11-فبراير-2016

فيتشسلاف ماتازوف

أنا أكره ماتازوف، نعم وبكل ما أوتيت من كراهية، ليس لأن هذا المسخ التلفزيوني دائم الحضور على مختلف الشاشات، وليس لعربيته البائسة التي تخرج من بين أسنانه كالسكاكين، العربية الكاذبة بكل ما فيها من مصطلحات تؤرقني، ولكن لأن هذا الرجل يحمل مشروع استعمار موارب، بلغة عربية تحابي الجميع ولكنها تكذب على الجميع.

على الشاشات العربية، يتحدث ماتازوف عن السوريين كأحد سكان دمشق، ويناور كعربي محايد

"أحمي بلادي"، رددها فيتشسلاف ماتازوف قبل حملة بوتين الأخيرة أكثر من مائة مرة في أكثر من لقاء، وهو يحاول أن يوصل لمحاوريه على فضائيات "العربية" و"أورينت" رسالة معناها أن روسيا ستدخل الحرب بكل قوة، مع ذلك ظلت كلماته وحيدة فيما المحاورون على مربعات الشاشات يرون أنها خطوة أكبر من ثاني قوة عظمى على الأرض.

ماتازوف يدرك ما يقول رغم ركاكة عربيته الروسية، ولكنه يرسل رسائل واضحة، ويراوغ بطريقة واضحة، ويبتسم كذئب ثلجي، ولا سباب في جملة المتلاحقة رغم محاولاته اللحاق بالثرثرة التي يجيدها محللو السياسة العرب.

ماتازوف لا يشبه محلل الريحانية المرتبك، ولا الضيف الدائم في الأورينت كمحلل عسكري، ولا يغير هندامه و(كرافيتته) في كل حلقة، ولا يلهث خلف المائة دولار التي تمنحها القنوات، ويتحدث بلباقة حتى عن أعداء فكرته، ويتهم الجميع إن كان في ذلك تأكيدًا لفكرته.

ماتازوف لا يظهر إلا حليق الذقن، نظارته لامعة، حاضر الذهن، ويدرك أبعد مما يتوقع، ولا يقسم بأحد، ويحفظ أسماء الجيوش والقادة والقرى الصغيرة، ويضحك عندما يريد لهذا الضحك أن يقول أو يعبّر، ويتحدث عن السوريين كأحد سكان دمشق، ويناور كعربي محايد، ويغرق في الحدث كمقاتل على جبهته.

ماتازوف في أسوأ مقابلاته المباشرة لم يتلكأ في فكرته، وهذا جلّ الغرام بهذا الرجل، وجلّ السخط على من يهرعون للحوارات من أجل المال الإعلامي، وفقط من أجل أن توضع تحت اسمه أو فوقه (المحلل السياسي)، وهم في أغلبهم بارعون في الثرثرة التي لا معنى لها، والغرق في عبارات يرددها الناشطون والعسكريون والصحفيون في خلطة تتوافق مع كل الأحداث في الأرض العربية المحترقة، اليمن وسوريا والعراق وليبيا كلها تتشابه في مصائبها لدرجة أنك تستطيع أن توزع المحاورين العرب على كل هذه المصائب مع عباراتهم وتخاريفهم.

نعم أكره غوبلز روسيا الكذاب المحترف، ولكنني أكره أكثر كل هذه القطعان العربية من المحللين السياسيين الذين أنجبتهم الشاشات وليس السياسة أو الأحداث.

اقرأ/ي أيضًا:

"روسيا اليوم" أسوأ منها في الأمس

أحوال الدراما السورية وتحولاتها.. شيء فاشل!