31-مايو-2016

أوباما اللاهث خلف التّاريخ(Getty)

المعركة في الرّقة لم تبدأ على المدينة مباشرة بعد، بل تحرّكت العمليات في شمالها لتأمين المناطق الكردية من قبل قوات "سوريا الدّيمقراطية"، بالتّعاون مع خبراء وجنود أمريكيين، على أن تكشف الأيام المقبلة ما إذا كان الأمريكيون جدّيون في القضاء نهائيًا على تنظيم "الدّولة الإسلامية"، أم أن ما يجري لا يعدو كونه مؤامرة وسحب أوراقٍ رابحةٍ من الرّوسي، كما استثمار الورقة الكردية، بما يخدم الأجندة الأمريكية-التّركية-الكردية.

معركة الرّقة هي جزء من معركة ثلاثية الرّؤوس، متزامنة في الرّقة، الفلوجة وسرت الليبية

اقرأ/ي أيضًا: أوباما والتدخل العسكري.. مسرحية من ثلاثة فصول

معركة الرّقة هي جزء من معركة ثلاثية الرّؤوس، متزامنة في الرّقة، الفلوجة وسرت الليبية. والحرب المفترضة على التّنظيم، والتي تجري حاليًا، لن تنهيه بل ستغيّر في تكتيكاته الجهادية، أو تدفعه للدخول إلى منطقة أخرى، مع تعديل التّكتيكات، لتتشكل أيضًا على حرب العصابات وقطع طرق إمداد الخصوم، أي الجيوش والميليشيات التي تشارك في محاربته.

يعي الأمريكي جيدًا أن القضاء على تنظيم "داعش" لا يتمّ عسكريًا لا في سوريا ولا في العراق، بل هناك حاجة لاستنباط حلول سياسية بين جميع الأطراف، تكريس الانتقال السّياسي واحترام خيارات الشّعوب، وبالتّالي الشّرق الأوسط بحاجة إلى ورشةٍ دينية-اجتماعيةٍ شاملة، كي نتفادى تكرار التّجربة الماضية، أي تجربة القاعدة التي احتضنت الجهاديين الإسلاميين السّابقين.

تختلف الرّقة عن "عين عرب-كوباني"، فتحرير الرّقة بقوات ذات أغلبية كردية غير ممكن، بسبب الإشكال العربي-الكردي الحاصل بفعل أخطاء مشتركة من الطّرفين، فدخول القوات الكردية للرقة دون غيرها ستستفيد منه قوات "داعش"، يجب أن تشترك فصائل المعارضة كافة في تحرير الرّقة. ما يجري اليوم هو محاولة فصل العراق عن سوريا، من خلال تفتيت النّقاط التي تصل بين البلدين، وذلك بهدف حصار تنظيم "داعش"، ومعركة الرّقة لن تكون سهلة، بل ستستغرق وقتًا، ونحن على أبواب انتخاباتٍ رئاسيةٍ أمريكية، يسعى أوباما لتحقيق إنجازٍ يضيفه إلى سلّة إنجازاته، ويخلّده التّاريخ فيه، كالرّئيس الذي قضى على تنظيم "داعش".

اقرأ/ي أيضًا: استراتيجية أوباما.. لسنا العدو الأول للإرهاب

تختلف الرّقة عن "عين عرب-كوباني"، فتحريرها بقوات ذات أغلبية كردية غير ممكن

يقوم المجتمع الدّولي بسعي حثيث لحصار "داعش"، ولا مؤشر بعد لدخول قوات عربية-تركية على خطّ المواجهة، حيث إن الأمريكي أعلن أنّه لا يدعم هكذا قرار وتدخل عسكري. في خطاب العدناني الأخير، المتحدّث باسم تنظيم "داعش"، كان الرّجل صريحًا في مخاطبته مناصري "الدّولة الإسلامية"، فأعلن عن إمكانية خسارة التّنظيم المدن الرّئيسية التي يسيطر التّنظيم عليها، أي أن التّنظيم دخل مرحلة التّحضير للخطوة والمرحلة الثّانية، كالعمليات الانتحارية وحرب العصابات، مما سيدبّ الرّعب في مختلف أنحاء العالم، ويزيد من الممارسات العنصرية تجاه المسلمين، وبالتّالي دفع البيئة المسلمة للتعاطف مع "داعش" كردّ فعل، وهذه السّياسة موجودة بكتاب "إدارة التّوحش" الذي يعتمده التّنظيم، لأبي بكر ناجي.

في الأثناء، تقوم إيران وحلفاؤها من الميليشيات بعملية إعادة تموضع عسكري كردّ فعلٍ على الخلاف الرّوسي الإيراني، وهذا يعني أن روسيا مجبرة على إرسال قوات برّية إلى سوريا، مما يعني غرق الرّوسي أكثر فأكثر في الوحل السّوري، لأن أي خسائر بشرية للروسي تضرّ بشكلٍ كبير ببوتين، الذي هو بغنى عن ملفات جديدة تتحداه، خاصة بعد موجة التسريبات المرتبطة بوثائق بنما.

اقرأ/ي أيضًا:

أوباما.. السير على خط رفيع بين أنقرة وموسكو

دونالد ترامب ..حتى أنت يا نتانياهو!