14-أغسطس-2016

جمال طه/ الجزائر- فرنسا

وأفكرُ
النهر يختلف عن الماء الراكد
بين الأقواس الداكنة للتراب
النهر جارٍ
كالطريق
بقدمين من ماء 
وقعرٍ من وحل 
يحاول الطيران وها هو يغور
وينتشل أشلاء من الذاكرة 
كما تغرق الدمى فوق البريّة
كما تبتلُّ الأحلام فوق الوسادة بصرخةٍ 
مُنتشلة من الجسد
وتهيم في الآفاق
وأفكرُ 
لما عرّفونا على أدوات المخرج
على حياته وشهواته وصرخاته أمام قدم عشيقته 
على خروجه من "الكادر" كي يدير الأنفاس السوداء نحو الجبال 
لما قالوا لنا هو عشيق "آنا كارنينا"
ونحن ننتظر أن تتفتح الشاشة السوداء 
كالشامة من تحت ثديها الأبيض وأقواسُ قزح تنساب منه 
على عيوننا 
ثمة قليلٌ من القشِّ على ساقيها
وقف المشاهد وهو يتذمر حاملًا كأس الخمر في صالة السينما وسكبه 
كالنبع بين المقاعد المستديرة
ثمة نارٌ صغيرةٌ تنمو كالسنبلة بين الأفياء الرطبة 
للسينما
وماذا لو لم يقف المخرج وراء "الكادر" حيث بتنا نتخيله ثم وضع قليلًا من القشِّ على ساقها وهي مستلقية فوق بطن حبيبها 
على رمل البحر
كم مرة استلقيتُ على رمل البحر ولم ينبت القشُّ على ساقي ولا الرمالُ ارتفعت فوق جسدي؟ 
كأنني موجةٌ حيَّة من هذا المنبت 
لربما كنتُ موجةً حيةً من هذا المنبت 
كم مرة استلقيتُ على رمل البحر، علقِت أشنيات غامقةٌ قادمةٌ من الأعماق 
أو من أفواج الأسماك التي تذوي 
في الشِّباك 
علِقت رمال ثم ندمت متراخية مع الصدى الرطب للبحر 
لما يعود
علق زبدٌ واختفى 
مثل الأقحوان 
تفتت على الصخر..
كم مرة انقطع تنفّسي 
قبل أن يعود نورسًا
ثم أقول ماذا لو لم يسكب قشًا على ساقيها وتركها فارغة 
من فهمنا العبثيّ لمرورهِ في الكادر 
وراء الكاميرا وعلى جسد الممثلة 
عشيقةً وترابًا بضًّا لزراعة الصور،
أمام الكاميرا 
ماذا لو لم يضع رملًا وقشًا على ساقيها وتركها جرداء باردة لامعة منعكسة عاكسة للسماء الزرقاء 
ومع ذلك لا شيء يجري فيها 
لا شيء..
حرةٌ مثل فلّة مرتمية من منطادِ مخرجٍ مهووس صعد في السماء 
وبات يثقّب الغيوم 
كي ينزل الزبدُ خناجرَ
والصرخاتُ نشواتُ أقحوان غافٍ
والنهرُ
طريقُه الذي لم يسلكه 
مثل المرآة..

* العنوان من وحي فيلم "بييرو المجنون" للمخرج الفرنسي جان لوك غودار

اقرأ/ي أيضًا:

كش مات

احتمالات عابرة