30-أكتوبر-2022
Embroidery Factory In Congjiang County

تتبنى الصين خطابًا يركز على القيم التقليدية فيما يخص المرأة (Getty)

كشف مجلس الشعب الصيني على موقعه الرسمي عن تعديلاتٍ على قوانين حماية المرأة في البلاد لمكافحة التحرّش الجنسي والتمييز، في أول تعديلٍ على القانون منذ ما يقارب 30 عاماً.

التعديلات لقانون حماية حقوق المرأة ومصالحها قد تمّ اعتمادها، وستسري اعتبارًا من مطلع العام 2023

وفي بيانٍ رسمي نُشر صباح يوم الأحد 30 تشرين الأول/أكتوبر، قال البرلمان الصيني أن التعديلات لقانون حماية حقوق المرأة ومصالحها قد تمّ اعتمادها، وستسري مع مطلع العام 2023.

تأتي هذه التعديلات في الوقت الذي خلا فيه المكتب السياسي للحزب الشيوعي الحاكم في الصين من أية امرأةٍ، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك منذ 25 عاماً، بعد تقاعد "صون تشونلان"، التي كانت فيما سبق المرأة الوحيدة في المجلس. 

تنصّ التعديلات الجديدة على توجيه الحكومات المحلية إلى تعزيز حماية حقوق المرأة، وذلك وفقاً لـ"تشانغ تيوي" للمتحدّث الرسمي باسم اللجنة القائمة على الشؤون التشريعية في البرلمان.

وقال تيوي: "هذه التعديلات هي ثمرة بحوثٍ متعمّقة ركّزت على المشاكل الشائكة في حقل حماية المرأة." وأضاف المتحدّث الرسمي في تصريحاته لصحيفة "بيزنس هيرالد" أن القانون يهدف إلى معالجة عددٍ من القضايا منها التحرّش والتمييز في سوق العمل، مع تركيز القانون أيضاً على مساعدة النساء على الموازنة بين العمل وواجباتهم في تربية الأطفال.

كما قالت الوكالة الصينية الرسمية للأنباء "شينهوا" أن القانون الجديد "سيعزّز حماية حقوق ومصالح الفئات المستضعفة كالنساء الفقيرات، والنساء الكبيرات في العمر، والنساء من ذوي الاحتياجات الخاصة."

وركّز القانون أيضاً على قضية الاتجار بالنساء، حيث يجرّم القانون الجديد أي محاولاتٍ لإعاقة إنقاذ النساء المخطوفات أو اللواتي وقعنّ ضحية الاتجار بالبشر، ويأتي ذلك بعد انتشار صورةٍ لامرأةٍ بالأصفاد بداية هذا العام، وهو ما أثار ضجةً كبيرة حول تعامل السلطات مع قضية الاتجار بالبشر التي تُعتبر مشكلةً كبيرةً خصوصاً في المناطق الريفية.

 

ولو أخذنا بمسودةٍ أوليةٍ من نصّ القانون، فيظهر أن التشريعات الجديدة تمنع أصحاب الأعمال من تحديد الجنس الذين يفضّلونه في إعلاناتهم الوظيفة، كما تمنع سؤال النساء المتقدّمات لوظيفةٍ ما عن حالتهم الاجتماعية أو الزوجية. ومن الناحية الأخرى يُملي القانون على الشركات وضع آلياتٍ للوقاية من شكاوى من هذا النوع والتحقيق والبتّ فيها إن وُجدت.

تأتي هذه التعديلات في وقتٍ تتبّنى فيها الحكومة خطاباً يركّز على القيم "التقليدية" في حديثها عن المرأة. ولعل ذلك له علاقةٌ بالانخفاض المقلّق لمعدّل الولادات الجديدة، الذي دفع الحكومة إلى اعتماد سياساتٍ لتحفيز النساء على إنجاب المزيد من الأطفال، منها تحسين التامين الصحي للأمهات ومحاربة الإجهاض، بعد أن وصلت معدّلات الإنجاب إلى أدنى مستوياتها بداية هذا العام، في حين علّلت الحكومة الصينية ذلك بانتشار جائحة كوفيد.  

من ناحيةٍ أخرى، كان الرئيس الصيني "شي جين بينغ" قد صرّح في عام 2020 أن على النساء "تحمّل مسؤوليات الاعتناء بالكبار والصغار، وأيضاً تعليم الأطفال." كما أن الصين قد واجهت حملة #MeToo بضراوة، لأنها، من نظرهم، تسعى إلى نشر القيم الليبرالية الغربية، وهو ما أدّى إلى تكميم آراء النساء اللواتي حاولن الحديث عمّا تعرّضنَّ له من اعتداءاتٍ جنسية.

تأتي هذه التعديلات في وقتٍ تتبّنى فيها الحكومة خطاباً يركّز على القيم "التقليدية" في حديثها عن المرأة

وحتى مع اعتماد القوانين الجديدة، وما قد تعنيه من حقوقٍ أفضل للمرأة في مكان العمل، لا يبدو أن موقف الحكومة الصينية سيشهد تغيّرات كبيرة على هذا الصعيد بالضرورة، إذ أكّد المتحدّث الرسمي في تصريحاته أيضاً عن القوانين الجديدة أن الدولة "لن تستنسخ التدابير الموجودة في النظام الغربي."

يذكر أن هذا القانون قد وضع تحت المراجعة منذ نهاية العام 2021، حيث وجهت الحكومة الصينية دعوة للعامة والمختصين لتقديم المقترحات لتعديل ما يلزم من أحكامه.