لكل امرأة شخصيتها وعالمها الخاص، ثم فجأة تجد نفسها أمًا تحب كائنًا صغيرًا يتحكم بها، عن طيب خاطر، وهي راضية.. إليكِ أوجه هذه الكلمات.
ونظرًا لعدم تخصصي أو دراستي لهذا المجال، فكل ما أفعله هو أنني أقدم لكِ خبرتي في سنتين، اختبرت فيهما معنى أن تكوني أمًا وحيدة، لا يشاركها في مسؤولياتها زوجها لأنه مسافر أو مشغول أو لأنها مطلقة.
أن تكوني أمًا فهذا ليس عبئا بقدر ما هو صقل لشخصيتك على المدى البعيد، فأنت تتعلمين كل فترة نوعًا جديدًا من الصبر
أولًا كونك أمًا هو ليس عبئًا بقدر ما هو صقل لشخصيتك على المدى البعيد، فأنت تتعلمين كل فترة نوعًا جديدًا من الصبر، تختبرينه كلما كبرت ابنتك أو ابنك وتغيرت احتياجاته. صبر يعلمك ليس فقط السمّو فوق احتياجاتك الخاصة بل أيضًا فوق ما تريدين حدوثه وفق هواكِ بالضبط. الأمومة هي فكرة الصبر على الصورة النهائية لأن أولادنا لن يكبروا ليصبحوا نسخًا منا بالضرورة، بل هم يقدمون صورًا لأنفسهم، لذا فلا تنزعجي لأن ابنك يقوم بالأشياء بالطريقة التي يراها هو.
لا تخشي أن يتعلق ابنك بشخص ما في العائلة، أنت لست قدوته الوحيدة وعليكِ تقبل ذلك، فخالته الموهوبة في الرسم يمكن أن تكون قدوته، وعمه الذي يعيش بالخارج ويدرس ويعمل قد يكون قدوته، وقد يحب جدته أكثر لأن حكاياتها جميلة ومبتكرة، اتركي له مساحة لكي يحب الآخرين وتأكدي أن مساحتكِ لا يمكن أن تتأثر. فلا داعي للغيرة غير المبررة من الآخرين، لأنها لا تجدي نفعًا. كل ما عليكِ فعله هو أن تتأكدي أنهم يقدمون له أفكارًا أخلاقية تتناسب مع طريقتك في تربيته حتى وإن اختلفت الوسائل.
أعرف أن الأمومة ليست ترفًا ولا نزهة بحرية. وستظلين أمًا طوال العمر، وعلى وجهك وشم الالتزام إلى الأبد. في الوقت الذي يتقيأ فيه عليكِ، وتغيرين له "حفاظته" الملموثة. في اللحظة التي تتمنين فيها أن يتوقف عن التخريب في المنزل، تذكري أن كل ذلك سيمر ولا شيء يبقى على حاله. لا بأس من البكاء على زمن راحة البال. لكن الأمومة لها ثمن. وأذكرك بنفسك وابنك يقول لكِ إنه يحبك، كيف تنسين كل شيء وتعودين سعيدة جدًا.
الأمومة ليست ترفًا ولا نزهة بحرية. الأمومة لها ثمن
للأمهات قدرة على نسيان الألم وربما ذاكرتهن أفضل في تذكر المعاناة. فهي لا تذكر آلام الوضع القاتلة، والأيام التي تلتها من وجع ومعاناة، لكنها تذكر اليوم الذي لم ينم فيه ابنها حتى ساعات الصباح الأولى لأن بطنه آلمته. وقد قدّر كثيرون آلام الولادة بأنها كآلام الاحتضار وسكرات الموت.
بعد كل ما فات، لا تنزعجي أن ابنك يحاسبك بخصوص حاجة من حاجياته لم تأت له بها أو على طريقتك التي لا يراها جيدة في توجيهه. لا تنزعجي، الصبر هنا سيكون على طفل بدأ عقله في طرح الأسئلة، والإقناع، هو الوسيلة الأنجع في التعامل معه. لابد وأن يحصل على معاملة الكبار وتأكيد مسؤوليته عن أفعاله، يجب إشراكه في يومياتك وفي طريقة إعدادك لميزانية البيت وفي تدبير الأمور. يجب أن يشعر أنه جزء من المعمعة التي أنتِ فيها طوال الوقت. باختصار، الأم الوحيدة ليست واقعة في مشكلة، هي فقط تقوم بكل شيء وحدها. ولهذا هي أم عظيمة.
اقرأ/ي أيضًا: