11-يوليو-2016

(Getty) ما المانع من أن يكون لدينا مسرح في كل تجمع سكاني?!

هل يحق لمدينة لا تحسن البناء أن تعتبر نفسها مدينة؟ بناء المكان والإنسان معًا، إذ يصبح المكان الجميل خرابًا بلا إنسان مبني جماليًا، ويعد الإنسان الجميل متشردًا بلا مكان جميل، حتى إن كان يأويه سقف؟

مررت على حي في الجزائر العاصمة بنته دولة خليجية تبرّعًا، فأصبتُ بالاكتئاب حين قارنته بالأحياء التي بنتها وتبنيها الحكومة الجزائرية. سكنات تسمح بالنظر والتنفس، مساحات خضراء تؤثثها ألعاب للأطفال، مسجد أنيق، مصحة، مكتب بريد، دكاكين مبتسمة، قاعة للأعراس والمناسبات والنشاطات الثقافية.

ما معنى أن تصمد العمارة التي بنتها فرنسا قبل قرن، وتسقط العمارة التي بنتها حكومات الاستقلال في زلزال خفيف؟

لماذا نبني كأننا نرحل غدًا؟ كأنها ليست بلادَنا، حتى فرنسا التي كانت تعرف أن الجزائر ليست ملكَها في الحقيقة، رغم ما بذلته واقترفته من أجل أن تقنع الجزائريين والعالم بذلك، كانت تبني كأنها لن ترحل، حتى أنها تركت لنا تراثًا معماريًا رائعًا. ما معنى أن تصمد العمارة التي بنتها فرنسا قبل قرن، وتسقط العمارة التي بنتها حكومات الاستقلال في زلزال خفيف؟

ما المانع من أن يكون لدينا مسرح في كل تجمع سكاني يصل عدد سكانه إلى عشرة آلاف ساكن؟ سينما.. فضاء ثقافي مفتوح.. رياضي.. مكتبة؟ وبشيء من العمل الموكول إلى أهله تعرف هذه الفضاءات كيف تزرع الحياة في شوارعنا، وتحوّل الدفاع عنها إلى خطاب شعبي عام.

اقرأ/ي أيضًا: اغتيال الإسكندرية

صحيح أننا خارجون من معركة منهكة مع الإرهاب، لكن هذا لا يبرر أننا نتخلف أكثر مما فات في تحقيق ما يجب، لأنه يدخل في خانة الأولويات، لارتباطه المباشر بحياة الإنسان وذائقته، ذلك أن الجدران وحدها لا تعطي الحياة، وإننا نملك ما يجب من إمكانياتٍ ماديةٍ وفكرية وبشرية لنجعل هذه الجدران حية.

سألت مرة مسؤولًا في مدرسة الفنون الجميلة: هل طلبت الولاية والبلدية يومًا من المدرسة أن تعطي رؤيتها الجمالية للمحيط؟ فوصفني مازحًا بأنني رومانسي ينتظر من فاقد الشيء أن يعطيه. قلت: لماذا إذن نصرف المال على معاهدَ لا نستشيرها في تخصّصها؟

لماذا تستمر الدولة في تغذية الجمعيات المدنية التي لا يُرى لها أثر في الميدان؟ ولماذا لا تبادر الجمعيات الواعية إلى الضغط على السلطات حتى تغير عقليتها في التعاطي مع المحيط؟ فاليد التي تصفق من الفرح لا تفكر في الطعن.

اقرأ/ي أيضًا:
شرفات بيروت مغلّفة بالأسود
غزة من خلف النافذة