23-فبراير-2016

أطفال في حلب (AP)

 لا يبدو أن الوضع السوري الحالي سيتغير كثيرًا، بعد إعلان كل من الولايات المتحدة وروسيا وقف إطلاق النار في كافة الأراضي السورية، في تمام الساعة الثانية عشرة من منتصف ليل 27 شباط/فبراير، باستثناء المناطق التي يتواجد فيها تنظيما "جبهة النصرة" و"داعش"، والمجموعات المصنفة على أنها "إرهابية" لدى الأمم المتحدة.

 موجة اللجوء إلى المعابر الحدودية مع تركيا لن تتوقف، مثلها مثل المجازر اليومية

إذ إن "العدوين اللدودين" في المعضلة السورية، أعلنا عن الهدنة بعد يوم واحد من تفجيري "حي عكرمة" في مدينة حمص، و"السيدة زينب" في ريف دمشق، وتبني تنظيم "الدولة الإسلامية" لهما، في مقابل سيطرة النظام على عددٍ من القرى في ريف حلب الشرقي، كان التنظيم يسيطر عليها، والاشتباكات الدائرة في حي الشيخ مقصود في حلب بين "وحدات الحماية الشعبية" والفصائل المتواجدة في المدينة.

اقرأ/ي أيضًا: هدير الحلم السوري.. الانفتاح على الآخر

ويفرض القرار على "أي طرف منخرط في عمليات عسكرية أو شبه عسكرية في سوريا"، إعلان التزامه بوقف إطلاق النار، قبل الساعة الثانية عشرة من يوم 26 شباط/فبراير، وهو ما سيشكل ضربة لـ"جبهة النصرة" في حال قبلت الفصائل المتحالفة معها بنود الهدنة.

فالبيان الصادر عن الدولتين الرئيسيتين، أشار إلى أنهما ستعملان مع الدول الأعضاء على "تحديد الأراضي الواقعة تحت سيطرة "داعش" و"جبهة النصرة" وأي منظمات إرهابية أخرى يحددها مجلس الأمن، والتي هي مستثناة من وقف الأعمال العدائية"، وهي المعضلة الرئيسية التي ستواجه الفصائل التي تقاتل إلى جانب النصرة ضد النظام السوري.

وتبرز في هذا الجانب نقطتان أساسيتان، النقطة الأولى هي تواجد تنظيم "جبهة النصرة"، في كافة أجزاء الأراضي السورية التي تسيطر عليها المعارضة السورية، فالنصرة منذ ما يقارب أسبوعين، نشرت إصدارًا مرئيًا بعنوان "حماة ثغور المسلمين في إدلب العز"، تضمن عرضًا عسكريًا لمائتي سيارة وألف عنصر كانوا متوجهين إلى حلب، بعد انسحاب الفصائل من نقاط المواجهة مع النظام السوري بسبب توقف الدعم، ما يعني أن المناطق التي تتواجد فيها النصرة لن تستثنى من الهدنة، وأن موجة اللجوء إلى المعابر الحدودية مع تركيا لن تتوقف، مثلها مثل المجازر اليومية.

وترتبط النقطة الثانية في موقف الفصائل المقاتلة من الهدنة، ويأتي في مقدمتهم حركة "أحرار الشام الإسلامية" و"جيش الإسلام"، ومدى التزامهم بتنفيذها، فالتغريدات التي أعقبت البيان الصادر على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، تشير إلى أن "أحرار الشام" لن تتخلى عن دعمها للنصرة، نظرًا لما تشهده من انقسام داخلي، بين مؤيدي "تنظيم القاعدة" و"التيار المعتدل".

لا يمكن التكهن بما سيصدر عن الفصائل المقاتلة في سوريا من التزام بقبول الهدنة أو رفضها

كما نجد في إعلان البيت الأبيض عن أن تنفيذ وقف إطلاق النار في سوريا سيكون صعبًا، رغم تأكيد فلاديمير بوتين على أنه سيفعل ما بوسعه ليلزم السوريين بوقف إطلاق النار، دلالة إلى أن الولايات المتحدة لا تبدي تفاؤلًا من تنفيذه، في ظل مساعيهم الدبلوماسية منذ خمس سنوات في سبيل إيجاد حل سياسي للحالة السورية.

اقرأ/ي أيضًا: قمر على بلادي البعيدة

وفي ذات الوقت، لا يمكن تجاهل المعارك الدائرة بين "قوات سوريا الديمقراطية"، التي تقودها "قوات الحماية الشعبية"، بدعم جوي روسي من جهة، والفصائل المقاتلة في حلب وريفها من جهة ثانية، وسيطرة قوات الحماية على قرى ومناطق كانت تحت سيطرة المعارضة السورية، ما يجعل فرص الالتزام بالهدنة ضئيلة في ظل الخريطة العسكرية المعقدة.

لا نستطيع التكهن بما سيصدر عن الفصائل المقاتلة من التزام بقبول الهدنة أو رفضها، لأن نتائجه ستؤدي إلى انقسامات بين الفصائل على الصعيدين الداخلي والخارجي. فهي في حال وافقت على الهدنة، ستترك "جبهة النصرة" إلى جانب الفصائل غير الملتزمة بالقرار، في مواجهة مباشرة مع النظام السوري وحلفائه من مختلف الجنسيات، ما يُسهل على النظام السوري استعادة مناطق واسعة من إدلب وريفها، وربما حلب. وفي حال وافقت ستجد نفسها تخوض حربًا بالوكالة ضد حلفاء الأمس، ما يجعل دائرة الغموض التي تسيطر على المشهد السوري تتسع بشكل سريع.

اقرأ/ي أيضًا:

سُوريّا.. هُوِيّة الوَحدة أم وَحدة الهُوِيّة؟

إنصافًا "للموقف الفلسطيني" سوريًا