02-يوليو-2016

تنام الدّولة اللبنانية في أحضان المحاصصة الطائفية (إنترت)

لم ينجح العنصريون في لبنان، وعلى مدى ستّ سنواتٍ من الحرب في سوريا، في تكريس عنصريتهم، لعبوا على الوتر المذهبي، ثم الديمغرافي فالأمني وفشلوا، برغم تمثيلهم تيّاراتٍ سياسيةٍ وازنة في البلد، إلّا أن المزاج الشّعبي عاكس مزاجهم، وأسقط كل الهواجس المصطنعة.

لم ينجح العنصريون في لبنان في تكريس عنصريتهم، لعبوا على الوتر المذهبي، ثم الديمغرافي فالأمني وفشلوا، برغم تمثيلهم تيارات وازنة في البلد

اقرأ/ي أيضًا: جبران باسيل ..العنصرية ضد السوريين كاستراتيجية

في الحضارة العربية، يظهر العربي أصالته بتغنّيه بحفاظه على بيته، ومن بنى حضارته بالحفاظ على بيته وكرامته لن يغادر وطنه بسهولة. أُجبر السّوريون على ترك وطنهم بفعل الحرب الدّائرة ونزحوا تحت الحديد والنّار، لمخيماتٍ يفتقر معظمها لأبسط مقومات الحياة الإنسانية، فالمخيمات بيئة خصبةً لانتشار الأمراض بغياب الفرز السّليم للخيم ومخلّفاتها، ونزحوا لضيعٍ تفرض عليهم حظر التّجوال في معظم الأحيان، ويرمقهم فيها البعض، بنظرات كراهيةٍ وتحريضٍ عليهم.

حصل تفجير القاع، وسبقه تصريحاتٌ نارية لوزير الخارجية جبران باسيل، ومعه رشيد درباس وسجعان قزّي، وزيري الشّؤون الاجتماعية والعمل، تحرّض على السّوريين وتتهمهم بسرقة "لقمة عيش" اللبناني، أي عمليًا تدعو لطرد السّوريين من الأعمال التي يؤدّونها في لبنان، بعد التّفجير، انضمت لباسيل أحزابٌ أخرى كانت حتّى الأمس القريب، تستغلّ اللاجئين وأزمتهم لبناء موقفٍ سياسيٍ تهاجم فيه حزب الله مثلاً، بعد هجوم القاع، قامت هذه الأحزاب السّياسية بحمل السّلاح، واضطهاد اللاجئين والمطالبة بترحيلهم، تارةً إلى أماكن آمنةٍ وطورًا إلى بلدانٍ أخرى؟ موقف الأحزاب كان متوقّعًا من قبل الجميع، وللاجئين أيضًا.

لكن الحملات لم تنفع في الضّغط على الرّأي العام اللبناني، مع أن بعض البلديات باشرت بتنفيذ قراراتٍ حازمة، كحظر التّجوال والتّدقيق والتّفتيش، والجديد أن أنشأ شبابٌ لبنانيون صفحة "مرصد العنصرية"، وذلك لملاحقة وكشف الممارسات العنصرية التي يقوم بها بعض الأفراد، والبلديات في حق اللاجئين، بهدف فضحهم للرأي العام ومحاسبتهم، فالبلديات مثلاً، منعت سكن أكثر من عائلةٍ سوريةٍ في عقارٍ مستأجر، أو في الأبنية والمستودعات والملاجئ دون تصاريح، ومنعت التّجوال على الدّراجات النّارية، كما أجبرت كل اللاجئين على الخضوع لإجراءات تفتيشية.

اقرأ/ي أيضًا: تفجيرات القاع.. تطرح أسئلة جديدة على اللبنانيين

أنشأ شباب لبنانيون صفحة "مرصد العنصرية"، وذلك لملاحقة وكشف الممارسات العنصرية التي يقوم بها بعض الأفراد والبلديات في حق اللاجئين

الصّفحة ترصد العنصريين، بينما تنام الدّولة في أحضان المحاصصة وتقاسم الحصص، في حين أن كان عليها العمل على إيجاد خططٍ أمنية، مع الثّناء على دور الجيش في كشف العديد من الخلايا، لحماية اللاجئين واللبنانيين على حدٍ سواء، لأن الخطر المحدق يهدّد الجميع، الحصار والتّضييق والعنصرية، عناصر ستفرز تطرفًا مستجدًّا، ولا يخدم أحدًا غير الإرهاب والمجموعات الإرهابية، لا اللبنانيين طبعًا، فالعنصرية وجهٌ آخر للداعشية، العنصري يدفع اللاجئ حتّى يرميه في أحضان الإرهاب، ومن بعدها يتباكى على ضحايا يسقطون بهجماتٍ إرهابيةٍ، له هو فيها اليدّ الطّولى.

معظم العنصريين، كحال معظم اللبنانيين، لهم أقرباء يعملون في الخارج، أفريقيا أو أوروبا أو أمريكا، لم يتخيّلوا لبرهةٍ أن ذويهم سيعاملون بعنصريةٍ في الخارج؟ أو سيطردون من أعمالهم ولبنان بلد يعتمد على أموال المغتربين من أبنائه؟ قبل أن يمارس الفاشي عنصريته، ليقلب المواقف، وليتخيّل نفسه لاجئًا في بلدٍ يعامله بطريقةٍ أقل ما يقال عنها، لا إنسانية.

اقرأ/ي أيضًا:

الإقطاع السياسي اللبناني.. ع السكين يا جمهور!

المستشار الإعلامي بالنكهة اللبنانية