01-يونيو-2016

(Getty)

شهد العراق بعد النصف الأوّل من العام الماضي، هجرة أعداد كبيرة من الشباب العراقيّ إلى أوروبّا عبر البحر بطرق غير شرعية، في محاولة للحصول على اللجوء الإنسانيّ الذي تمنحه تلك الدول وفقًا لاتّفاقيّة 1951 الخاصّة بوضع اللاجئين التي أعلنت في 25 تمّوز/يوليو1951 من قبل الأمم المتحدة.

أظهرت صور بثتها وسائل إعلام عن قيام عدد من مقاتلي "الحشد الشعبي"، بركوب موجة النزوح التي حدثت في الأشهر الماضية طلبًا للّجوء إلى أوروبا

تحدّد هذه الاتّفاقيّة من هو اللاجئ، ونوع الحماية الممنوحة له، والتزاماته إزاء الدولة المضيفة، كما تحدّد بعض الفئات من الأشخاص غير المؤهّلين للحصول على صفة لاجئ كالإرهابيّين.

إذ أظهرت صور بثّتها وسائل إعلام عربيّة ودوليّة عن قيام عدد من مقاتلي "الحشد الشعبيّ وغالبيتهم من الشيعة، بركوب موجة النزوح الكبيرة التي حدثت في الأشهر الماضية طلبًا للّجوء.

اقرأ/ي أيضًا: نواب سنة وكرد يخشون العودة إلى بغداد

ويبدو أنّ وسائل الإعلام تلك استندت على الحسابات الخاصّة بالمقاتلين الذين طلبوا اللجوء في دول الاتّحاد الأوروبّي كوسيلة لتوثيق حياتهم قبل اللجوء وبعده، ومن هنا جرى تمييزهم ومعرفتهم.

هذا وسعت بعض الشخصيّات الحقوقيّة العراقيّة التي تُقيم في أوروبّا، والبعض من الناشطين والذين يُقدر عددهم بعشرين شخصية إلى الاتّصال بمنظّمات دوليّة لبدء حملة لإعادة مقاتلي "الحشد الشعبيّ" هؤلاء.

وفي هذا الشأن، قال رئيس المركز الوطنيّ للعدالة في لندن محمّد الشيخلي لـ"الترا صوت" إنّ منظّمته أطلقت حملة دوليّة لمطاردة الميليشيات في دول الاتحاد الأوروبي، حيث استغلّت تلك الميليشيات تعاطف حكومات الاتحاد والمجتمع والدوليّ مع أزمة المهاجرين التي حدثت قبل أشهر وتجريمها".

وأضاف: "أصدرنا بيان الحملة في الثالث من أيلول/سبتمبر 2015، وأكّدنا أنّ هناك تعاونًا مع أجهزة سلطات الهجرة في كلّ دول الاتّحاد الأوروبّي لكشف العناصر الإرهابيّة وعناصر الميليشيات".

وأضاف أنّ "الحملة لا تقتصر على عناصر الميليشيات، بل تشمل عناصر الجماعات الإرهابيّة ومنها "داعش"، لأنّ وجودها في أوروبّا يهدّد الأمن والسلم الدوليّين. وقد اعتمدنا في عمليّة ملاحقتهم على سند قانونيّ وفقًا لاتّفاقيّة الأمم المتّحدة للاجئين لعام 1951 [R1] والتي نصّت على عدم شمول مرتكبي الجرائم ضدّ الإنسانيّة من التمتّع بحقّ اللجوء أو الدفع بحصانة اللجوء السياسيّ أو الإنسانيّ إذا ثبت ارتكابهم هذه الجرائم، حيث نمتلك أدلة ووثائق على الأشخاص الذين ارتكبوا الجرائم، وكل ذلك موثق، وبحسب شهادات من ذوي الضحايا".

اقرأ/ي أيضًا: صلاح عبدالسلام..أوان الصمت المقلق

وانتشرت في مواقع شبكة الإنترنت صور لمقاتلين في "الحشد الشعبيّ" الذي يقاتل تنظيم "داعش" إلى جانب القوّات الأمنيّة العراقيّة، يظهرون فيها بصورتين مختلفتين، الأولى أثناء القتال في العراق، والأخرى في دول الاتّحاد الأوروبّي التي لجؤوا إليها.

من جهّته، قال الناشط السياسيّ العراقيّ المقيم في باريس هلال العبيدي لـ"الترا صوت" "طالبنا من المنظمات الحقوقية بشكل عام والأمم المتحدة بمحاكمة دوليّة عادلة لكلّ من اشترك من عناصر "الحشد الشعبيّ" في حرق مؤسّسات الدولة ودور العبادة ومنازل المواطنين على أساس طائفيّ، إذ إنّ هذه الأفعال لا تمت للإنسانيّة بأية صلة ولا تسقط بالتقادم الزمنيّ، لذلك قمنا بالإبلاغ عن مرتكبي هذه الأفعال الذين وصلوا إلى أوروبّا لغرض اللجوء".

وأضاف: "قدّمنا أدلّة ثابتة ودامغة إلى دوائر الهجرة المعنية بقبول طلبات اللجوء في الدول الأوروبيّة، مرفقة بالصور، إضافة إلى متابعة المغرّر منهم ممّن اعترفوا بأفعالهم ومطالبتهم بالعفو، خاصة وأن منهم من جاء لأوروبا لغرض اللجوء الإنساني هربًا من الحرب في العراق".

وكان القياديّ في ائتلاف "متّحدون للإصلاح" ظافر العاني قد عزا في وقت سابق "هجرة" مقاتلي "الحشد الشعبيّ" إلى أوروبّا لأسباب عدّة. وقال في بيان صحافيّ في الحادي والعشرين من أيلول/سبتمبر 2015 إنّ "الإحباط الذي يشعر به المقاتلون وعدم دفع مستحقّاتهم وتأخّر المعارك وعدم حسمها، أسباب دفعت بعضهم إلى "الهجرة" إلى أوروبّا ودول أخرى".

وحاول مراسل "الترا صوت" الحصول على أيّ إحصاء أو أرقام محدّدة من وزارة الهجرة والمهجّرين العراقيّة، لإسناد تقريره بأرقام وإحصاءات رسمية، إلّا أنّ المتحدّث باسمها ستار نوروز لم يردّ على اتّصالاته، على الرغم من إرسال رسالة تعريف بشخصه.

وقد تُسهم الحملات الساعية لإعادة "مرتكبي بعض الأعمال اللاإنسانية" من مقاتلي الحشد الشعبي من أوروبا إلى العراق في عرقلة ملفات قبول طلبات اللجوء للعراقيين في دول الاتحاد الأوروبي، بسبب الإجراءات التي ستتخذها دول الاتحاد، خاصة وأن هناك تهديدات أمنية كبيرة تعيشها القارة العجوز.

وأحدثت هذه القوات (الحشد الشعبي) خلافات كبيرة داخل الأوساط السياسية والشعبية العراقية حول أهميتها ودورها في الأوضاع التي يشهدها العراق الآن، كما تطورت تلك الخلافات لتقسم الرأي الإقليمي حيالها، حيث هناك من يتبنى خطابًا يعتبرها قوات "وطنية" تساند قوات الجيش والشرطة في الحرب ضد "داعش"، بينما تقول الوقائع العراقية بأن الدور/الأدوار التي تتلقفها مليشيا الحشد الشعبي خارجة عن القانون وتُسهم في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، خاصة على أسس طائفية وانتقامية.

اقرأ/ي أيضًا:

الدستور الليبي جاهز..ماذا بعد؟

الملا منصور..رحيل رجل طالبان الراديكالي