21-يونيو-2018

السيارات ذاتية القيادة من أجلى مظاهر التطور التكنولوجي في القرن الحالي (Zuma Press)

ألترا صوت - فريق التحرير

تعد السيارات "المستقلة" أو المركبات "ذاتية القيادة" أو السيارات "الروبوت" من مظاهر التقدم التقني المذهل، الذي توصلت إليه البشرية في القرن الحالي. وهي سيارات قادرة على استشعار البيئة المحيطة بها والانتقال من مكان إلى آخر دون الحاجة لتدخل بشري. لكن متى تُسوّى كل الأسئلة والنقاشات العالقة حول هذه التقنية، لتبدأ في العمل على نطاق أوسع؟ موقع "Futurism" يناقش ذلك في تقرير ننقله لكم مترجمًا بتصرف فيما يلي:


تعتمد السيارات ذاتية القيادة على تقنيات متداخلة فيما بينها: تقنية الرادار والأشعة والتموضع الجغرافي (GPS)، والرؤية الحاسوبية، وأنظمة التحكم المتطورة التي تحلل المعلومات الاستشعارية من أجل تحديد المسار والحركة وغيرها الكثير من التقنيات.

السيارات ذاتية القيادة، من أجلى مظاهر التقدم التقني المذهل الذي توصلت إليه البشرية في القرن الحالي

وترتبط السيارات ذاتية القيادة بالعديد من المزايا والمنافع على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، فهي تقلل من تكلفة التنقل من مكان إلى آخر، كما أن لها إمكانات كبيرة في مجال زيادة السلامة على الطرقات، وتوفير الوقت والمال، وتخفيض استهلاك الوقود والطاقة، والحد من الحاجة إلى مساحات لركن السيارات، إضافة إلى الحد من الجرائم والحوادث، وتوفير المجال لتطوير خدمات النقل العام وتطبيقات الاقتصاد التشاركي، وهذا كله يدل على إمكانات التغيير الاقتصادي والاجتماعي التي تمثلها هذه التقنيات.

في المقابل فإن هذه السيارات تثير مخاوف عديدة، بسبب ما تمثله من تهديدات للوظائف التقليدية، فقد يتأثر بانتشار هذه التقنية ملايين البشر العاملين في قطاع النقل، إضافة إلى عامل السلامة الذي ما يزال مثار جدل سياسي وأخلاقي وتقني كبير. فهذه السيارات ذاتية القيادة ليست لعبة في ساحة خالية من البشر، بل إن لها تأثيرًا مباشرًا قد يكون فتاكًا في حال فشلت منظومة هذه السيارات بالعمل بالشكل المطلوب والمتوقع.

من سيتحمّل تكلفة التطوّر التقني 

لكن هل يمكن بالفعل تطوير هذه التقنية والسير بها خطوات جريئة نحو المستقبل من دون تجربتها بشكل حقيقي في الشوارع وتحمل تكلفة ذلك، حتى على البشر؟ إن الباحثين والمهندسين يحاولون جهدهم من أجل التوصل إلى سيارات ذاتية القيادة ذات مستوى أمان وسلامة أكبر مما يمكن للإنسان أن يحلم بها على الطرقات اليوم، حيث لا تقع أية حوادث بسبب القيادة.

لكن هل نستطيع أن نصل إلى تلك المرحلة الحالمة بلا تكاليف؟ يجادل مارك روسكيند بعدم إمكانية ذلك، انطلاقًا من خبرته كمسؤول سابق في إدارة أمن الطرقات الوطنية الأمريكية في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.

يقول روسكيند في حديث لـ"بي بي سي": "ستكون هنالك مع الأسف بعض الحوادث، وقد يتأذى بعض الناس ويموت آخرون"، مستدركًا: "لكن هذه هي الضريبة التي سيتم دفعها في طريق التوصل إلى خدمة أكفأ قادرة على حماية عدد أكبر من أرواح الناس".

وأشار إلى أن الغالبية العظمى من الحوادث المميتة اليوم تعود إلى أخطاء بشرية، وأن المخاطر التي تمثلها تجربة السيارات ذاتية القيادة في الشوارع اليوم لا يمثل شيئًا أمام ما سيتم حمايته من أرواح في حال تمكنت البشرية من الوصول إلى مستقبل تنتشر به السيارات ذاتية القيادة وتؤول فيه معدلات الحوادث المميتة إلى الصفر.

إحصاءات عالمية مقلقة

ووفقًا للإحصاءات العالمية، فإن كلام روسكيند لا يخلو من المنطق، فثمة حاليًا ثلاثة آلاف و300 حالة وفاة بسبب حوادث السيارات كل يوم في العالم، وفقًا للجمعية سلامة الطرقات العالمية، أي أن هنالك 1.3 مليون حالة وفاة سنويًا بسبب حوادث السيارات، 37 ألفًا منها في الولايات المتحدة الأمريكية.

إذن، حوادث السيارات من أكبر مسببات الوفاة والإصابات في العالم، ويرى المهندسون والباحثون أن السيارات ذاتية القيادة لها القدرة على الحد من هذه الفاجعة المستمرة ووقف مسلسل الأخطاء البشرية القاتلة أثناء القيادة، وهذه أحد أكبر النقاط التسويقية التي يعتمد عليها مصنعو السيارات ذاتية القيادة. لكن المرحلة الأولى تكمن في إمكانية تجربة هذه السيارات على أرض الواقع واختبارها. وليس من الحكمة بمكان أن نفترض أن جميع هذه السيارات ستعمل دون أية مشاكل تذكر، في البداية على الأقل. إذ ستكون هنالك حتمًا بعض الأضرار بالأرواح والممتلكات.

حوادث السير تقل مع السيارات ذاتية القيادة
من المؤكد أن السيارات ذاتية القيادة ستحد بدرجة كبيرة من حوادث السير (جامعة تكساس)

وبالطبع لا يقصد المدافعون عن السيارات ذاتية القيادة بالتأكيد أن يستهينوا بحياة أو سلامة أي شخص يتضرر بسبب هذه السيارات، وإن قبول هذه المخاطر لا يعني بأية حال تقديم مسوغ للمخاطرة بحياة الناس. فعلى الشركات المصنعة للسيارات ذاتية القيادة أن تتحمل المسؤولية عن أي فشل يتسبب بالضرر للآخرين، أرواحهم أو ممتلكاتهم.

يرى المختصون أن السيارات ذاتية القيادة ستحد من فاجعة الوفيات بسبب حوادث السير والتي يصل أعداد ضحاياها إلى 1.3 مليون سنويًا

هنالك مسؤولية كذلك تقع على عاتق السائقين لهذه السيارات، وذلك بالحرص على التفريق بين القيادة الذاتية الكاملة (Autonomous mode) والقيادة الذاتية الجزئية، كما في بعض سيارات تيسلا الكهربائية. فالسائق في السيارة قادر كذلك، حتى مع نظام القيادة الذاتية الجزئية، أن يحد من الحوادث ويتجنب الأخطاء وحالات سوء الفهم التي قد تؤدي إلى كوارث غير محمودة العواقب.