07-أبريل-2018

معرض بغداد للكتاب (فيسبوك)

كان "معرض بغداد الدولي للكتاب" أول معرض دولي للكتاب تسنح لي فرصة زيارته، لهذا وجدتني أنكب على الكتب الجديدة والقديمة أيضًا، إذ أن سنجار، المنطقة التي نشأت فيها، كانت تفتقر إلى المكتبات، من بينها كتب أبي المعدودة التي أنقدتني خلال فترة ما قبل انهائي للمدرسة الإعدادية، وبعد غزو داعش لبلدتنا ومن ثم نزوحنا إلى قضاء زاخو، في إقليم كردستان، حيث لا توجد أية مكتبة تذكر فيها، مثلها في ذلك مثل سنجار.

يمثّل "معرض بغداد الدولي للكتاب" منصة بالغة الأهمية لشدّ ما يحتاج إليها العراقيون الآن

بعد أن بدأت بالدراسة في جامعة دهوك حيث يوجد عدد محدود من المكتبات، ومعظم كتبها من كتب التنمية البشرية والروايات الأكثر مبيعًا، التي أقف على مسافة منها واتجنب مجرد الاطلاع عليها.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا يغيب الرئيس المصري عن معرض الكتاب؟

أذكر أن في أول يوم لي زرت المكتبات في دهوك، سألت أحد بائعي الكتب عما إذا كان يتوفر "كتاب الشخصية المحمدية" للشاعر معروف الرصافي، فأخبرني أنه سيرسلني للسجن إن سألت عن هذا الكتاب المحظور ثانية، ربما هذه من أكثر الأسباب التي جعلتني شغوفًا أكثر بزيارة المعرض، وفعلًا لم يخيّب معرض بغداد ظنوني، كما أن فرصة اللقاء ببعض الأصدقاء والكتاب المبدعين من داخل العراق وخارجه أعطت الايام التي زرنا فيها المعرض نكهة مميزة للغاية.

لا شك أن للكتب وأندية القراءة الدور الأكبر في زيادة وعي الأفراد، لكن القراءة كأي فعل استكشافي آخر مغامرة، قد يوفق البعض في البدء بقراءة الكتب التي توجههم نحو الانفتاح على العالم، وقد لا يوفق البعض الآخر ويتجه إلى أن يصير إنسانًا متعصبًا، وهذا التعصب قد يقود إلى العنف، كما أن تناول الباحث موضوعًا في كتابه من دون جهد بحثي قد يساهم في توجيه القارئ إلى التعصب، خاصة إذا كان هذا البحث عن مجموعة عرقية في علم الاجتماع والتأريخ والأنثروبولوجيا، على سبيل المثال كتابات المستشرقين عن الأيزيديين بأنهم بشر ذوو أذناب طويلة، وكذلك حال الباحث الاجتماعي العراقي علي الوردي الذي يكتب رأيًا في كتابه "مهزلة العقل البشري"، محاولًا فيه الدفاع عن الأيزيديين، لكنه يقع في فخ ما كان يجب أن يقع فيه، حين ينعت الأيزيدي بالكافر. كما كتب فاضل العزاوي أيضًا في إحدى رواياته، "الأسلاف" تحديدًا، عن الأيزيديين ككفّار، بالرغم من أن الوردي والعزاوي ومثلهما الكثير من العلمانيين لا يقصدون أن الأيزيديين كفار بالمعنى الحرفي، لكنهم يتناولون النظرة الشعبية إليهم، إلا أن هذا قد يساهم مساهمة كبيرة في غرس صورة الأيزيدي مفاهيميًا في عقلية الإنسان العربي ككافر، وبالتالي غريمًا يجب التخلص منه. إذًا القراءة مغامرة خطرة خاصة في بداياتنا كقراء.

أتناول هذه الملاحظات بعد زيارة هامة إلى معرض بغداد، الذي يحفل بالكثير من الكتب التي وضعتها عقول منفتحة، تتجنّب تلك التعميمات الاستشراقية، والنظرات الشعبية المبسّطة التي يعاد ترديدها دون تفكير نقدي، ولهذا فإنه يمثّل منصة بالغة الأهمية لشدّ ما يحتاج إليها العراقيون الآن، خصوصًا في هذه اللحظة التي يرغبون فيها بمغادرة ماضي الحرب والاقتتال الطائفي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

​معرض الدّار البيضاء للكتاب.. حوار الجغرافيات

معرض الجزائر للكتاب.. كأن شيئًا ينقص