17-أكتوبر-2016

يُتوقع لمعركة الموصل أن تكون معركة طويلة (إدريس أكودوسو/الأناضول)

أخيرًا بدأت معركة الموصل، والتي يتم الحديث عنها والتحضير لها منذ ما يقارب الثلاث سنوات، حينما تمكن تنظيم "داعش" من السيطرة على المدينة في حزيران/يونيو 2014. المعركة التي قد تكون الأهم في مواجهة التنظيم الإرهابي، لكونها تتم إزاء أهم المدن التي يسيطر عليها، كما أنها تعد آخر مدن سيطرته في العراق، والتي في حال طرده منها سيكون وجوده في العراق أصبح هامشيًا بشكل كبير.

يُتوقع لمعركة الموصل أن تكون معركة طويلة، وأن تستميت "داعش" فيها على عكس مدن أخرى انسحبت منها بسهولة

المعركة يتوقع لها كثير من المحللين السياسيين أن تكون طويلة، وأن تحاول داعش الصمود فيها، على عكس الانسحابات السريعة التي نفذتها في مدن عراقية وسورية أخرى، لم تكن لهم نفس أهميتها السياسية والاستراتيجية للتنظيم. ولذلك يُتوقع أن يبذل التنظيم في سبيل حماية المدينة كل ما بحوزته من وسائل عسكرية وإعلامية.

في الجانب الآخر، لا تمتلك الحكومة العراقية، خيارًا آخر غير الاستمرار في المعركة حتى تحريرها من سيطرة "داعش"، بعدما أخذت شهورًا طويلة للإعداد لها، وحظيت بدعم دولي غير مسبوق، وأي نتيجة أخرى، ستعني انهيار مكانتها وضرورة الإتيان بقيادة جديدة تستطيع تحرير المدينة، وبعبارة أخرى، فهذه معركة لا يمتلك أي طرف من طرفيها رفاهية التراجع عنها.

اقرأ/ي أيضًا: تعرف على القوات التي ستشارك في معركة الموصل

وكما كان متوقعًا، ورغم أن المعركة لم تزل في ساعاتها الأولى، إلا أن جدالًا واسعًا انطلق إما لدعم العملية العسكرية لتحرير المدينة، أو للتعبير عن مخاوف من موجة نزوح كبرى من المدينة ذات الكثافة السكانية، خاصة مع اشتراك الحشد الشعبي، المدعوم إيرانيًا، الشهير بانتهاكاته ذات الدوافع الطائفية، حال دخولها المدينة.

على المستوى العسكري، تقدمت القوات الأمنية العراقية بشكل كبير وتمكنت من تحرير أكثر من عشرين قرية على مشارف الموصل. أما في داخل المدينة نفسها فتم تناقل أحاديث عن مقاومة من مجموعات لداعش، قتل فيها بعض عناصر التنظيم، وبحسب وسائل إعلام عراقية، شوهدت بعض المجموعات وهي تحرق علم "داعش" في بعض المناطق داخل المدينة، إلا أن جميع الأخبار من داخل المدينة غير مؤكدة بسبب إحكام التنظيم قبضته على الإعلام فيها.

ونقلت وسائل إعلام عراقية عن عودة الاتصال في الموصل. وتم تخصيص رقم للاتصال المجاني لإغاثة المحاصرين داخل المدينة. وحاصر تنظيم "داعش" قرية اللزاكة، جنوب مدينة الموصل، وتوعد أهلها بالذبح عند الليل، لكن سكانها تمكنوا خلال مواجهات مع التنظيم من قتل 15 عنصرًا من مقاتليه، وهو ما دفع عناصر البغدادي إلى قصف القرية بقذائف الهاون.

وأعلن لواء 91 في الجيش العراقي، عن مقتل 42 عنصرًا من "داعش" بقصف للتحالف الدولي استهدف اجتماعًا للتنظيم قرب القيارة. وقال قائد الفرقة المدرعة التاسعة في الجيش العراقي الفريق الركن قاسم جاسم نزال إن "العدو وضع العبوات الناسفة والمفخخات والسواتر الترابية والخنادق لعرقلة تقدم قواتنا، التي تبعد كيلومترين فقط عن قضاء الحمدانية، ولكن لدينا مهنيون يعالجون هذه العبوات والمفخخات ويقتلون العدو".

وقال نائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن عبد الأمير رشيد، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني، من محور الخازر شرق الموصل إن "القوات المشتركة من البيشمركة والجيش شرعوا، بعملياتهم وفق المخطط، وأن جهاز مكافحة الإرهاب سيشارك لاحقًا في المعركة". وأضاف رشيد أن "القوات في المحور الجنوبي الشرقي وصلت الى مناطق لم نتوقع الوصول إليها في اليوم الأول من انطلاق العمليات". وانهارت دفاعات تنظيم "داعش" في بعض الأماكن بعدما لاذ عناصره بالهرب، بحسب قادة أمنيين.

اتهم أردوغان الرافضين لانخراط تركيا في المعركة، بخوفهم من أن تعيق مشاركتها"خطط البعض للحرب المذهبية"، في إشارة ضمنية للحشد الشعبي

وقال بيان لإعلام الحشد الشعبي إن "عناصر داعش أخلوا جميع مقراتهم من جوامع وكنائس ودوائر دولة في الجانب الأيسر وانسحبوا إلى الجانب الآمن من الموصل"، لكن مراقبين وصفوا كلام الحشد بأنه يأتي ضمن الحرب النفسية ولا دلائل تؤكده على الأرض. ومن جانبه صرح المتحدث باسم "البنتاغون" الأمريكي، أن القوات العراقية، قد حققت أهدافها لليوم الأول في المعركة بالفعل.

تركيا مصممة على المشاركة

في تصريح حاد، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده مصممة على المشاركة في معركة الموصل "شاؤوا أم أبووا"، واتهم أردوغان الرافضين لانخراط تركيا في المعركة، بخوفهم من أن تعيق المشاركة التركية "خطط البعض للحرب المذهبية"، في إشارة ضمنية لفصائل الحشد الشعبي، التي كانت مشاركتها في المعركة أحد أسباب الخلاف الشديد بين تركيا والعراق.

اقرأ/ي أيضًا: العبادي وأردوغان..حرب في السوشيال ميديا

التغطية بمقابل مادي

يذكر أنه وقبل أن يُعلن القائد العام للقوات المسلحة العراقية، حيدر العبادي بدء انطلاق معركة تحرير الموصل، بثت أكثر من فضائية غربية لقطات حية ومباشرة بالقرب من الثكنات العسكرية التي كانت تستعد لبدء معركة تحرير المدينة، وعندما أعلن عن انطلاقها رافقت قنوات غربية وكردية القوات العراقية المشتركة لتحرير المدينة.

وعلى الرغم من نقل عدة فضائيات عدة لتغطيات مباشرة، إلا أن أغلب الفضائيات العراقية بقيت بعيدة نوعًا ما عن المشهد بشكلها المرئي لا المكتوب. وقد وجهت انتقادات كبيرة لوسائل الإعلام العراقية بسبب "غيابها" عن التغطية المباشرة للمعركة، لكن صحافيين ومدونين عراقيين كتبوا عن أمر لم يتأكد حتى الآن. كانت منشوراتهم في موقع "فيسبوك" تشير الى فرض أتاوات من شخصيات أمنية على وسائل الإعلام مقابل مرافقة القوات المشتركة في العملية، وهذا ما تسبب بغياب بعض القنوات.

لم تتأكد حتى الآن هل هناك قنوات قد دفعت المبالغ التي طُلبت منها مقابل التغطية أم لا. لكن مصدرًا صحافيًا قال لـ"الترا صوت": "أبلغنا مكتب رئيس الحكومة العراقية بالأمر. يتم الآن التحقيق في الأمر".

اقرأ/ي أيضًا: 

عودة المالكي..هل تكون بداية مظاهرات عراقية جديدة؟

العراق.. المالكي يحضر نفسه لولاية ثالثة