20-أبريل-2018

آلا ن دو بوتون

يقدّم آلان دو بوتون في "قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضا أو المهانة" (دار التنوير، ترجمة محمد عبد النبي، 2018) كتابًا يبدو وكأنه إيناس لنا وتسرية عنا وتقوية في مواجهة ومعالجة شؤون الحياة، فلسنا وحدنا من نهتم بهذه الأمور، رغم أن قليلًا من يتكلمون عنها في العلن، فالكشف عن هذا القلق يعد طيشًا اجتماعيًا، لذلك ستمنحنا قراءة الكتاب الثقة والطمأنينة، لكون دو بوتون يكشف لنا خبايا وزوايا في أنفسنا ولا يتركنا دون أن يصالحنا معها.

تعتمد صورتنا الذاتية على ما يراه الآخرون فينا، ونستمد احترامنا لأنفسنا من احترام الآخرين لنا

إنّ "قلق السعي إلى المكانة" هو الرغبة في أن نكون محط أنظار للآخرين، وموضعًا لعنايتهم، وأن نجاري قيم النجاح التي وضعها المجتمع في أن نكون مقدّرين ومحبوبين.

اقرأ/ي أيضًا: السلطة المركزية وحياتنا الشخصية

تعتمد صورتنا الذاتية على ما يراه الآخرون فينا، ونستمد احترامنا لأنفسنا من احترام الآخرين لنا، لذلك يعد اهتمام الناس بنا مهمًا في تحديد قيمتنا الخاصة ومكانتنا في المجتمع، فإذا ضحكوا من النكات التي نلقيها ازدادت ثقتنا في أنفسنا على الإضحاك، وإذا امتدحوا عملنا يولد لدينا انطباع بمهارتنا وتميزنا. هكذا ندع تقييمات الآخر تلعب دورًا حاسمًا في الطريقة التي نرى بها أنفسنا.

يتولّد عن الفشل في تحقيق مكانة في المجتمع قلق خبيث، وشعور بالمهانة بأننا أقل من غيرنا، وإذا تجاهلنا الناس ولم يلتفت إلينا أحد عندما نتكلم أو نعمل يتصاعد داخلنا نوع من الحنق واليأس والحسد، الحسد من الأنداد الوهميين، من أشباهنا وأقراننا، مجموعتنا المرجعية، في حين يتسامح الكثيرون مع النجاحات والنعم الباذخة لأشخاص يخرجون من دائرة اهتمامنا. إنه ذلك الشعور اللعين، الذي يزداد كلما قلت فرص المنافسة العادلة الشريفة، ففي ظروف مختلفة كان من الممكن أن نصير غير ما نحن عليه، ما يرسّب لدينا شعورًا سيئًا بالنقمة والغضب والقلق.

"قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضا أو المهانة

الأمريكي وليم جيمس له رأي لطيف، وهو أن الشعور بالرضى لا يتحقق بنجاحنا في كل مسعى من مساعي الحياة، إنما في إنجاز محدد يختاره الإنسان، ونشعر بالمهانة إن خاب سعينا في تحقيقه، وقد اعترف جيمس نفسه بأنه إذا اكتشف إلمام شخص أكثر منه بعلم النفس انتابه الشعور بالغيرة والحسد.

يشير جيمس إلى "خفة غريبة في قلب المرء إذا ما تقبل بإيمان طيب ألا يكون شيئًا مذكورًا في مجال محدد"، فالتخلي عن التوقعات العالية والطموح المبالغ فيه يجلب قدرًا من راحة البال.

إذ تذكرنا نصيحة دو بوتون الرائعة "كن مستقلًا" صرنا أشد مناعة من المؤثرات الخارجية ولا نهتز بسهولة، سواء تلقينا التجاهل أو الانتباه. إذا أجرينا تقييمًا نزيها لمواطن قوتنا وضعفنا فلن يجرحنا تقييم الآخرين لنا، وسنكون على ثقة بقدراتنا وأنفسنا.

الحل طبعًا في ألا تربط مكانتك وقيمتك بأي شخص.

 

اقرأ/ي أيضًا:

علم النفس.. تأسيس إسلامي

قصص "ليثيوم".. متاهات النفس البشرية