أعلنت شركة آبل، عملاق التكنولوجيا العالمية، عن استثمار ضخم بمليارات الدولارات في الولايات المتحدة، في خطوة وصفها المحللون تدعم التصنيع المحلي وتعزز الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتطورة، حيثُ تشمل الخطط الاستثمارية افتتاح منشأة تصنيع، بالإضافة إلى إنشاء أكاديمية تدريب، وتوسيع الإنتاج الدرامي والسينمائي في عدة ولايات أميركية.
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التقى بالرئيس التنفيذي لشركة آبل، تيم كوك، في البيت الأبيض في وقت سابق من الأسبوع الماضي. وأكد ترامب عقب الاجتماع أن عملاق التكنولوجيا التزم بنقل عمليات التصنيع من المكسيك إلى الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن آبل تريد استثمار مئات الملايين من الدولارات في الولايات المتحدة، وتابع مضيفًا "إنهم يسعون لتجنب التعريفات الجمركية".
تركز على التصنيع وبناء التقنيات المتطورة
قال الرئيس التنفيذي لعملاق التكنولوجيا في بيان إعلان ضخ الاستثمارات: "نحن متفائلون بمستقبل الابتكارات الأميركية، ونفخر بالبناء على استثماراتنا السابقة في الولايات المتحدة، من خلال استثمار 500 مليار دولار في مستقبل بلدنا"، وأضاف أن الاستثمارات ستركز على "التصنيع المتقدم لدينا وبناء تقنيات متطورة في تكساس"، مؤكدًا على دور عملاق التكنولوجيا في تعزيز التصنيع الأمريكي والمساهمة في تطوير الابتكار.
وصف المحللون ضخ آبل مليارات الدولارات للاستثمار في قطاع التكنولوجيا الأميركي بأنه خطوة تعزز التوجه نحو التصنيع المحلي والاستثمار في التقنيات المتطورة
وبحسب آبل، فإن الاستثمارات تشمل افتتاح منشأة تصنيع متطورة في هيوستن لإنتاج خوادم تدعم نظام "آبل إنتليجنس"، إلى جانب مضاعفة صندوق التصنيع المتقدم وإنشاء أكاديمية في ميشيغان لتدريب المصنعين المستقبليين. كما تعتزم الشركة توسيع استثماراتها في البحث والتطوير، خاصة في مجالات الهندسة وتطوير البنية التحتية لمراكز البيانات.
بالإضافة إلى ذلك، تخطط الشركة لإنتاج أعمال خدمة البث التدفقي العالمية آبل تي في بلس في 20 ولاية أميركية، وهي أول خدمة بث تدفقي حائزة على جائزة الأكاديمية الأميركية "الأوسكار". وتعد آبل من أكبر دافعي الضرائب في الولايات المتحدة، حيث دفعت نحو 75 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية، من بينها 24 مليار العام الماضي.
تحذيرات سابقة لترامب
حذر ترامب في أكثر من مناسبة أن إدارته تخطط لفرض "تعريفات جمركية على الإنتاج الأجنبي للرقائق الحاسوبية وأشباه الموصلات والأدوية، بهدف إعادة إنتاج هذه السلع الأساسية داخل الولايات المتحدة"، مشيرًا إلى أن شركات التكنولوجيا لا ترغب "دفع ضرائب بنسبة 25 % أو 50 % أو حتى 100 %"، لافتًا إلى أنه في حال قرروا التوقف عن دفع الضرائب الجمركية، فإنه ينبغي عليهم بناء مصانهم في الولايات المتحدة.
وكانت آبل قد حصلت على إعفاء من الرسوم الجمركية المفروضة على الصين خلال فترة ولاية ترامب الأولى (2017 – 2021)، بعد استثمارها بـ350 مليار دولار بالمدة ذاتها. وتعليقًا على بيان الشركة، قال ترامب في منشور على منصته الخاصة "تروث سوشال" إن سبب ضخ "آبل" لهذا المبلغ يعود إلى "ثقة" إداراته، مضيفًا أنه "بدونها لما استثمروا حتى عشرة سنتات".
"أترك للرئيس فعل ما يشاء"
لم يستبعد مستشار التجارة والتصنيع في البيت الأبيض، بيتر نافارو، أن تمنح إدارة ترامب إعفاء جمركيًا لـآبل على القطع المستخدمة في تصنيع أجهزة آيفون، وغيرها من الإلكترونية الأخرى التي تستوردها من الصين. وردًا على سؤال مرتبط بهذه القضية، أجاب نافارو في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية: "هذا دائمًا قرار الرئيس ترامب"، مضيفًا "أنا دائمًا أترك للرئيس فعل ما يشاء".
في أحدث تدبيرٍ من التدابير التي تُهدّد بقلب التجارة الدولية، أعلن #ترامب، أنه بصدد فرْض رسوم جمركية بنسبة 25 % على واردات السيارات وأشباه الموصلات والأدوية.
التفاصيل في التقرير: https://t.co/eJ8AXTjw0V pic.twitter.com/kG5xWvJja7
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 19, 2025
ويرى المحلل المالي في "سي أف آر إيه" (CFRA)، أنجيلو زينو، أن استثمار عملاق التكنولوجيا في الولايات المتحدة لن يتجاوز التعريفات الجمركية المفروضة على الصين، لكنه أضاف مرجحًا أن يضع هذا الإعلان "الشركة على قائمة الإدارة الجديدة إذا ما وُضعت إعفاءات (الضريبية) على الطاولة". وفي المقابل، وصف المحلل المالي في شركة "D.A. Davidson"، جيل لوريا، ضخ آبل لهذا المبلغ الكبير بأنه "إشارة تجاه إدارة ترامب".
الرقم يبدو كبيرًا
صبت معظم التحليلات التي رافقت إعلان آبل في أن يساعد هذه الاستثمار في حصول الشركة على إعفاء ضريبي مماثل لولاية ترامب الأولى. ووفقًا للمحلل المالي في شركة مورنينج ستار لأبحاث الاستثمار، ويليام كيروين، فإن خطة الإنفاق للشركة تُعد "استراتيجية مباشرة لكسب إعفاء من الرسوم الجمركية على الواردات من الصين"، موضحًا أن آبل تعتمد على "تصنيع نحو 70% من أجهزة آيفون في الصين، مما يعني أن الرسوم الجمركية قد يكون لها تأثير كبير على البيانات المالية للشركة".
لكن محللي مصرف "يو بي أس" (UBS)، وأكبر المصارف الاستثمارية في سويسرا، شككوا في قدرة عملاق التكنولوجيا على ضخ مثل هذا المبلغ خلال الفترة التي حددها البيان، نظرًا لاعتماد الشركة شبكة كبيرة من الموردين خارج الولايات المتحدة. وقال المحللون في مذكرة أرسلت للمستثمرين: "على الرغم من أن الرقم الرئيسي يبدو كبيرًا من الوهلة الأولى، نعتقد أنه يفتقر إلى الجوهر في هذه المرحلة بناءً على التاريخ".
الاعتماد على الصين في تصنيع أغلب أجهزة آيفون
حسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، اعتمدت شركة آبل تاريخيًا على الصين في تصنيع أغلب أجهزتها، رغم محاولاتها المتزايدة لإنتاج هواتف آيفون في الهند، ما يستدعي شحن العديد من القطع الأساسية من الصين ودول أخرى. وترى أن إعلان الشركة عن خطط تجميع خوادم متطورة في تكساس تشمل شرائح حاسوبية ومكونات تُصنع خارج الولايات المتحدة، تأتي ضمن استراتيجية لتقليل اعتمادها على سلاسل التوريد الخارجية وتعزيز مرونتها الإنتاجية عالميًا.
وتعتمد الخوادم الذكية على شبكة معقدة من الشركات التي طورت تقنيات متخصصة على مدى عقود، منها شركة TSMC التي تنتج أغلب الشرائح المتطورة في تايوان. وعملت TSMC على توسيع تواجدها في الولايات المتحدة بإعلانها عن بناء مصنع في أريزونا، والذي كان مدعومًا بمنحة قدمتها إدارة الرئيس السابق، جو بايدن، بقيمة 6.6 مليار دولار، وقد بدأت بالفعل في تصنيع شرائح لآبل، التي تُعد أكبر عملاء هذا المصنع.
الشركات الكبرى تستثمر بمليارات الدولارات
أعلنت كبرى شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة عن خطط استثمارية بمليارات الدولارات بعد وصول ترامب إلى الأبيض. إذ قالت شركة ميتا، الجهة المالكة لمنصة "فيسبوك"، إنها تعمل على إنشاء كابلاً تحت الماء يربط خمس قارات على مساحة تتخطى 50 ألف كم، والذي أطلقت عليه "مشروع ووترورث"، مشيرةً إلى أن الكابل سيوفر "قدرة اتصالات متطورة للولايات المتحدة والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا ومناطق أخرى".
🤖🔴
محامي "أوبن إيه آي" يؤكد في رسالةٍ إلى محامي #ماسك، أن رفض الاقتراح كان لأنه "ليس في مصلحة" الشركة"، موضحًا أن "العرض الذي حظي بتغطيةٍ إعلاميةٍ واسعة النطاق من قبل عملائك ليس عرضًا واقعيًا على الإطلاق". pic.twitter.com/TOK9Y3Lqlp— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 16, 2025
كما أعلن تحالف ثلاثي ضم شركة "أوبن إيه آي" بالاشتراك مع "سوفت بنك" و"أوراكل" عن ضخ استثمارات بقيمة 500 مليار دولار لإنشاء شركة "ستارغيت" لتعزيز البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. وتوقّع التحالف أن يبدأ الاستثمار بـ100 مليار في المرحلة الأولى، مع توفير آلاف الفرص، حسب بيان "أوبن إيه آي".
وقال بيان "أوبن إيه آي" إن "ستارغيت" ستقوم ببناء مراكز بيانات ومحطات توليد الكهرباء المستخدمة لتطوير الذكاء الاصطناعي في تكساس، على أن يتوسع المشروع إلى ولايات أخرى خلال السنوات المُقبلة، وأضافت في البيان أن المشروع يضمن تطوير البنية التحتية للحفاظ على ريادة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" قد أشارت إلى أن إدارة ترامب تركز على تسهيل إنشاء محطات توليد الكهرباء، استعدادًا للتوسع الكبير في استخدام الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لا يزال الإطار التنظيمي لهذه التكنولوجيا غير واضح، خاصة بعد إلغاء أمر تنفيذي أصدره بايدن في عام 2023، وكان يهدف إلى وضع معايير السلامة، واعتماد علامات مائية على المحتوى الذي يُنتجه الذكاء الاصطناعي.