30-أغسطس-2016

مسيحيون لبنانيون يؤدون الصلاة فى شمال العاصمة اللبنانية بيروت

"ملعون من يحاول أن يقلعنا من وطننا". حوّل باسيل الكباش السّياسي على الحصص والتمديد إلى خلافٍ طائفي، بعد نجاح لبنان بالنّأي بنفسه عن الحرب الطائفية بين السّنة والشّيعة التي تشغل الشّرق الأوسط، لا سيما في سوريا والعراق.

يهدّد التيار الوطني الحر دائمًا عند كل مفترقٍ بالشارع، في حال عدم الحصول على مكاسبه. يفهم السياسيون اللبنانيون اللعبة المعتمدة، يحافظ الجميع على سقف السلم الأهلي وعدم الاشتباك على الأرض. يتجلى ذلك في الإبقاء على الحكومة، وذلك في اتفاقٍ تحت الطاولة للمستقبل بين من التزم من وزرائها، لقد سحب حزب الله والحزب الاشتراكي فتيل التفجير الحكومي الذي حاول باسيل وزملاؤه إشعاله.

اللعب على "الميثاقية" سقط بمشاركة الوزراء المسيحيين المستقلين، لكن من اخترع "الميثاقية" هو التحالف الشيعي، إبان المرحلة الماضية

اللعب على "الميثاقية" سقط بمشاركة الوزراء المسيحيين المستقلين، لكن من اخترع "الميثاقية" هو التحالف الشيعي، إبان المرحلة الماضية، ما قبل أحداث السابع من أيار والمظاهرات التي تلت الوزراء الشيعة من حكومة السّنيورة، حيث اعتبروا الحكومة بتراء مخالفة للدستور، بسبب غياب المكوّن الشّيعي عنها، "الميثاقية" لا تنطبق على الحالة الراهنة، فالمكون المسيحي غير محصورٍ بالعونيين أو بالقوات والكتائب، لتعدد التمثيل المسيحي ووجود مستقلّين.

اقرأ/ي أيضًا: صيدا لن ترقص؟

استفزاز باسيل للمكونات اللبنانية يشكل انعطافة خطرة في حال وصل لنهايته المرسومة، فمحاولات الهيمنة العونية\القواتية على الرأي العام، والقرار المسيحي يخالف القانون اللبناني، ويقضي على الديمقراطية وما تبقى منها، فالمناداة باختيار عون كرئيس بالانتخاب وتغييب أي شخصية أخرى، يُفقد الانتخاب قيمته الديمقراطية ويحوّله لتعيين شكلي.

وقد حاول التيار سابقًا استخدام الشارع للضغط وفشل. الشارع لا يحسم في لبنان، أكثر من مليون وثلاثمائة متظاهر اعتصموا لإسقاط السنيورة وفشلوا، لم ينجح الشارع في تبديل أي معطى سياسي إلا في السابع من أيار، ولا يزال لبنان يعاني تبعات العمل العسكري في أيار، فانسحبت نتائجه على الشارعين الدرزي والسني، وظهرت بوادر تسليح وتشكيل جماعات مسلحة.

تيار "المستقبل" محيّد عن التّصعيد العوني، يحاول التعافي من أزمة الحريري المالية، مع تصاعد طموح شخصياته للحصول على مركز رئاسة الحكومة، كالوزير أشرف ريفي، والوزير المتغيّب عن جلسة الحكومة الأخيرة نهاد المشنوق. حتّى جعجع، والقوات أوصلوا لعون رسالةً مفادها أن اللجوء للشارع باسم حقوق المسيحيين سيشكل إحراجًا كبيرًا لهم، بما يحمله من نتائج قد تهدد السلم الأهلي والأمن القومي على حدٍ سواء.

الجمود السياسي في لبنان، مستمرٌ منذ سنوات، يتقاسم فيها الأطراف الحصص ويتعايش الشعب اللبناني معها، فالظرف، بالنسبة لباسيل، مواتٍ لابتزاز الجميع باسم الميثاقية، ورفع الأسهم والحصص قبل شمول لبنان بالتسويات الإقليمية القادمة، وهذا ما يرفضه النائب جنبلاط ومعه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بينما يعيش حزب الله عصره الذهبي، يمرر ما يريد ويطبق ما يريد.

حزب الله يهمّه الحفاظ على الحكومة لأنه يريد الجمهورية، بينما عون يريد رئاسة الجمهورية، مشروع حزب الله "الجمهورية"، أي السيطرة عليها تسير بخطى ثابتة نحو النجاح، فالحزب يعين من يريد دون أن يطالب حتى، يلعب دور المرشد الوصي على السياسة في لبنان، لا حاجة له بالضغط لتسمية أو تعيين أو حتى التمديد لأي قائد جيش. فأي اسمٍ سيُطرح، سينال رضاه بطبيعة الحال.

لكن نجاح مشروع حزب الله يقابله فشل عوني في الوصول للرئاسة، فالحزب لو أراد فرض عوني رئيسًا لأنجح ذلك، فبين وجود رئيس قد يعرقل عملياته في سوريا، وبين الفراغ، يفضّل الحزب حتمًا الفراغ، خاصةً وأن مركز الرئاسة -حين قرر الحزب وجوب تعيين رئيس- محسوم لصالح قوى ٨ آذار، وأن المنافسة محصورة بين عون وفرنجية، وحلفائه.

اقرأ/ي أيضًا:
هل وصل "سلاح هتلر السري" إلى مخيمات لبنان؟
الحراك اللبناني بعد سنة.. أين المسيِّل للدموع؟
لبنان..هل أصبح "المستقبل" من الماضي؟