18-أبريل-2016

(Getty)

بينما تتنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية مقابل ملياري دولار، وتسعى للحصول على قروض من البنك الدولي في واشنطن، وتعيش القاهرة تحت رحمة وضع اقتصادي يشبه "الانتحار" بكسر الدولار حاجز العشرة جنيهات، تدفع خلال يومين، عمر زيارة الرئيس الفرنسي، أولاند، نحو ملياري يورو في اتفاقات وصفقات سلاح تتسلّمها القاهرة خلال الفترة المقبلة.

قيمة صفقات السلاح التي تبرمها مصر مع الجانب الفرنسيّ تكشف سبب قوة العلاقات بينهما، حيث بلغت منذ تولي "السيسي" الحكم 9 مليار دولار

تقول صحيفة "لاتربيون" الفرنسية، واسعة الانتشار، إنه من المقرر توقيع اتفاقية شراء قمر اتصالات عسكرية بقيمة 600 مليون يورو، وتوقيع عقد توريد 4 مقاتلات "فالكون أكس" بـ300 مليون يورو.

وتشير الصحيفة إلى اتفاقات حسمت، وتنتظر توقيع الرئيسين الفرنسي ونظيره المصري، أو ممثليهما، منها شراء فرقاطتين "جويند" بـ550 مليون يورو، بالإضافة إلى أسلحة الفرقاطة، الاتفاق الذي سيتم توقيعه مع شركة أسلحة فرنسية، بقيمة 400 مليون يورو.

لهذا فقط، ربما يحتفظ "السيسي" بولاء وصداقة "أولاند" ودعمه لمصر، حتى في أحلك الظروف، حيث أتى الفرنسيّ قادمًا من باريس ليوم واحد لحضور افتتاح قناة السويس، وهو ما اعتبر لغزًا أثار اندهاش وسائل إعلام أجنبية، إلا أن قيمة صفقات السلاح التي أبرمتها ولا تزال تبرمها مصر مع الجانب الفرنسيّ تكشف السبب، حيث بلغت منذ تولي "السيسي" الحكم 9 مليار دولار، منها اتفاقات سابقة ومنتهية بقيمة 7 مليارات دولار.

يقف نظام السيسي الآن في نقطة ساخنة، الخارج يحاصره، والداخل يتظاهر ضده، بينما لا يتوقف عن تسليح جيشه، وشرطته، بصفقات من الصين، وفرنسا، وماليزيا، والولايات المتحدة، وروسيا، في صفقات تصل إلى 11 مليار دولار، أبرزها مع فرنسا، 24 طائرة "رافال" وحاملتيْ طائرات "ميسترال"، وفرقاطة بحرية وقطع أخرى تصنع في "ترسانة الإسكندرية".

اقرأ/ي أيضًا: تيران وصنافير..من المستفيد؟

15 صفقة في عامين

قائمة صفقات السلاح، التي استوردتها مصر منذ بداية حكم السيسي، وفق نشرات الصحيفة الرسمية المصرية، كالتالي:

- طائرات "ميج 29"

هي طائرات متعددة المهام بلدها الأصل الاتحاد السوفيتي، دخلت الخدمة عام 1983، وهي مقاتلة من الجيل الرابع صممت للسيطرة الجوية للاتحاد السوفيتي.

- منظومة الدفاع الجوي "إس 300"

وهي منظومة دفاع جوي صاروخية روسية بعيدة المدى، من تصنيع شركة "ألماز" للصناعات العلمية، مصممة خصيصًا لردع الطائرات وصواريخ كروز.

- الطائرة "سوخوي 30"

مقاتلة ثنائية المحركات والمقاعد، من إنتاج شركة "سوخوي" الروسية، متعددة المهام وتنتمي إلى الجيل الرابع.

- النظام الصاروخي "تور إم 2"

نظام صاروخي أرض-جو ذاتي الحركة من إنتاج روسيا، وهو مضاد للطائرات وقصير المدى يعمل في الارتفاعات المنخفضة، والمنخفضة جدًا في كافة الأحوال الجوية.

- الطائرة "ميل مي 17"

مروحية نقل مطورة من إنتاج روسي، وتم استخدامها في الحرب على أفغانستان، كما صدرت روسيا العديد منها إلى مختلف الدول.

- الطائرة التدريبية "ياك 130"

هي طائرة تدريب عسكرية روسية، بدأ عملها عام 1991، وحلقت لأول مرة عام 2007، ودخلت الخدمة فعليًا عام 2010.

- مقاتلات الرافال الفرنسية

هي من ضمن صفقات الأسلحة التي عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع فرنسا، وتقدر الصفقه بـ"5.2 مليارات يورو"، وتنتمي إلى الجيل الرابع والنصف، وهي من تصنيع شركة "داسو أفياسيون"، وتم الكشف عنها في ديسمبر 2000.

- الصاروخ"Meteor"

تسليح للطائرة، كما بعد من أقوى صواريخ (جو-جو) على الإطلاق حيث تتخطى سرعته 4 أضعاف سرعة الصوت.

- الفرقاطة البحرية "فريم" والتي أطلق عليها اسم "تحيا مصر"

فرقاطة تصنعها مجموعة الصناعات البحرية "دي سي إن إس"، ودخلت الخدمة الرسمية لدى البحرية الفرنسية في عام 2012.

- قطعتي زورق الصواريخ الشبحي "امبسادور" الأمريكية

صنعت بمواصفات خاصة بالبحرية المصرية ولا تستطيع أي بحرية في العالم امتلاكها بتلك المواصفات إلا بعد موافقة مصر.

- لنش عسكري من طراز "بى 32 - مولينيا"

هذا اللنش أهدته روسيا لمصر في أغسطس 2015، وهو من أحدث الوحدات المتطورة في البحرية الروسية.

- حاملتي المروحيات "ميسترال"

تعتبر مصر أول دولة فى الشرق الأوسط وأفريقيا تمتلك حاملتى طائرات، وهي فرنسية المنشأ، وتبلغ حمولة "ميسترال" 22 ألف طن، ويبلغ طولها 199 مترًا، وعرضها 32 مترًا.

- مقاتلات "إف 16"

تسلمت مصر 8 طائرات مقاتلة من طراز إف 16 بلوك 52 الأمريكية في أغسطس 2015، و4 طائرات في أكتوبر من نفس العام، وهي طائرة مقاتلة خفيفة الوزن.

- إطلاق أول غواصة مصرية حديثة بألمانيا من طراز 209/1400 "والتي تم بناؤها بترسانة شركة "تيسين جروب" الألمانية.

- أبراج دبابات أبرامز ''ام 1 ايه1''

تسلمت مصر في أغسطس 2015 ، خمسة أبراج لدبابات "ابرامز ام1 ايه1" في القاعدة الجوية بشرق القاهرة، حيث تم نقل الأبراج، المصنوعة في ولاية أوهايو، جوًا مباشرة من الولايات المتحدة، إلى مصنع الدبابات المصري للإنتاج المشترك المصري-الأمريكي.

اقرأ/ي أيضًا: بسبب تيران وصنافير..المصريون يكسرون قانون التظاهر

صفقات سلاح جديدة.. لماذا؟

تجد "الصفقات العسكرية" ثلاثة تفسيرات، الأول إنه يغازل مؤسسة الجيش، التي دعمته حتى وصل إلى كرسي الرئاسة، وهو ما يلقي قبولًا لدى فئة كبيرة من الشعب المصري.

التفسير الثاني يكشفه مصدر عسكري، رفض كشف شخصيته، قائلًا إن صفقات السلاح ضرورة مرتبطة بالتحديات الإقليمية والدولية مؤخرًا، خاصة أن "ترسانة الأسلحة المصرية توقفت عن تطوير نفسها خلال حكم مبارك، وفي نهاياته تحديدًا، والجيش عانى في السنوات الأخيرة من سوء تطوير أسلحته، خاصة القوات البحرية".

اعتُبِر 2015 عام التسليح، فقد اتجهت الحكومة المصرية إلى صفقات السلاح، وخصصت لها ميزانية ضخمة بالإضافة إلى التصاعد في ميزانية الجيش

من المعروف أن "مبارك" جعل قبلته "الشرطة المصرية" للحفاظ على استقرار الداخل، فزودها بترسانة أسلحة ضخمة ومتطوّرة خوفًا من المظاهرات، والاحتجاجات التي أصابت حكمه آخر ثلاث سنوات، بينما كان يعتبر نفسه "حجر زاوية" الشرق الأوسط، التي كانت مستقرّة بطبيعة الحال، ما يجنّبه مخاطر الحرب أو الحاجة إلى صفقات سلاح.

التفسير الثالث يخصّ العمليات الإرهابية التي تهدد الدولة في سيناء من جانب "بيت المقدس"، الذي استنزف كميات ضخمة من معدات الجيش على مدار خمس سنوات، منذ ثورة "25 يناير" تحديدًا.

الخبز.. درجة ثانية

يحدد النظام أولوياته، السلاح أولًا، والخبز درجة ثانية، هذا ما تكشفه صفقات السلاح. وسط الجوع وهبوط نسبة كبيرة من المصريين تحت خط الفقر، وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار واليورو والريال السعودي، وتخلي الحكومة عن دعم سلع أساسية، وتطبيق سياسات مالية مثل رفع الرسوم الجمركية، وتعويم الجنيه جزئيًا، تهرول الحكومة المصرية إلى شراء أسلحة من دول في مقام الحلفاء الاستراتيجيين، دون لفتة واحدة إلى الانهيار الجاري على الصعيدين، الاجتماعي والاقتصادي.

اعتُبِر 2015 عام التسليح، فقد اتجهت الحكومة المصرية إلى صفقات السلاح على المكشوف، وخصصت لها ميزانية ضخمة بالإضافة إلى التصاعد في ميزانية الجيش المصري. شيء مثل هذا يتكرر في 2016، الثابت الآن للمصريين إن الحكومة غير مهتمة بتنمية اقتصادية أو رفع مستوى الفرد معيشيًا، ولكن مهتمة بـ"بالمدافع وطلقات الرصاص" على رأس الأولويات.

اقرأ/ي أيضًا: 

الجسر بين مصر والسعودية..يبدأ بجزيرتين

الرئيس الغلبان..السيسي نموذجًا