28-يوليو-2019

الناقدة آمنة يوسف

تنتمي الشّاعرة والقاصّة اليمنية آمنة يوسف (1966) إلى بوادي تهامة غربي اليمن. الناقدة المولودة في مدينة جدّة تربّت على حب اللغة العربية، بشعرها ونثرها. ولا شكّ في أنّها مدينة إلى هذا الحب الذي دفعها لأن تستقي من بحور العربية ومؤلّفاتها، وتعيش في كلّ كلمة تقرأها، وتفسّر ما وراءها، وتكشف مكامن القوة والضعف في كلّ نصٍّ تقرأه.

رسالتا الماجستير والدكتوراه لآمنة يوسف تُعرفان بأنّهما أوّل رسالتين في اليمن تناولتا فضاء السرد الروائي والقصصي

بدأت آمنة يوسف التي فازت العام الماضي بجائزة "الطيب الصالح العالمية للإبداع الكتابي/ فئة الدراسات النقدية" (المركز الثالث)؛ بكتابة الشعر في الثالثة عشرة من عمرها، ونشرت أولى مقالاتها الأدبية وقصائدها في الصحف في المرحلة الثانوية، مُتعمّدةً نشرها باسمها الحقيقي، في الوقت الذي كانت فيه أغلبية الكاتبات ينشرن بأسماء مستعارة خوفًا من المجتمع وعاداته، كما تقول.

اقرأ/ي أيضًا: علي المقري في رواية "بلاد القائد".. بارانويا الحاكم العربي

"كانت السنة التمهيدية للماجستير بداية قصّتي مع النقد الأدبي، وفتحت لي آفاقًا واسعة ومبهجة في عالم النقد ومناهجه الحداثية المغرية، من خلال قراءة جديد النقد الأدبي دائمًا، والالتحاق فعليًا بالدراسات النقدية الحداثية المتعلّقة بالسرد تحديدًا، في ضوء المنهج البنيوي أوّلًا، والسيميائية ثانيًا".

قدّمت كاتبتنا العديد من الكتب، تنوّعت بين رواية وشعر ونقد، أبرزها: "تقنيات السرد في النظرية والتطبيق"، و"مقاربات بنيوية في السرد"، و"الراوي وإيقاع السرد"، و"تهجين الاتّجاه في سرد ما بعد الحداثة"، و"سيميائية النص القصصي"، و"شعرية القصة القصيرة في اليمن". أمّا في الشّعر، أنجزت يوسف أربع مجموعاتٍ شعرية، وهي "خذوا هذه الذاكرة"، و"علميني الحب يا رؤى"، و"انكسارات"، و"الخوف". بالإضافة إلى مجموعة قصصية بعنوان "جوقة الوقت".

رسالتا الماجستير والدكتوراه، المسجّلتين في جامعة صنعاء، تُعرفان بأنّهما أوّل رسالتين في اليمن تناولتا فضاء السرد الروائي والقصصي، وأصبحت من خلالهما واحدة من روّاد السرد الروائي والقصصي في اليمن. في هذا السياق، تقول ضيفتنا عن تأثير النزاعات والحرب على الأدب: "إنّ الأدب في وجه من وجوهه البراغماتية صورة من صور الواقع الاجتماعي والسياسي. ويعدّ أيضًا تعبيرًا واقعيًا، بالمعنى الفنّي للواقعية، عن الواقع المعيش، ونشدان تجاوز كلّ الأزمات السياسية والرغبة في تغيير هذا الواقع السياسي المأزوم".

وبيّنت آمنة يوسف التي تعمل أستاذة لغة عربية في كلية اللغات في جامعة صنعاء، أنّ: "هناك تطوّر كبير ومغرٍ للأدب العربي الحديث يفوق واقعنا السياسي المهزوم، ويؤكّد ما تقوله متابعتنا لما يصدر من جديد الأدب العربي الحديث، الذي لا يزال بخيرٍ وعافية وسلام فنّي يفوق السلام السياسي المفقود". وتعتقد أنّ: "طرق النقد البناءة تمكن في المنهج والنظرية اللذين ينبغي أن يتسلّح بهما الناقد الأكاديمي المتخصّص، الذي يمتلك ملكة النقد الإبداعي موهبة صقلها بالقراءة العميقة التي دفعته إلى أن يتبنى منهجًا ونظرية يحلّل من خلالهما نصّه الأدبي، بحيث لا يكون نقده مجرّد مقالة انطباعية فقط". تضيف: "غاية الناقد هي استكشاف جماليات النص الأدبي، والكشف عن المسكوت عنه من خلال المنطوق، لغة النص الأدبي".

واجهت آمنة يوسف صعوبات جمّة في مسيرتها، أهمّها الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها كلّ اليمنيين، وطباعتها لمعظم كتبها على نفقتها الخاصة. ورغم كلّ ما تزخر به حياتها من كتب ومؤلفات، إلّا أنّها لم تتلقى سوى الدعم المعنوي فقط. تقول: "لم أنجز كتبي على بساطٍ من حرير، لأنّني عانيت كثيرًا ولا أزال أعاني من الناحية الاقتصادية التي يرزح تحت وطأتها كلّ الفقراء مثلي في اليمن، والتي هي نتيجة الحرب التي طال أمدها".

غاية الناقد هي استكشاف جماليات النص الأدبي، والكشف عن المسكوت عنه من خلال المنطوق، لغة النص الأدبي

من بين الأشياء الكثيرة التي تُحزن يوسف، نجد أن انقطاع معرض الكتاب الدولي في اليمن منذ 2011 بسبب الحرب التي تعيشها البلاد، هو أكثر ما يحزنها. لأنّها، وككلّ قارئ وناقد، تهتم بقراءة كلّ الإصدارات الجديدة، نقدية وغيرها. تقول كاتبتنا في سياق حديثنا هذا إنّ علاقتها بالكتب الإلكترونية عادية جدًا. تُضيف: "أنا من الجيل الذي يحب ملامسة الكتاب الورقي والكتابة على الورق، ولو أنّها طريقة كلاسيكية لكنّني أستمتع بها إلى أقصى حد".

اقرأ/ي أيضًا: الأدب في اليمن.. الروح الصلبة في وجه الخراب

وعن أحلامها، لا يبدو أنّها تتجاوز في الوقت الراهن أبسط أحلام اليمنيين، أي توقّف الحرب التي اقتحمت البلاد، وحرمتهم من الأمن والاستقرار.

 

اقرأ/ي أيضًا:

غابرييلا أليمان: الأدب هو حقل ألغام الخيال

من أين أبدأ مع هاروكي موراكامي؟