03-يوليو-2016

زهير حسيب/ سوريا

1

أقولُ لكلّ الحقولِ دعيني

أنا لا يجوزُ بأنْ تحضنيني

فإني أعيشُ بغيرِ بلادٍ

ولا قلبَ عصفورةً يحتويني

أعيشُ بظلِّ جراحِ البلادِ

ولونُ الحياةِ اختفى من عيوني

إذا متّ قبلَ طلوعِ النهار

فليسَ لزامًا بأنْ يدفنوني

إذا الأرضُ لم تحتملْني على ظهرها

كيف تحمُلني في حشاها كأي جنينِ

وحتى العيونُ التي أشتهيها

لأنّ بها ولعٌ بالكلابِ الشريدةِ والغيمِ فوضاه ملء المدى تشتهيني.

 

2

أنا قمرٌ في ليالي الغجرْ

أنا رمدٌ في عيونِ القمرْ

أنا إصبعٌ زائدٌ في يدٍ

أنا أصفرُ اللونِ بينَ الشجرْ

هنالكَ جرحٌ عميقٌ بجنحِ الحمامةِ لا تحسدوها على حمرة الريشِ

بل راقبوها إذا غسّلتْ جنحها بالمطرْ

أنا لا حقّ لي في البكاءِ

ولا صوتَ لي في نشيجِ النشيدِ

وهلْ للذي ضيّعَ الذاتَ في وطأةِ العجلاتِ

حقوقُ البكاءِ ككلّ البشَرْ.

 

3

أنا لا أجيدُ قراعَ القوافي ولا لونَ لي في القصيدِ

أنا لوحةُ الشعراءِ

سمعتُ الغناءَ بكوكبِ قلبي غريبَ المعاني

فصرتُ المترجمَ

صرتُ المعلمَ

صرتُ ألملمُ حبًّا تشرذمَ

فوقَ سطورِ الأماني

رأيتُ لدرويش بحرًا يفورُ بجمرِ الحنينِ فصرتُ البخارْ.

وتهتُ بجيكورَ بينِ النخيل أقطــّعُ شريانَ هذا النهارْ.

وما كنتُ في تونسٍ زهرةً لأقولَ: "إذا الشعبُ يومًا أرادَ الحياة َ

ولكن أقول: إذا الموتُ يومًا أصابَ القوافي

 فلا بدّ أنْ يستريحَ القطارْ..

 

4

قبضتُ مرتبَ آخرِ حرفٍ بكلّ الجرائدِ

ثمّ فككتُ قيودَ القصائدْ

وسامحتُ وجهًا أضاعَ ظلالي

وسرتُ إلى واقعيّ خيالي

وأسدلتُ خلفَ جراحي الستارْ.

غدًا يستريحُ زحامُ المدينةِ من صوتِ خطوةِ حرفٍ غريبٍ

بلا راثياتٍ ولا باكياتٍ ولا عاشقاتٍ لهذا الشرارْ

وتفقدني الذكريات

فمنْ كان يشعلُ فيها شموعَ الحنينِ ويسكبُ في راحتيها البحارْ...

غدًا سأرى سرّ هذا الضجيجِ وهذي الليالي وهذا الشعاعُ الأخير

غداً سأرى سرّ هذا النهارْ.

اقر/ي أيضًا:

رسالة حب أخيرة

لونيس أيت منقلات.. رحل من كانت تحبه حنايا البيت