12-يناير-2017

أفراد من الشرطة المصرية(محمد الشاهد-أ.ف.ب-Getty)

لم يعُد كافيًا بالنسبة إلى المواطن المصري أن يكون مصريًا حتى يدخل سيناء، حيث الأرض التي ارتوت بدماء أجداده. فقد فرضت الحكومة المصرية، مؤخرًا، إجراءات أمنية مشدّدة على العابرين عبر نفق الشهيد أحمد حمدي إلى الضفة الأخرى، حيث شبه جزيرة سيناء.

شبه مراقبون قرار فرض تصريح أمني على المصريين للدخول إلى سيناء، بقرار تقسيم عملي لمصر، يمنع جزءًا من المصريين من دخولها

تتمثل الإجراءات في أن يحملَ الشخص بطاقة هوية صادرة من سيناء أو "كارنيه أمن" صادر من جهة العمل إذا كان موظّفًا في جهة حكومية أو عاملًا بشرم الشيخ. أما بالنسبة للسائحين المصريين، فلا بدّ أن يشهر المواطن، الذي قرر قضاء إجازة الصيف أو عطلة نهاية الأسبوع، عقد ملكية أو إيجار شقة أو شاليه أو أن يحمل حجز الفندق الذي سيقيم فيه، أو صورة من الحجز.

اقرأ/ي أيضًا: سيناء..الأسئلة المحرمة

وردَّدت مصادر مقرَّبة من دوائر السلطة في مصر أن تلك الإجراءات غرضها إحكام القبضة الأمنية على شبه جزيرة سيناء وضبط عمليات تهريب المخدرات، ومنع تسلل عناصر إرهابية، وذلك بتوصية من سلطات نفق الشهيد أحمد حمدي، الذي يمرّ أسفل قناة السويس، ويربط بين شرم الشيخ والقاهرة.

ومَنْ لا تنطبق عليه الشروط الأمنية، سيتمّ ترحيله إلى محافظته مرة أخرى، وهو ما وصفه نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بـ"فيزا" خاصة لدخول سيناء.. بعدما كان عُرْف اشتراط تأشيرة لدخول تلك المنطقة الخطرة مفروضًا على حاملي الجنسية الإسرائيلية فقط، فقد كانوا يُمنحون تأشيرة تسمح لهم بدخولها دون تعدّيها إلى أي بقعة أخرى داخل مصر، وفقًا لبنود اتفاقية كامب ديفيد.

وهدَّدت مصادر رسمية، في أكثر من وسيلة ومناسبة، من أن تتسع دائرة الترحيل من نفق الشهيد أحمد حمدي فقط إلى جميع الأنفاق والمعديّات والطرق البرية والجوية بحجة تحديد هويات الوافدين إلى سيناء وحصرهم، حيث يُلزم العابرون بإشهار ما يعرف بـ"كارت أمني".

وأكَّدت مصادر أمنية أن القرار يُطبّق، صوريًا، على مدخل نفق الشهيد أحمد حمدي، أخطر أنفاق مصر، منذ مطلع العام الجاري. القرار استغربه الكثير من المعلقين، إذ إنه يهدد ما تبقى من السياحة الداخلية إلى سيناء، خصوصًا أنه يشمل محافظة جنوب سيناء، التي تقع داخلها بعض أهم مدن مصر السياحية، مثل شرم الشيخ، دهب ونويبع، والتي تعد بعيدة جدًا عن الهجمات الإرهابية المتمركزة بالأساس في محافظة شمال سيناء.

اقرأ/ي أيضًا: سيناء..ذلك البؤس في الشمال

وشبه مراقبون قرار فرض تصريح أمني للدخول إلى سيناء، بقرار تقسيم عملي لمصر، يمنع بقية المصريين من دخولها، واعتبروا أن السلطات المصرية قد فشلت في مهمتها في سيناء، فبدلًا من تأمين المنطقة، لتكون جاذبة للمزيد من السياح المصريين والأجانب، أصبحت تساهم في تطويقها ومنع الدخول إليها. خصوصًا أن القرار يأتي بعد أيام قليلة من حديث متواتر من أهالي سيناء عن فرض إجراءات مشددة عليهم في حال رغبتهم في الخروج منها إلى بقية المحافظات.

كما اعتبر الكثيرون الإجراءات الجديدة في سيناء، أنها إعلان فشل صريح من الأمن المصري في مهمة محاربة الإرهاب في سيناء. بينما ربط آخرون بين القرار من جانب، والتقارب الأمني والسياسي بين مصر وإسرائيل من جانب آخر، مع وضع سيناريو تخيلي، دون معلومات، بأن الكارت الأمني جاء بناءً على طلب من تل أبيب، خاصة أن قواعد التفتيش الشخصي قبل المرور بنفق أحمد حمدي، مشددة بالفعل.

ورجَّح متابعون أن يكون فرض "فيزا دخول سيناء" على المصريين، أيضًا، وفق شروط وصفوها بالمتعنِّتة لجيش الاحتلال الإسرائيلي مقابل خرق كامب ديفيد، إلى جانب شروط أخرى ستكشف عنها الأيام المقبلة.

وجدير بالذكر، أن سيناء تعاني من تزايد وتيرة العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة في الفترة الأخيرة، بعد فترة هدوء نسبي، وكان آخر تلك العمليات، الهجوم على كمين المطافي في مدينة العريش، والذي راح ضحيته أكثر من 9 مجندين.

اقرأ/ي أيضًا:

هل يشكل تنظيم الدولة في سيناء خطرًا على إسرائيل؟

استراتيجية داعش للتجنيد..الشباب أولًا