12-مايو-2016

من المعرض

يبرز "معرض فلسطين الدولي للكتاب" كوجهة ثقافية للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، الذي افتتحت نسخته العاشرة في مدينة رام الله بداية الأسبوع الجاري، تحت شعار "فلسطين تقرأ"، بمشاركة عشرات دور النشر الفلسطينية والعربية بشكل مباشر أو من خلال وكلاء محليين.

تحت شعار "فلسطين تقرأ" افتتح "معرض فلسطين الدولي للكتاب" في الضفة الغربية المحتلة

لا يقتصر الحدث الثقافي لهذا العام على زوايا بيع الكتب فحسب، بل تتخلله العديد من الأمسيات الثقافية وعروض الأفلام والمسرحيات وفعاليات أخرى منها "فضاء الحرية" وهو مساحة مجسمة تحاكي زنازين سجون الاحتلال وتقرّب للزائرين معاناة الأسرى في السجون، وذلك لاستقطاب أكبر عدد ممكن من القراء والمشاركين. إقبالٌ وصفه المنظمون الفلسطينيون بالـ"جيد جدًا"، في حين اعتبره الناشرون العرب "ضعيفـًا" مقارنة بمعارض عربية أخرى اعتادوا المشاركة بها سنويًا. 

اقرأ/ي أيضًا: لماذا مُنعت فرقة مشروع ليلى من دخول الأردن!

بحسب وزارة الثقافة الفلسطينية، فإن المعرض "يجسد مشهدًا من مشاهد فلسطين الثقافية، وحالة من حالات الصمود القادرة على انتزاع الحق في الوجود". وفي حديث لـ"ألترا صوت"، أكّد رئيس اللجنة المنظمة للمعرض عبد السلام عطاري، أن تنظيم الحدث وإدارته يعد ممتازًا مقارنة بالإمكانات الفلسطينية، والأوضاع الأمنية الراهنة، مثمنًا مشاركة الناشرين العرب في هذه التظاهرة الثقافية.

الأسعار.. آراءٌ متباينة

بالرغم من الفرصة التي يوفرها المعرض لزواره باقتناء إصدارات الكتب العربية، إلا أنه لم يسلم من بعض انتقادات رواده فيما يتعلق بالأسعار. "لم أشعر بخصومات حقيقية، ولم ألمس اختلافًا عن أسعار متاجر الكتب" يقول أحد الزوار، ويتفق القائم على المكتبة الشعبية في فلسطين، خالد خندقجي، مع الرأي السابق، مؤكدًا أنه لاحظ ارتفاعًا على بعض أسعار الكتب مقارنة بسعرها في الأردن. ويبدي خندقجي استغرابه قائلاً: "من المفترض أن تراعي دور النشر العربية الخصوصية الفلسطينية، خاصة أن الكتب معفاة تمامًا من الضرائب، ورسوم الشحن منخفضة".

"أحيانًا يقدم الموكلون خصومات لا بأس بها، إلا أن دار النشر صاحبة التوكيل لا تلتزم بذلك" يتابع خندقجي، مشيرًا إلى ما قد تتسبب به الخطوة من عزوف عن الشراء. أما القائم على دار الأمجد الأردنية للنشر، محمد الطنبور، فيقول: "الوضع المادي هو السبب الرئيس. نقدم خصومات جيدة جدًا إلا أن الأسعار تبقى مرتفعة بالنسبة لذوي الدخل المحدود".

في المقابل، يشير رئيس اللجنة المنظمة للمعرض، عبد السلام عطاري، إلى اعتياد المواطنين على أسعار الكتب المزورة المنتشرة بكثرة في الأسواق الفلسطينية، وينوه قائلًا: "جميع الكتب في المعرض أصلية، وسعرها موافق للتسعيرة العالمية، إضافة إلى خصومات ممتازة، إلا أن أسعار الكتب المزورة تبقى عالقة في ذهن القارئ، فتبدو الأصلية باهظة عند مقارنتها بالمزورة".

اقرأ/ي أيضًا: مهرجان فاس للموسيقى الروحية يكرم "نساء مشيّدات"

الكويت ضيفـًا للشرف

يحتفي المعرض لهذا العام بدولة الكويت كضيفٍ للشرف، والتي شاركت بوفدٍ من الفنانين والمثقفين، على رأسه وزير الإعلام سلمان الصباح. لم تُحدث الزيارة -الأشبه بالرسمية- أي صدى في الشارع الفلسطيني، إلا أنها لاقت انتقادات لاذعة من قبل شريحة من الكويتيين والسياسيين، الذين اعتبروها "تطبيعًا صريحًا وانتهاكا للقانون الكويتي (رقم 21 لسنة 1964) في شأن القانون الموحد لمقاطعة إسرائيل"، على حد تعبيرهم. 

فلسطينيًا، لم تصدر عن حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) أي بيانات تذكر في شأن الزيارة الكويتية، إذ أكد أحد منسقيها، محمود نواجعة، لألترا صوت عدم توفر معلومات كافية عن تفاصيل الزيارة. في حين، اعتبر رئيس اللجنة المنظمة للمعرض، عبد السلام عطاري، زيارة الكويت "كسرًا للحصار المفروض على الفلسطينيين"، مؤكدًا أن زيارة الوفود العربية كافة تمت عبر تصاريح وليس تأشيرات دخول، منوهًا إلى أن دخول وزير الإعلام الكويتي تم عبر مروحية هبطت في رام الله قادمة من العاصمة الأردنية بشكل مباشر، دون أي احتكاكٍ مع الجانب الإسرائيلي.

بحسب معايير الحملة الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، فإن زيارة العرب لا تندرج تحت التطبيع إذا تمت بتصريح من سلطات الاحتلال (أي دون ختم جواز السفر)، وليس بتأشيرة دخول (فيزا)، وذلك "تأكيدًا على رفض التعامل مع دولة الاحتلال كدولة طبيعية" بحسب نصها، بالإضافة إلى تجنب "الانخراط بأية أنشطة مشتركة، مباشرة أو غير مباشرة، مع أي طرف إسرائيلي تحت أي ذريعة، وبغض النظر عن الطرف المنظم"، علمًا أن قطاع واسع من الفلسطينين ينظر إلى التطبيع في شأن الزيارات العربية، بأنه غير قابل للجدل، وأن لا فسحة لدخول أي عربي عبر حدود فلسطين المحتلة إلا بموافقة وتسهيلات من دولة الاحتلال، وهو ما يعيد النقاش دوما إلى الحلقة الأولى، زيارات العرب بأذونات إسرائيلية مهما تنوعت أشكالها ما هي إلا محض تطبيع.

عقباتٌ لا بد عنها

تمامًا كمختلف القطاعات في فلسطين، يقف الاحتلال الإسرائيلي عقبة أمام القطاع الثقافي. فقد رفضت السلطات الإسرائيلية السماح لبعض الزوار العرب من دخول فلسطين لغرض المشاركة في فعاليات المعرض. إضافة إلى عرقلة شحن كثير من المنشورات اللبنانية والسورية إلى فلسطين. 

إسرائيل تمنع غالبًا دخول منشورات من دول لا تقيم علاقات معها كسوريا ولبنان والسعودية 

"إسرائيل تمنع غالبًا دخول منشورات من دول لا تقيم علاقات معها، كسوريا ولبنان والسعودية وغيرها" يقول القائم على المكتبة الشعبية في فلسطين، خالد خندقجي. إلا أن منظمي المعرض أكدوا تمكن بعض دور النشر الفلسطينية من إدخال بعض المنشورات اللبنانية عبر موكلين، إلا أن شحنات ظلت عالقة حتى اليوم ولم يسمح الاحتلال بدخولها، كما يؤكد ناشرون مشاركون في المعرض. 

اقرأ/ي أيضًا: صفاقس.. مقهى من أجل الفلسفة

ونظرًا للفصل الجغرافي الذي تعاني منه الأراضي الفلسطينية، فقد حرم قراء قطاع غزة مجددًا من ارتياد معرض الكتاب الدولي، نظرًا لاستحالة وصولهم إلى الضفة الغربية المحتلة. 

وبعيدًا عن أثر الاحتلال الإسرائيلي، أبدى أحد القائمين على دار نشر أردنية امتعاضه من تنظيم المعرض، مؤكدًا أنه خسر فرصة المشاركة في "معرض فلسطين الدولي" لأسباب تتعلق بتكاليف وتسهيلات الشحن. وجاء في نصٍ ورد على صفحة المعرض الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "نسجل عليكم كل العتب لتصرفاتكم غير الواضحة، راجين تبريرها. قبلتم اعتذار مؤسسات كبيرة عن المشاركة نتيجة ارتفاع أسعار الشحن التي بلغت 17 دولارًا للصندوق". هذا ولم يتسنّ لـ"ألترا صوت" التواصل مع صاحب الشكوى.

وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي عند إعلان برنامج المعرض، اعتراضات على جدول الأمسيات والدعوات، وهو ما يعزوه كثيرون لحالة التحزب الثقافي وتعدد الأجسام والفئات الثقافية في الحالة الفلسطينية، ما جعل هذا الجدل سمة غالبة على مجمل النشاط الثقافي، مع اختلاف حدته بين مناسبة وأخرى.

الجدير بالذكر أن معرض فلسطين الدولي للكتاب ينظم بشكل دوري كل عامين، باستثناء فترة محدودة من الانقطاع إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية قبل سنوات.

اقرأ/ي أيضًا:

ريم البنّا.. مكرمة في قابس

الثورة والجرافيتي.. ذاكرة للحب والشهداء