الترا صوت": "صعوبات كثيرة جعلتني أعدل عن قراري بمتابعة دراستي، كان من أهمها عدم قدرتي على استيعاب المواد النظرية باللغة الفرنسية، وثانيًا لأنني لم أحصل على منحة، فاضطررت للبحث عن عمل".

اقرأ/ي أيضًا: التعليم.. حل أطفال اللاجئين الأفارقة بالجزائر

المنح كعامل جذب

أمنت الحكومة الفرنسية إلى جانب مؤسسات أخرى منحًا دراسية للشباب من اللاجئين السوريين في فرنسا، حين صار بإمكانهم الحصول على منحة سنوية إلى جانب قبول جامعي في جامعة ما، هذا ما دفع الكثيرين للبحث جديًا في المجال التعليمي، بعد وجود التسهيلات التي حصلوا عليها، هذا إلى جانب إعفاء بعض الجامعات لطلابها من رسوم التسجيل ومصاريف أخرى.

إن وجود المنحة الفرنسية مثل "كومبس فرانس" المقدمة للاجئين السوريين لمساعدتهم في إكمال تحصيلهم العلمي، شجعت الكثير منهم على التفكير بمتابعة الدراسة، فهي تمكنهم من إتقان اللغة الفرنسية والتحضير للدخول إلى سوق العمل أو استكمال الدراسة الأكاديمية. علمًا وأنه لا خطط واضحة ومناهج معتمدة من الحكومة الفرنسية لتعليم اللغة الفرنسية للاجئين بشكل منتظم.

تطرح تساؤلات عدة حول الجيل الجديد من الشباب السوري الذي واصل دراسته في دول اللجوء وكيف سيوظفون الفرص التي أتيحت لهم

تبدأ المنح المقدمة في فرنسا عادة بمنهاج مكثف لتعليم اللغة الفرنسية في الجامعة التي قبلت دراسة الطالب فيها، من خلال دروس وكورسات لغة مكثفة وسريعة غالبًا لا تتجاوز ستة أو تسعة أشهر، ليتمكن الطالب بعدها من الحصول على دبلوم لغة يؤهله لدراسة القسم الذي يريد.

من جوانب أخرى فسحت تلك المنح فرصة أمام اللاجئ للتعرف على المجتمع الفرنسي عن قرب، من خلال دروس متنوعة في الثقافة والفن وموضوعات كثيرة تُطرح في دروس اللغة الفرنسية ويناقشها المتعلم مع المعلم الفرنسي.

أسباب اجتماعية أخرى دفعت الكثيرين للتفكير بمتابعة الدراسة كخيار إجباري كان أمامهم، هذا ما وصل إليه البعض ممن واجهتهم مشاكل مع المساعد الاجتماعي أو ما يمكن تعريفه بالشخص المسؤول عن إدارة الشؤون الاجتماعية في بلد اللجوء.

"تسارع المساعدة الاجتماعية لدفعنا نحو القبول بأي نوع من أنواع العمل التي لا تحتاج لإتقان اللغة الفرنسية"، تقول ماري، 30عامًا معلمة، وتتابع: "أعمال كالتنظيف في البيوت والفنادق، وجلي الصحون في المطاعم. وبعيدًا عن الإهانة والشعور بالنقص، لا أرى نفسي أعمل بالتنظيف لأثبت للمجتمع الجديد الذي استقبلني أنني إنسان منتج، عملت في سوريا كمعلمة وأريد متابعة دراستي للحصول على مستوى أعلى يمكنني من العمل في هذه المهنة هنا أيضًا".

قرر والد هلا، 17 عامًا، السماح لها بمتابعة دراستها الثانوية كخيار مجبر عليه، وإلاّ سيوقف "الجوب سنتر" في ألمانيا عن تقديم المساعدة المالية للعائلة. وهكذا نجت هلا من مصير عديد السوريات، اللواتي يجبرن على ترك المدرسة لعدة أسباب كالزواج وغير ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: اللاجئ السوري والحق في التعليم

اختلاف مناهج التعليم.. المشكل

مرّ على أساليب التعليم القديمة وقت طويل، كأسلوب التلقين والحفظ حتى أضحت غير معتمدة ويكره استخدامها في الجامعات التي تعتمد على المناهج التعليمية الحديثة، هذا ما كان أول عقبة فعلية بوجه الكثير من الطلاب السوريين.

يلاحظ الكثير من الطلاب السوريين فرقًا واضحًا بين طريقتهم في الدراسة والحفظ وطريقة زملائهم من الفرنسيين من غير المعتادين على الحفظ. وتعتبر هذه المشكلة من أهم المشاكل التي تقف في وجه العملية التعليمية، والتي يتغلب عليها البعض بعد مرور الوقت، أو تعيق آخرين عن المتابعة.   

وتطرح تساؤلات كثيرة حول هذه الفرص المتاحة للاجئين السوريين وكيف سيوظفونها، وما تأثيرهم في السنوات القادمة على المجتمع الجديد ومدى مساهمتهم فيه.

اقرأ/ي أيضًا:

3 ملايين دولار لإصلاح التعليم في لبنان..ما الجدوى؟

أطفال سوريا يصنعون ملابس العالم في ظروف سيئة!