20-أبريل-2016

فاروق سورات/ تركيا

كان رئيس جمهورية العراق الأسبق صدام حسين يقول قبل دخول القوات الأمريكية للعراق عام 2003، إنه "سيُسلم العراق تُرابًا لأمريكا". كُنا نسمع هذه العبارة ونعتقد أنه قادر على مواجهة بلاد الخمس وخمسين ولاية، وما قاله مجرد تحدٍ لصمودٍ سيكون.

مع دخول أول دبابة أمريكية للعراق أيقن الجميع أن صدام " سيسلم العراق تُرابًا"

مع دخول أول دبابة أمريكية للعراق أيقن الجميع أن صدام "سيُسلم العراق تُرابًا". لا أحد يعلم كيف سيُسلمه، هل سيُدمر كل شيء، أم سيستمر والقوات التي صرف أموال العراق عليها بالمقاومة ثم يقوم الجيش الأمريكي بدور "المُهدم"؟

اقرأ/ي أيضًا: تاريخ التسحيج.. من سحيجة علي بن أبي طالب إلى اليوم

مع أنها حرب ضروس، ومع أنها كانت بداية فتح طريق الخراب في المنطقة، إلا أن العراق لم يُدمر مثلما يحدث الآن في سوريا. سوريا، روح الوطن العربي وأوتار عوده، كانت هي الساحة التي طُبقت فيها مقول صدام التهديمية. حمل بشار الأسد وصية زميله البعثي العفلقي بإطارها السوري وطبقها على أرض الواقع على أتم وجه.

الواضح أن أدبيات حزب البعث التي لم تتطور وترتق بالإنسان، نفسها كانت موجودة في العراق واليوم في سوريا. بدأت بدم واستمرت بدم وستنتهي بدم. ذات العقلية البعثية الذكورية الهوجاء، التي تتزمت بالرأي ولم تر سوى أنها الحق.

لم يتعلم الأسد أن الأسود هي التي تحمي مملكتها، لا أن تكون أساسًا في خرابها، ولم يتعظ من صدام الذي كان سببًا بإيصال شعبه إلى ما هو عليه الآن، فراح ينفخ ريشه أكثر، وكلما نفخ ريشة كلما قُتل طفل وهُدمت عمارة فيها حكايات وتاريخ دمشقي.

استقوى بإيران وروسيا وبعض العراقيين، لكنه استقوى على شعبه. قال إنها مؤامرة لإسقاط سوريا، فكان شريكًا بها وأسقط الإنسان. كل هذا وما زال مُتمسكًا بمنصبٍ يستمد البقاء من دماء الأطفال والنساء.

معارضو بشار باتوا يشبهونه. جميعهم يدق طبول الحرب لأجل المغانم. جميعهم يرى في سوريا فرصة لكسب أكبر، بينما الضحايا بالعشرات يوميًا، مدن جُوعت، أطفال شردوا، نساء ثُكلن، شيوخ ذلوا.. لأجل من؟

كانت سوريا التي لم أزرها للأسف، ملاذ العراقيين وغيرهم من العرب وغير العرب، فقراء وأغنياء، مواطنين ومسؤولين. جميعهم كانوا يجدون في تلك البلاد مساحة للتنفس والراحة. كانت تتصدر أحاديث الناس عن طبيعتها وناسها. اليوم كذلك تتصدر نشرات الأخبار عن الدم والدمار.

اليوم ونحن في العام الخامس من أحداث سوريا التي اندلعت عام 2011، لم نشهد أي تطور في محادثات السلام التي يجريها ستيفان ديمستورا مع وفدي النظام والمعارضة. التطور الوحيد الذي نشهده في الحرب وارتفاع أعداد القتلى والمشردين.

اقرأ/ي أيضًا: تميمةُ العاجز.. أرسلها لتصبح عميدًا في البحرية!

يتحدث النظام وكأن سوريا مُلكه، وكذلك هم أعضاء وفد المعارضة. الطرفان يتناسيان ما يحدث للناس كل يوم. المعارضة في جنيف وإسطنبول، والنظام في مناطق دمشق الآمنة، بينما الصواريخ تتساقط فوق رؤوس الضحايا. لأجل من؟

يتحدث النظام وكأن سوريا مُلكه، وكذلك هم أعضاء وفد المعارضة

بعدما كُنا نستمتع بدراما سوريا، وأغانٍ سوريا، اليوم لا نعرف شيئًا عن سوريا سوى تلك التي يتصارع عليها "الأسد" المختبئ في قصره وعدد من أصحاب اللحى الطويلة الذين يُكفرون حتى أنفسهم. فلا سوريا الجمال والطبيعة، ولا سوريا ملعب العباسيين، ولا سوريا الجمال والأنوثة. اليوم، سوريا "الأسد" واللحى الطويلة.

اقرأ/ي أيضًا: 

الجولان المُحتل.. 50 عامًا من الوهم

جمعة الأرض.. لماذا احتشد المصريون؟