25-أبريل-2018

صورة لنسخة من المجلة (أ.ب)

عندما وجد الأمريكيون في الشهر الماضي، مجلة مكتوب على غلافها بخط أبيض عريض "المملكة الجديدة"، تباع في أسواق وول مارت وفي أكثر من مئة ألف كشك جرائد، مع صورة كبيرة لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالتزامن مع زيارته للولايات المتحدة، لم يعرف أي شخص مصدر المجلة التي تحتوي على 97 صفحة من التملق الفج لصاحب السلطة الفعلية في المملكة، ونفت السفارة السعودية أي صلة لها بذلك. لكن معلومات حصلت عليها وكالة "أسوشيتد برس" تقول إن السفارة كانت على علم، وأنها حصلت على نسخة من الناشر قبل أسابيع من هذا الموعد.

لم تقتصر لغة المجلة على دعائية مباشرة ومضحكة فقط لصالح ابن سلمان، ولكنها تضمنت مبالغات لا يمكن تصديقها

تضمن غلاف المجلة التي وزعت بسعر 13.99 دولار، وبدون إعلانات، مجموعة من الجمل الترويجية، غير الحقيقية، لابن سلمان، مرة باعتباره "حليفنا الأقرب في الشرق الأوسط الذي يدمر الإرهاب"، ومرة أخرى باعتباره الشخص الذي "يحسن حياة شعبه والآمال بالسلام". أما الأطرف على الإطلاق، فعنوان مكتوب بخط أصفر واضح على الجهة العليا من الغلاف، ربما كان الماركسيون المتفائلون في كوبا سيشعرون بشيء من المبالغة لو وصفوا به تشي جيفارا، يقول: "أكثر القادة المؤثرين الذي يغير العالم في عمر الـ32".

اقرأ/ي أيضًا: لوبي ابن سلمان في الإعلام الغربي.. "تطبيل" للكوارث

حسب مقاطع نشرها موقع "ميديل إيست آي" البريطاني من المجلة، فإن اللغة لم تقتصر على دعائية مباشرة ومضحكة فقط، ولكنها تضمنت مبالغات لا يمكن تصديقها، عن الأجواء الليبرالية التي تسود في البلاد، وعن الحريات وحقوق المرأة، لم يكن أشد الحالمين بمجتمع سعودي مثالي يتخيلها.

وسيتفاجأ المطلع على المجلة، إذا انتبه إلى اسم الناشر، أن المسؤول عن طباعة شعارات الحرية ومحاربة الإرهاب وتغيير العالم، هو نفسه الذي ينشر مجلة "ناشونال إنكويرر" البذيئة، والمتخصصة بالقصص الجنسية الرخيصة، وبمواعيد وفاة هيلاري كيلنتون المتكررة.

المسؤول عن طباعة المجلة المروجة لابن سلمان هو نفسه الذي ينشر مجلة "ناشونال إنكويرر" البذيئة، والمتخصصة بالقصص الجنسية الرخيصة

بعد مضي وقت على كل ذلك، كشفت وكالة أسوشيتد برس الثلاثاء 24 نيسان/أبريل الجاري، من خلال وثائق حصلت عليها، أن هناك نسخة إلكترونية من المجلة، شوركت مع السفارة السعودية قبل ثلاثة أسابيع من نشرها.

تبين وثائق الوكالة، أن نسخة PDF  وصلت في يوم التاسع عشر من شباط/فبراير للسفارة السعودية، وبدأ تداولها بين المسؤولين السعوديين، إلى أن وصلت إلى نائل الجبير، المتحدث السابق باسم السفارة، وشقيق وزير الخارجية السعودي عادل الجبير. في اليوم التالي، بدأ المسؤولون السعوديون بإعادة توجيهها إلى عناوين السياسة الخارجية في واشنطن.

كما أكدت وكالة أسوشيتد برس ناقلة عن شخص مطلع على الموقف، أن المؤسسة الناشرة قد تواصلت فعلًا مع المسؤولين السعوديين في الولايات المتحدة، وطلبت منهم المساعدة في إعداد المحتوى.

اقرأ/ي أيضًا: التحالف السعودي يقتل 33 مدنيًا في ضربة واحدة.. استهداف أعراس اليمن مجددًا

تشير الوكالة إلى أن هناك مجموعة من مواضع الاستفهام التي تؤكد تمويل السعودية لهذا المشروع. إذ لماذا تدفع مؤسسة تجارية ثمن مئتي ألف نسخة من مجلة تتملق لابن سلمان، غير المعروف للشارع الأمريكي، خاصة في ولاية مثل نبراسكا التي نشرت فيها المجلة؟

وبطبيعة الحال، فإنه وبسعر مثل 14 دولار، ومن دون إعلانات، لا يبدو أن الناشر يتصرف كمؤسسة ربحية. إضافة إلى ذلك، فإن طريقة العرض، التي تجاهلت أي حديث عن عمليات القمع المنظمة في المملكة، والانتهاكات الإنسانية في اليمن، وتورط السعودية في عديد من مواضيع الإرهاب من ضمنها هجمات 11 أيلول/ سبتمبر التي استدعت التدخل بملايين الدولارات السعودية لتعطيل قانون جاستا، توحي بالتأكيد أن هناك مصلحةً للمجلة في تلميع صورة ابن سلمان.

هناك مجموعة من مواضع الاستفهام التي تؤكد تمويل السعودية لنشر هذا العدد من المجلة الجنسية التي أشادت بابن سلمان

هناك أكثر من سبب قد يقف وراء إنكار الصحيفة لأية علاقة للمشروع بالسعودية. فإضافة إلى رغبة الرياض بألا تظهر كمن يدفع بتخطيط مسبق من أجل الترويج لولي العهد، فإن الشركة أيضا ستتعرض للمحاسبة القانونية، في حال إثبات أنها كانت تتعامل مع جهة أجنبية، لأنها كان يجب أن تسجل هذا الاعتماد لدى الحكومة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب.

على العموم، لم تقتصر هفوات المجلة على تلفيق صورة وردية لرجل مثير للجدل، ولكنها ضمنت صورًا قالت خطأ إنها من السعودية، من بينها صورة لكثبان رملية في ناميبيا، ومشهد طبيعي من هولندا، بالإضافة إلى صور من الحياة البرية في زامبيا وفلسطين المحتلة. لقد بدا أن هذا الاستهتار ملائم للمشهد جميعه، خاصة لصورة "الرجل الذي يغير العالم" على صفحات مجلة فضائحية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

محفل بروباغندا ابن سلمان الغربي.. غراميات توماس فريدمان

سقوط توماس فريدمان.. الصهيونية في مديح ابن سلمان