22-فبراير-2016

يخاف الطغاة من الأغنيات و"الفيسبوك" (دافيد كيتوود/Getty)

وصل عدد مشتركي موقع التواصل الاجتماعي الشهير "فيسبوك" إلى 500 مليون شخص متعددي المشارب والثقافات والأعراق، تحوّل إلى ما يشبه دولة عظمى يفوق عدد مشتركيها عدد سكان الولايات المتحدة، وبات يشكل خطرًا تحسب له الدول ألف حساب وتخصص المليارات لمواجهة أخطاره.

تولي إسرائيل جهودًا لضبط الفضاء المفتوح في الشبكة العنكبوتية والخوض في غمار معارك على ساحات الفيسبوك

تولي إسرائيل جهودًا، للمرة الأولى، لضبط الفضاء المفتوح في الشبكة العنكبوتية والخوض في غمار معارك على ساحات الفيسبوك، وتجنّد هيئات مدنية لمحاربة "الإرهاب الإسلامي" على الشبكة. ويقول الجنرال الإسرائيلي المتقاعد عاموس يدلين: "دولة الفيسبوك هي الأكثر خطرًا في الشرق الأوسط".

في مؤتمر "سايبر تك" الدولي الذي عُقد في تل أبيب، قبل شهر، استعرض عاموس يدلين -رئيس معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) والرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية- التهديدات التي تواجهها إسرائيل في صراعها ضد معركة نزع الشرعية قائلًا: "الدولة الأكثر خطرًا في الشرق الأوسط هي دولة الفيسبوك، كونها تمتلك القوة والتأثير أكثر من قوة الجيوش العسكرية، وإسرائيل اليوم لا تخشى من تهديد عسكري على أراضيها وإنما من تهديد استراتيجي". 

وفي هذا السياق أعلن وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان عن تخصيص ميزانية 100 مليون شيكل لتطوير آليات المواجهة في ساحات الفيسبوك. وقال أردان صراحة، خلال مشاركته في المؤتمر: "لا بدّ من صياغة تفاهمات لوضع خطوط حمراء على الأحاديث والحوارات المتداولة في شبكة الإنترنت".

وعن الصراع اليومي في الفضاء الإلكتروني يقول أردان: "لا شك أن إتاحة حرية الحوار عبر شبكات التواصل الاجتماعي أمر مهم للغاية. فشركات عملاقة عابرة للحدود كـ"غوغل" و"فيسبوك" ليست مجرد شركات، بل إنها أقوى من دول حقيقية، وهي ليست جمعيات خيرية بل تجارية ربحية تجني المليارات، لذا يجب الحد من الفضاء المفتوح وإفساح المجال لمراقبة الإرهاب الإسلامي عبر وضع خطوط حمراء.. ومن غير المقبول استمرار الوضع على ما هو عليه الآن".

ومع انطلاق الربيع العربي، قبل خمس سنوات، أدرك الإسرائيليون باكرًا مدى أهمية شبكات التواصل الاجتماعي وتأثيرها في قيادة رياح التغيير التي تعصف بالمنطقة. حيث تبدي إسرائيل اهتمامًا منقطع النظير بالجانب الإلكتروني في شرق أوسط تحوّل إلى مجمر لنار ملتهبة. وبهذا الصدد نقلت صحيفة "معاريف" عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الرائد أفيخاي أدرعي قوله: "فعّلنا حساب تويتر قبل خمس سنوات ولدينا اليوم نحو 125 ألف متابع، أما الفيسبوك فقد دشنّا صفحة قبل ثلاث سنوات ونصف وفيها الآن ما يقارب 855 ألف صديق، وهذه الأرقام نقطة في بحر الملايين من المسلمين في الشرق الأوسط".

ليس بالأسلحة الحربية وحدها تُخاض الحروب، وبإمكان الخصوم دق طبول الحرب وامتطاء حصان الحائط الأزرق

ويضيف أدرعي ضاحكًا: "وتفاديًا لنفور رواد صفحاتنا، قررنا أن لا نسمي الصفحات باسم (جيش الدفاع الإسرائيلي) بل باسمي الشخصي لضمان تفاعل أكبر، فالجمهور يفضل التعامل مع شخص وليس مع جيش العدو.. وكم هو ممتع توجيه اللعنات لشخص بدلًا من منظمة الجيش".

أظهر أفيخاي قدرًا كبيرًا من النجاح في مهمته في إيجاد قناة تواصل مع شباب العالم العربي، ويتولى بنفسه إدارة هذا المشروع ولتعزيز وجود إسرائيل الإلكتروني في العالم العربي. أفيخاي يتقن اللغة العربية ودرسها أكاديميًا، كما تعود أصوله إلى جذور عربية ما يتيح له التحدث باللهجة الشامية.

أدرعي يستغل هذه المنصة لإيصال رسائل رسمية حول الأحداث الأمنية في إسرائيل، ونشر الصور ومقاطع الفيديو ونشر المعايدات والتبريكات للعرب والمسلمين لتلميع صورة جيش الاحتلال بلغة حميمة، إضافة لرسائل أخرى كحملة "كن بلال" -المستنسخة من حملة "كن يوسف"- الموجهة للمتابعين الشباب لمنعهم من القيام بعمليات الطعن التي تزلزل الساحة الإسرائيلية.

كما عيّن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل ست سنوات، أوفير جندلمان كمتحدث باسمه باللغة العربية للتواصل مع وسائل الإعلام العربية وشبكات التواصل الاجتماعي. وتنقل صحيفة "معاريف" عن جندلمان قوله: "في الصفحة الرئيسية لرئيس الوزراء على موقع الفيسبوك والتي أديرها باللغة العربية هناك 260 ألف معجب، وفي تويتر هناك 18 ألف متابع، وبالمجمل هناك 400 ألف شخص نستطيع التأثير عليهم بشكل مباشر عبر هذه الصفحات".

ولكن على الرغم من نجاح جندلمان في أداء مهامه، إلا أنه لم يصل لمستوى أفيخاي أدرعي في معارك الحائط الأزرق، لأنه -حسب خبراء- يهودي أكثر مما ينبغي وملامحه غربية على عكس أدرعي.

ليس بالأسلحة الحربية وحدها تُخاض الحروب، وبإمكان الخصوم دق طبول الحرب وامتطاء ظهر الحائط الأزرق في ساحات الافتراض لدرء المخاطر المحدقة وتحقيق أهداف أمنية دفاعية، عبر تأسيس "جيوش إلكترونية" لخوض الحروب بأساليب عصرية. فدولة الفيسبوك التي أحدثت ثورة في ثورة الاتصال المعاصرة تكرس لها الدول ميزانيات ضخمة.

اقرأ/ي أيضًا:
 
فونوغراف سماجة إسرائيل

صدام حسين.. حيٌّ في فيسبوك