21-يونيو-2016

(Getty) نازحة عراقية في أربيل

بندم عاشق يُفارق حبيبته، يستعد نبيل لمغادرة العراق وهو يبيع كُل ما لديه من أملاك، سيارته، بيته، قطعة الأرض التي يمتلكها. بينما يستعد طفلاه لتوديع أصدقائهما في المدرسة، وفي عيونهم البريئة دُموعِ ترسم واقع مُهدد يعيشانه في العراق.

تشير إحصاءات دولية أن ضحايا أعمال العنف في العراق بلغوا أكثر من 500 ألف مدني منذ دخول القوات الأمريكية لإسقاط نظام صدام حسين عام 2003

ظرفٌ صغير مُرفق برصاصة لا يتعدى ثمنها نصف الدولار، كانت سببًا في تفكير نبيل بالسفر إلى خارج العراق. حتى الآن لا يعرف سبب تهديده ومن كان يقف خلف ذلك التهديد.

اقرأ/ي أيضًا: هل تتحول داعش لنسخة أخرى من القاعدة؟

كانت زوجته تُعارض فكرة السفر قبل أن يُظهر لها حقيقة تهديده. ابنا نبيل ريماس وريناس لايأبهان لشيء سوى أنهم سيذهبون إلى مكان جديد فيه خضرة وثلوج ومدينة ألعاب.

يتخوف نبيل من تفاقم حالة العنف في العراق، في ظل تراجع في الوضع الأمني، وعدم استقرار الوضع السياسي في البلاد منذ 13 عامًا، لكن خوفه الأكبر على ولديه اللذين يبحثان عن مكان آمن وظروف معيشية تتلاءم وأبسط حقوق الإنسان، فعلى الرغم من تمكنه ماديًا إلا أنه لم يتمكن من حماية نفسه وعائلته.

نبيل لم يكن أول أو آخر عراقي يُهاجر إلى بلدان أُخرى، بل سيلتحق بالآلاف من العراقيين المُهاجرين قبل وبعد أحداث عام 2003، في أمل منه بالحصول على توطين في إحدى البُلدان الأوربية أو في أمريكا وأستراليا وكندا.

يعتقد نبيل وهو يرزم حقائبه للسفر إلى عَمان، أن "العراق الآن يعيش في ظُروف صعبة تُهدد نسيجه الاجتماعي، من خلال الجماعات المسلحة التي تزعم انتماءها لديانات ومذاهب وأحزاب، والتي لم تجعل من العراق سوى ساحة معركة لتصفية حسابات دول وجماعات يكون ضحيتها أناس أبرياء".

ولا يقتصر الأمر على العنف الطائفي أو السياسي، فكثيرًا ما تفرض الجماعات المسلحة سطوتها على مناطق معينة، وتطلب إتاوات من الناس. مثلا، لم تَعِ إيلاف صاحبة محل حلاقة نسائي في بغداد أية أهمية للتهديدات التي طالتها من جماعات مُسلحة بإغلاق المحل والكف عن ممارسة مهنتها، لكنها أكدت أن "التهديد لم يأتِ لأسباب تَتَعلق بالعمل، بل لمطالبة تلك الجماعات بإتاوة مالية مني".

اقرأ/ي أيضًا: تاريخ صناعة السلاح في إسرائيل..3 مراحل و3 أهداف

400$ دولار أمريكي حصة تلك الجماعة المُسلحة، من محل الحلاقة النسائي، مُقابل الكف عن تهديدها والتعرض لها، لكن وبمرور الأشهر لم تلتزم إيلاف بموعد تسديد المبلغ لتلك الجماعة المسلحة، مما اضطرها لغلقه.

احتل العراق المرتبةَ الثالثةَ عالميًا في عدد من النازحين داخليًا بـ 4.4 ملايين، وفق أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي أشارت إلى احتلال سوريا المركز الأول في الهجرة الخارجية والثاني في النزوح الداخلي.

وشهد العراق أزمة حادة تخللتها أعمال عنف وتهجير طائفي، خلال سنوات 2006-2007، أشعل فتيلها تفجير ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء، في شباط/فبراير 2006، مما أدى إلى مقتل الآلاف وتهجير مئات الآلاف من مناطقهم.

وتُشير إحصاءات دولية إلى أن ضحايا أعمال العنف في العراق بلغوا أكثر من 500 ألف مدني منذ دخول القوات الأمريكية لإسقاط نظام صدام حسين عام 2003.

وبحسب تلك الإحصاءات التي أظهرتها منظمة "إيراك بادي كاونت" البريطانية فإن معدلات العنف في العراق لا زالت مرتفعة، إذ يقتل كل عام بين أربعة وخمسة آلاف شخص، وهو ما يعادل تقريبًا عدد الجنود الأجانب الذي قتلوا في العراق منذ 2003 والذي يبلغ أربعة آلاف و804 جنود.

اقرأ/ي أيضًا:

مساع لإعادة مقاتلين في الحشد الشعبي لجؤوا لأوروبا

كيف دخلت قوات الحشد الشعبي مدينة الفلوجة؟